الفصل الثالث: عهد الولاة
* عهد الولاة..حقائق وعبر:
- عهد جديد بدأ فيه نشر الدعوة وتوطيد دعائم الإسلام في الأندلس ولم يكن أقل أهمية من فتحها وإن عكرت صفوه فترات حكمتها العصبية القبلية والحمية الجاهلية.
- لقد قامت الجيوش المسلمة بفتح المدن في الأندلس لإزالة الحواجز أمام دعوة الله، ثم جاء دور الولاة لينشروا تلك الدعوة وليثبتوا أنهم ما جاؤوا إلا للهداية والعدالة والنور، فكان نتيجة ذلك أن دخلت الأفواج من أهل الأندلس تباعاً في دين الله.
لما رأى القوم جنداً فاتحين سمت أخلاقهم حكموا بالعدل واللينِ
وأيقنوا أن هذا الفتح مبعثه نور وهدى أقر الناس بالدينِ
* ونشير في هذا العهد إلى نقاط هامة:
- إن توطيد دعائم الحكم في الأندلس وثباتها أمام هجمات الصليبيين وحكام فرنسا ما كان ليتم لولا تمكن الإسلام في قلوب كثير من أبنائها، ويعد هذا إنجازاً عظيماً في عهد الولاة بلغوه بالإخلاص في الدعوة وصدق النية وحسن المعاملة، حتى وصل عدد المهتدين على يد أحد الولاة ألفي مهتد أسلم على يده، وهكذا المسلم أينما حل وارتحل سفير دائم لدينه بأخلاقه وسيرته وتعامله، يحمله على ذلك تعاليم الإسلام وحبه لهداية الآخرين..
- فإندونيسيا -أكبر بلد إسلامي- ما فتُحت بالقوة ولا بالحروب بل فتحت قلبها للإسلام بفضل رجال مخلصين وتجار مؤمنين أظهروا لأهلها الصورة الحقيقية المشرقة للإسلام، وكذلك دول شرق آسيا جميعها فتحت بالدعوة والهداية، وأرى الذاكرة تعيدني إلى بداية الدعوة الإسلامية، حين فتحت المدينة المنورة أبوابها لصاحب الدعوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهل كان ذلك إلا بعد أن مهد له سفيره مصعب بن عمير بنشر الهداية بين جنباتها..
- أبين هذه النقطة لأننا مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالعمل على فتح القلوب ونشر الدعوة كُلٌّ من موقعه -خصوصاً أننا في حالة ضعف لا نملك معها إلا سلاح الكلمة النيّرة بل ربما نلاحق عليها-، وقد بلغ عدد المسلمين اليوم في أمريكا وأوروبا عشرات الملايين-منهم المهاجرون ومنهم أهل البلد الذين اعتنقوا الإسلام- فلو أن هؤلاء أعطوا الصورة المشرقة لدينهم، وثبت في داخل كل منهم أنه سفير للإسلام، والتزم ذلك من يذهب إلى تلك البلاد سواء للسياحة أو الدراسة أو التجارة لتضاعف عدد المسلمين هناك ولأصبحنا قوة مؤثرة في سياسة تلك الدول، ويومها سيكون ذلك فتحاً كبيراً لا بقوة السلاح بل بفعل الدعوة ونور الإسلام.
* نحن بالإيمان أحيينا القلوب.. نحن بالإسلام حررنا الشعوب.. نحن بالقرآن قومنا العيوب.. وانطلقنا في الشمال والجنوب.. ننشر النور ونمحو كل هون.. مسلمون مسلمون مسلمون...
* الفكر الخارجي فكر قديم حديث، كانت نشأته في الخروج على علي رضي الله عنه، ومازال ممتداً حتى اليوم يشق عصا المسلمين ويخلع طاعة الحاكم لأي سبب ولا يرعى حرمة لجماعة المسلمين ولا لدمائهم، وأخطر ما فيه أمران:
1- تكفير المسلمين على كبائر الذنوب بل بالغوا في الشطط فأصبحوا يكفرون كل من خالفهم، ونرى أثر ذلك في تقسيم المسلمين إلى طوائف يكفرون من شاؤوا منهم ويسبغون الألقاب والحمد على من يشاؤون، وسبب ذلك كله ضحالة علمهم وضيق أفقهم.
2- اعتقادهم جواز الخروج على الحاكم لأي اختلاف معه في الفكر أو المنهج، ونشهد اليوم مآسي مؤلمة ودماء مسلمة معصومة تراق على أراضي المسلمين، ومن هنا أوجه دعوة ناصح مشفق، دعوة أخ يرى الفرقة والدماء في فيذوب قلبه حزناً وأسى، أوجه دعوة إلى شباب المسلمين وحتى علمائهم أن ينبذوا التعصب الفكري واحتكار الحقيقة، ويحفظوا حرمة الدماء التي حفظها الله عز وجل، ألا يكفي أن يستبيح أعداؤنا دماءنا في كل مكان حتى نستبيح دماء بعضنا البعض؟.
* أما أدرك عقلاؤنا آثار تحزبنا وتقاتلنا عبر التاريخ حتى وصلنا إلى ما نحن فيه؟.
- ما حدث في حصار الخوارج لبلج بن بشر في سبتة حيث طلب المؤن والطعام من حاكم الأندلس عبد الملك بن قطن فما أمده بشيء!!! فتألم أحد التجار لما يحدث للمسلمين وأرسل لهم سفينتين فيهما الطعام والمؤن فلما علم عبد الملك بذلك أعدم التاجر!!، أهذه الرحمة التي وضعها الله في قلوب المسلمين لبعضهم البعض؟، أهذا هو التواصل والتراحم الذي تحدث عنه النبي صلى الله علي وسلم؟، إن هذا الماضي الأليم يتكرر اليوم بصور أخرى حيث تحاصر البلاد المسلمة اقتصادياً وسياسياً بقرارات جائرة وتصنيفات حاقدة وإخوانهم المسلمون يمنعون عنهم كل أنواع المساعدات مع أن الإسلام نسب ورحم بين أهله.
- أليس من المعيب واللؤم أن يمنع المسلمون أموالهم عن إخوانهم المحاصرين في فلسطين لا لشيء بل لإرضاء الغرب؟
- إن غنى الأغنياء الممسكين عن أخوانهم في فلسطين وفي كل بلد إسلامي محاصر أو محتاج هو دليل لؤمهم لا غناهم.
- إن كل دينار يدفعه المسلم لإخوانه المستضعفين يأتي يوم القيامة يقول: يا رب أنا إيمان فلان.
فاللهم انشر الألفة والمحبة بين عبادك
الخوارج يغدرون بالمسلمين في سبتة
أهم المعارك والأحداث