لفلي سمايل

سقوط طليطلة وبعض دويلات الطوائف - دويلات الطوائف

تاريخ الإضافة : 25-1-1434 هـ

الباب الثالث: دويلات الطوائف وملوك المغرب

 

الفصل الأول : دويلات الطوائف

 

رابعاً: سقوط طليطلة وبعض دويلات الطوائف

 

* عام 478 هـ - 1085م خطة ألفونسو:

- في شهر محرم الحرام سنة 478 هـ، كان إيواء طليطلة لألفونسو السادس بن فردلند – أيام هربه – نقمة عليها، وسبباً لسقوطها، إذ تذكر بعض الروايات: أن ألفونسو استمع ذات يوم وهو متظاهر بالنوم إلى حديث المأمون – الذي أعطاه ما أعطاه – مع وزرائه في كيفية الدفاع عن طليطلة واحتمال مهاجمة النصارى لها، واستيلائهم عليها، وكيف يمكن ذلك؟ وبأية وسيلة؟ وقد أجاب بعضهم أن النصارى لا يستطيعون الاستيلاء على مدينة بمثل هذه الحصانة إلا إذا أنفقوا سبعة أعوام على الأقل في تخريب أحوازها (أراضيها) وانتساف مؤنها.

 

* الحصار والانهيار:

- وبعد أن عاث ألفونسو فساداً في ممتلكات طليطلة سبع سنوات كاملات قام بضرب الحصار على المدينة، وضيّق عليها الخناق حتى أعطى ألفونسو الأمان لأهلها بضمان حرياتهم واحترام شعائر دينهم وحقوقهم، وأنى يفي من يتصف بالطابع الصليبي؟ وكيف يتمسك بالعهود صليبي متعصب؟ فقد ارتكب بعد شهرين فقط بحق أهل طليطلة الأفاعيل، وحولت المساجد ومن بينها الجامع الكبير إلى كنائس.

 

سقوط طليطلة وبعض دويلات الطوائف - دويلات الطوائف

جيش ألفونسو يقتحم طليطلة

 

* دعوة الشعراء للانهزام:

- ولمعرفة المصيبة التي ألمت لو أجريت مقارنة بسقوط عاصمة من عواصم المسلمين بيد الأعداء في هذا الزمن، القدس مثلاً بيد الأعداء، فهذا الشاعر المشهور ابن العسّال يقول معبراً عما يجيش في النفوس:

 

حثوا رواحلكم يا أهل أندلس          فما المُقال بها إلا من الغلط

السلكُ ينُثر من أطرافه ورأى           سلك الجزيرة منثوراً من الوسط

من جاور الشرك لا يأمن عواقبه          كيف الحياة مع الحيّات في سفط؟

 

* أين العز؟!:

- أما قوله هذا دال على استكانة وخنوع؟ فهل تُهجر الأرض لمجرد سقوط منطقة أو مدينة منها؟ أم ينبغي أن يكون حافزاً لمزيد من الاستعداد والإصرار على الجهاد والمصابرة في اللقاء كما يقول الشاعر:

 

فؤادي يحسُّ وقلبي معي           وروحي تثور وعقلي يَعي

وفي عزمتي عناد الجهاد              أراه يقيناً ولا أدّعي

 

* الألم بسقوط طليطلة:

- وقد نظمت أشعار كثيرة لما سقت طليطلة، تبين الواقع المؤلم الذي أصاب المسلمين، وتلقي اللوم على تقصير ملوك الطوائف ومسؤوليتهم، إنما كان هذا سببه السياسات المنحرفة التي يمارسونها، فقد أورد المقري قصيدة طويلة لشاعر أغفل اسمه في المدينة المنكوبة:

 

لثكلك كيف تبتسم الثغور؟         سروراً بعدما سُبيتْ ثغورُ

لقد قُصمتْ ظهور حين قالوا       أميرُ الكافرينَ له ظهورُ

طليطلة أباح الكفر منها       حِماها إنّ ذا نبأ كبيرُ

مساجدها كنائس، أيُّ قلب      على هذا يَقَرَّ ولا يطيرُ

فيا أسفاه، يا أسفاهُ حزناً       يكرًّرُ ما تكررت الدهورُ

يطولُ عليَّ  ليلي، ربَّ خطب       يطول لهوله الليلُ القصيرُ

وقيل تجمَّعوا الفراقِ شمل       طليطلة تملكها الكَفورُ

ولا تجنحْ إلى سلم، وحارب       عسى أن يُجبر العظمُ الكسيرُ

ونرجو أن يتيح الله نصراً        عليهم، إنه نعمَ النصيرُ

 

سقوط طليطلة وبعض دويلات الطوائف - دويلات الطوائف

مئذنة أثرية قديمة في شنتمرية ( سانتا ماريا )

 

* عام 478 هـ - 1085م حصار سرقسطة:

- كان سقوط طليطلة في عام 478 هـ، ثم سقطت بيد ألفونسو عدد من أعمال المناطق التابعة لها فدخل "طلبيرة" وأعمال "شنتمرية" كلها، ثم تحرك إلى "سرقسطة" عاصمة الشمال فحاصرها.

 

* عام 478 هـ - 1085م سقوط بلنسية:

- وفي هذه الفترة تحرك القادر بالله الذي سلم طليطلة إلى ألفونسو ليضم "بلنسية" من قِبل ألفونسو، وتمكن من أن يبسط السيطرة عليها، وبدأ يرهق سكانها بالضرائب التي ينبغي عليه أن يدفعها لألفونسو حتى يسكت عنه.

