الباب الثاني: الدولة الأموية في الأندلس
* الفصل الأول: عبد الرحمن الداخل (صقر قريش):
* صقر قريش:
- قال أبو جعفر المنصور لندمائه وجلسائه يوماً: من صقر قريش؟ قالوا: أمير المؤمنين (أي أنت) الذي راضَ الملك، وسكَن الزلازل، وحسم الأدواء، قال: ماصنعتم شيئاً. قالوا: فمعاوية، قال: ولا هذا، قالوا: فعبد الملك بن مروان، قال: لا، قالوا: فمن يا أمير المؤمنين؟ قال: عبدالرحمن بن معاوية، الذي تخلّص بكيده عن سنن الأسنة وظَبْأة السيوف، يعبُر القصر، ويركب البحر، حتى دخل بلداً أعجمياً، فمصّر الأمصار، وجند الأجناد، وأقام ملكاً بعد انقطاعه بحسن تدبيره وشدة عزمه. إن معاوية نهض بمركب حمله عليه عمر وعثمان وذللا له صعبَه، وعبدالملك ببيعة تقدمت له، وأمير المؤمنين (أي نفسه) بطلب عترته واجتماع شيعته، وعبدالرحمن بن معاوية منفرداً بنفسه، مؤيدا برأيه، مستصحباً بعزمه، هذه قصة رجل فريدة، رجل مطارَد، مطلوب الرأس، مشرّد يُبحث عنه في كل مكان، يستطيع أن يتجاوز كل هذه المخاطر والصعاب، وينشئ ملكاً وحده، ويسيطر على الأندلس كلها، بل وتثور عليه خمس وعشرون ثورة فيقضي عليها كلها ويخضعها. فأية إرادة؟! وأية قوة مستندة إلى عزيمة كان يملكها ذلك الرجل ؟!
* صفات فذة:
- قال ابن حيان القرطبي شيخ المؤرخين الأندلسيين يصفه: كان الإمام عبد الرحمن راجحَ العقل، راسخَ الحِلم، واسعَ العلم، كثير الحزم، نافذ العزم، لم تُرفع له رايةٌ على عدو إلا هزمه، ولا بلد إلا فتحه، شجاعاً، مقداماً، شديد الحذر، قليلَ الطمأنينة، لا يخلد إلى راحة ولا يسكن إلى دعة، ولا يَكِلُ الأمرَ إلى غيره، كثير الكرم، عظيمَ السياسة، يلبس البياض ويعتمُّ به ويؤثره، يعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويصلي بالناس ـإن حضرـ في الجُمع والأعياد، ويخطب بنفسه، جنّد الأجناد وعقد الرايات، واتخذ الحُجَّابَ والكُتَّاب، وبلغت جنوده"100"مائة ألف فارس.
* عبد الرحمن الداخل:
113هـ |
ولد في دمشق. |
132هـ |
خرج فاراً من ملاحقة العباسيين في المغرب. |
136هـ |
خرج فاراً إلى ليبيا. |
138هـ |
عبر المضيق إلى الأندلس. |
140هـ |
تولى إمارة الأندلس. |
172هـ |
توفي الداخل. |
- |
كان حازماً قوياً يباشر أعماله بنفسه أخمد خمساً وعشرين ثورة قامت ضده. |
- |
يعتبر حكمه بداية قيام الأندلس الحديثة. |
العباسيون يطاردون بني أمية ويتبعون عبد الرحمن بن معاوية الداخل (صقر قريش)
* الإرادة:
- هذه هي قصة الإرادة تمثلت في شخص، وقصة الطموح تمثلت في رجل! مع ما عليه من ملاحظات أذكرها في حينها، وكما قال الشاعر:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلُّها كفى المرءَ نُبلاً أن تعدَّ معايبُه
- استطاع أن يؤسس الدولة الأموية في الأندلس بعد أن سقطت في المشرق.
- قصة ينبغي على كل شاب أن يتفهم معانيها، وندرِّسها ناشئتنا، وفي التاريخ دروس وعبر، ترفع من الهمم التي فترت وتسقي الطموح الذي بدأ يذبل في النفوس في عصر العولمة.
- إذا وُجد الإيمان وتوفرت الإرادة لا يقف أمامها شيء، ولا تحدُّها صعاب، حتى ولو كان الإيمان محدودا ًوكانت الإرادة صادقة لفعلت شيئاً وانتصر الإنسان بها.
كن عزيز النفس عالي المرتقى داعيَ الإسلام لا داعي النِّحَلْ
- وإذا تعلق قلب الإنسان بالله أتاه النصر،قال تعالى:{ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيم } آل عمران:126 ، لم يكن عبد الرحمن متميزاً بالعلم الشرعي ولا بالدعوة، ولكنه تميز بالإرادة والقوة، يقول العلماء: إذا تمسك الناس بالإسلام فالنصر آت، أما إذ اترك الناس الإسلام فالنصر للأقوى.
- أمتنا في هذا العصر تركت الإيمان وتركت الهمة، بل خمدت، مع أن الآية الكريمة تخاطب المسلمين قال تعالى:{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } آل عمران:139 ، ويقول تعالى:{ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ } محمد:35. ومثال ما يجري في فلسطين شاهد على أن صاحب الهمة لا تقهره القوى الطاغية.
- وكذلك هذا المثال من التاريخ (قصة عبدالرحمن الداخل).