الباب الثاني: الدولة الأموية في الأندلس
الفصل الثالث: عهد الخليفة عبد الرحمن الناصر
* ملخص أحداث عهد عبد الرحمن الناصر
300 هـ |
تولى عبد الرحمن الناصر للإمارة. |
325هـ |
بناء مدينة الزهراء(الأسطورة التاريخية). |
301هـ |
هزيمة ابن حفصون أمام الناصر. |
301هـ |
سيطر على إشبيلية وأخضع سرقسطة. |
304هـ |
النصارى يدخلون طليطلة ويخربونها ويحرقون مسجدها. |
305هـ |
جيش الناصر يحاصر (سانت استيفان) لكن الجيش ينسحب ويقتل قائده. |
308هـ |
معركة الفرج وغزوة موبش وكان الانتصار فيهما للناصر. |
313هـ |
الناصر يهزم القوط النافاريين في عدة معارك. |
314هـ |
موت شانجة ملك نافار وقيام الملكة (طوطة) بالوصاية على غرسية بن شانجة. |
314هـ |
سيطرة الفاطميين على المغرب. |
318هـ |
الفاطميون يهاجمون عبر البحر لكن الناصر أبعد خطرهم. |
326هـ |
فتح الناصر لسرقسطة. |
327هـ |
غزوة الخندق التي هزم فيها الناصر. |
329هـ |
أعاد الناصر الثقة إلى جنده واقتحم حدود مملكة ليون. |
350هـ |
وفاة الناصر- رحمه الله تعالى. |
* عهد الناصر....حقائق وعبر:
- نجم لامع في سماء الأندلس، وصفحة بيضاء من تاريخها، وحاكم لم يعرف الدهر له مثيلاً، ولو أن العظمة والأمجاد تخلد أصحابها في الدنيا لكان الناصر من أحقهم بذلك.
ولو جاز الخلود خلدتَ حيا ولكن ليس للدنيا خليل
- ولمَ لا وهو الكريم ابن الكريم سليل صقر قريش (عبد الرحمن الداخل).
أفعال من تلد الكرام كريمة يتوارثون الجود والإقدام
* ومع ما ذكرناه من عظمة الناصر وتمكنه من الخلافة فإنني أجد من واجبي التوقف مع بعض الأمور:
- التطور العمراني والحضاري الهائل الذي حدث في عهد الناصر كان إنجازاً عظيماً سجله له التاريخ وخلد اسمه في مصاف العظماء، لكن أن ينتج عن ذلك الإسراف والتبذير في بناء القصور بالذهب وأنواع الحجارة الباهظة الثمن - كما مر في وصف الزهراء وما فيها - ويُتفنن في نحت التماثيل الضخمة والتي لا تحل شرعاً فهذا مما يؤخذ على الناصر -رحمه الله تعالى- ومما يزيد الأمر سوءاً أن يكون هذا التبذير من بيت مال المسلمين مع أن الحاكم مؤتمن عليه لا مالك له.
* فمن الذي أعطى الحق للحكام أن يتصرفوا بأموال الدولة ويلعبوا بها خارج نطاق مسؤولياتهم وأمانتهم؟
- إن النبي صلى الله عليه وسلم عين والياً على بعض مناطق المسلمين - يدعى ابن اللتبية - فجاء بعد ذلك ومعه هدايا ومقتنيات فجعل يقسم الهدايا يقول: هذا أهدي إلى وهذا لكم فاشتد غضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام خطيباً في أصحابه يقول:( أما بعد: فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله عز وجل فيأتي فيقول: هذا لكم وهذا هدية أهديت إلي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فنظر أيهدى إليه أم لا ) رواه مسلم وابن خزيمة.
- فإذا كان الحاكم يُحاسب على الهدايا التي تأتيه وهو على كرسي الرئاسة فكيف بمال المسلمين الذي ائتمنه الله عليم؟!
- والمؤلم أن يكون هذا النظام الرقابي الصارم النابع من تعاليم ديننا قد تلقفه الغرب اليوم وطبقوه على رؤسائهم ومسئوليهم، بينما نراه مهملاً عندنا فترى أموال المسلمين تهدر وتنهب وتسرق ولا يجرؤ أحد أن يحاسب المسئولين عن ذلك.
- العفو الثاني أعطاه الناصر لملكة نافار (طوطة) وحفيدها (غرسية) وإعادتهما للحكم بعد غدرا به أول مرة كان عفواً في غير محله، فقد قال رسول الله صلى الله تعالى:( لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين ) رواه الشيخان. وإن الحزم كان يقتضي محاسبتهما على الغدر الأول وعدم إعادتهما للحكم ثانية:
ومن البلية عذر من لا يرعوي عن غيه وخطاب من لا يفهم
- وقد اتضح أثر هذه الزلة حينما تحالفت الملكة (طوطة) مع ملك ليون وجهزا الجيوش لمحاربة الناصر وقد استطاعا بتحالفهما هزيمة المسلمين في معركة سميت بالخندق، فما ينبغي للمسلمين أن تأخذهم الرأفة بعدو ماكر حاقد فيستغل طيبتهم وتسامحهم.
- إن المطالع لتلك الحقبة من التاريخ يذهله التطور الحضاري الذي كان عليه المسلمون بينما كان القوط والفرنجة وما أصبح اليوم فرنسا وأوربا قبائل همجية لا تعرف شيئاً عن الحضارة.
أيام كانت قصور الملك عالية كان الفرنج إلى الغابات آوينــا
وحين كنا نجر الخــزأردية كانوا يسيرون في الأسواق حافينا
- إن المسلم الذي يربط حاضره بماضيه لا تزال في نفسه العزة والهمة التي بنت تلك الأمجاد، وإن قوماً كانوا أئمة الدنيا وشعلة الحضارة فيها لا يليق بهم أن ينحدروا إلى المستوى الذي نحن فيه فيصبحوا تابعين بعد أن كانوا قادة، وينقلبوا مقلدين بعد أن عمرت الدنيا باختراعاتهم وابتكاراتهم.
- فلتكن دراستنا لذلك التاريخ المجيد دافعاً ومحفزاً لنا لننهض من جديد، فليس القوة أن لا تسقط أبداً إنما القوة أن تسقط ثم تنهض من جديد.
سائلوا التاريخ عنا ما وعى من حمى حق فقير ضيعا؟
من بنى للعلم صرحا أرفعا؟ من أقام الدين والدنيا معا؟
سائلوه، سيجيب: المسلمون
المسلمون يرصدون الجواسيس والمرتزقة في المدن الأندلسية في عهد الناصر