 

سقوط طليطلة وبعض دويلات الطوائف - دويلات الطوائف

قبة المحراب والجمال الأندلسي البديع في مسجد قرطبة الكبير

 

* مرتزقة القنبيطور:

- أراد المستعين بالله "أحمد بن يوسف" أخو القادر أن يستعين "بالقنبيطور"- زعيم عصابة تشكلت من الفرسان النصارى، تبُاع وتُشترى خدماته من قبل الأمراء المسلمين أو النصارى سيان للمرتزقة من أين يأتي المال؟ من المسلمين أم من النصارى؟

- تحرك "القنبيطور" وجماعته المرتزقة وعددهم أربعة آلاف فارس يدعم المستعين بالله الذي معه ثلاثة آلاف فارس لإعادة حكم بلنسية، لكنه اعتذر فجأة عن المتابعة، إذ راسله القادر بالله سراً وأرسل له أضعاف ما أمده بها أخوه بالتحف والهدايا، محتجاً بأن القادر حليف ألفونسو، وأنه لا يريد أن يزعجه!

- ولم يكتف "القنبيطور" بذلك بل راسل المنذر- عم المستعين وخصمه – يعقد معه المودة ويتعهد بأن يتحالف معه ضده ولكن أرسلِ الأموال! ومن ثم أرسل "القنبيطور" إلى ألفونسو رسالة يقول فيها: أنا تابعُ لك بشرط أن تكون أية منطقة أدخلها تحت تصرفي، وإدارة حكمي، فوافق ألفونسو على ذلك، يلعب على جميع الحبائل ويراسل للحصول على المال فقط.

- جمعّ "القنبيطور" سبعة آلاف مرتزقة "مقاتل" فيأخذ ما يريد بقوة، ويحصل على ما يريد بالتهديد، ولما تحرك تجاه "بلنسية" أعلن القادر حاكمها أنه تحت تصرف "القنبيطور" وأنه سيرسل إليه الضرائب ويجمع الأموال، وأنه في بداية أمره سيعطيه كلَّ مطالبه.

- تصوّر هذا الطاغية أن أمراء الطوائف كافة غَدَواْ رهن إشارته، وانه سيقضي عليهم الواحد بعد الآخر، فسقطَت تحت يده ثمانون منبراً من المدن والقرى لذلك علَتْ منزلته بين النصارى، فلقبوه: بالإمبراطور "ألفونسو".

 

- لكن الأمور لم تجر على هواه كما قال الشاعر:

 

ما كل ما يتمنى المرء يدركه         تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

 

- فإنه لما طغى وبغى، ونشر عتوّه في الأرجاء الأندلسية دون التزام بعهد، أو حفاظٍ لخلق، أو مراعاة للإنسان، قدّر الله أن يرسل عليه من يطارده، ويثلم سيفه ويكسر من حدته، وحق على الله أنه ما ارتفع شيء من الدنيا إلا وضعه.

 

سقوط طليطلة وبعض دويلات الطوائف - دويلات الطوائف

منظر لكاتدرائية مسيحية بداخل المسجد

 

* عام 478 هـ - 1085م علماء المسلمين يستعينون بالمرابطين في المغرب:

- بعد هذه الأحداث المريرة التي جرت أهوالها في الأندلس عام 478 هـ، وبعد سقوط طليطلة فقد علماء المسلمين الأمل بأن يأتي العز وحماية المسلمين من الحكام والأمراء في دويلات الطوائف، وخشوا أن تضيع الأندلس برمتها، فشكلوا وفداً وذلك للتوجه نحو المغرب الأقصى الشمال الإفريقي حيث المرابطون، وجاءت دعوة المرابطين للتدخل وإنقاذ الأندلس من عدة جهات أهمها:

1- علماء الأندلس الذين تجمعوا على رأي الإمام الباجي.

2- من مراسلات المعتمد بن عباد إلى يوسف بن تاشفين بعد تهديد ألفونسو له.

3- ومن مبادرة المتوكل (عمر بن محمد) أمير دويلة "بطليوس" الذي كان متأثرا بدعوة الباجي رحمه الله والقائمة على:

1- الدعوة إلى وحدة الأندلس  وجمع أمرائها.

2- الاستعانة بالقوة الإسلامية في المغرب (المرابطين).

 

- اتجه الوفد الأندلسي عام 474 هـ أي قبل سقوط طليطلة، يستعطف قلب ابن تاشفين أمير المرابطين للتدخل لإنقاذ أهل الأندلس، وشكَوْا إليه ما حل بهم من أعدائهم ، فوعدهم بمرادهم، وبدأ بالاستعدادات اللازمة، وأعد العُدة، ولكن لماذا تأخر هو؟ وما السبب الذي آخر المرابطين؟ ومن هم المرابطون؟ ومن هو يوسف بن تاشفين؟

 

* المرابطون:

- قبيلة من البربر تدعى "لمتونه" ويسمون لذلك باللمتونيين، ولأن البربر يتلثمون يقال لهم أحياناً "المتلثمون" قاموا بتأسيس دولة إسلامية عظيمة في المغرب كان لها دور عظيم في الأندلس، فإلى مرحلة وعهد المرابطين.

 

سقوط طليطلة وبعض دويلات الطوائف - دويلات الطوائف

المسلمون ينتظرون العون من المرابطين

مواضيع ذات صلة

تفكك الأندلس - نهاية الأندلس الأندلس التاريخ المصور تفكك الأندلس - نهاية الأندلس
التحرك نحو فتح شمال الأندلس الأندلس التاريخ المصور التحرك نحو فتح شمال الأندلس

إضف تعليقك

فضلا اكتب ماتراه فى الصورة

تعليقات الزوار (0)

ملاحظة للأخوة الزوار : التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع لفلي سمايل أو منتسبيه، إنما تعبر عن رأي الزائر وبهذا نخلي أي مسؤولية عن الموقع..