أطلس الحج والعمرة ((تاريخاً وفقهاً))
القسم الأول ((التاريخي))
أولاً:
مكة المكرمة والمشاعر المقدسة
الباب الثـامــن:
الحج في العهد السعودي المبارك
* توسعة المسجد الحرام عبر التاريخ:
- ما من مدينة على مدى التاريخ البشرية حظيت ـ وما وزالت تحظى ـ بتقديس وتكريم, مثلما تحظى به (مكة المكرمة)؛ حيث (الكعبة المشرفة) أول بيت وضع للناس؛ لعبادة الله وتوحيده, والتي أقام قواعدها ـ بأمر من الله ـ أبو الأنبياء إبراهيم, وابنه إسماعيل عليهما السلام؛ ليكون مقاماً يقصده المؤمنون, ويحجون إليه.
- ولقد استجاب الله ـ سبحانه وتعالى ـ لدعاء إبراهيم عليه السلام ـ كما أسلفنا ـ فبعث من ذريته رسولاً بعد أكثر من ألفين وستمائة سنة, إذ جاء خاتم النبيين, وسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم, الذي أرسله الله بالكتاب الحكيم, لهداية الناس أجمعين.
- وقد أدى صلى الله عليه وسلم الحج في السنة العاشرة من الهجرة, وخطب في الناس, وشهد أقواله, وأفعاله الذين حجُّوا معه من الصحابة رضي الله عنهم, وروى المحدثون ذلك, ومنذ ذلك الوقت أخذ عدد الحجاج من ضيوف الرحمن يتزايد عاماً بعد آخر, حتى وصل في العصر الحاضر إلى حوالي ثلاثة ملايين حاج.
- وعلى مر التاريخ الإسلامي احتفظت الأماكن المقدسة بحرمتها وقدسيتها, وكانت محط اهتمام, ورعاية القائمين على خدمتها.
- ولذلك فقد أجرى الحكام التوسعات المختلفة على مر العصور, حيث بدأت التوسعة الأولى في عهد ثاني الخلفاء الراشدين عمر ابن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ, وكان آخرها التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية.
* توسعة الملك عبد الله للحرم المكي:
- حرصاً من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ابن عبد العزيز على سرعة استكمال كافة المشروعات التي تسهل, وتيسر لحجاج بيت الله الحرام أداء مناسكهم, حيث أنفق حكومة المملكة العربية السعودية ما يزيد على (70)مليار ريال؛ لتوسعة الحرمين الشريفين في السنوات الأخيرة فقط, وبناءً على الأمر السامي الكريم الصادر بتاريخ 11/11/1427هـ تم توزيع ((10))مليارات ريال من فائض إيرادات ميزانية العام المالي 1426/1427هـ, وعلى مدى خمسة أعوام مالية ابتداءً من العام المالي1427/1428هـ صرفت على مشاريع المسسجد المكيَّ, والنبوي, والمشاعر المقدسة.
- وتبلغ المساحة الإجمالية للتوسعة ستة وسبعين ألف متر مربع, وتتكون من بدرومين سفليين, ودور أرضي, ودور أول, بالإضافة إلى السطح, وشملت التوسعة ثمانية عشر مدخلاً عادياً, بالإضافة إلى بوابة رئيسة, أطلق عليه اسم بوابة الملك فهد, وهي مشابهة لبوابة الملك عبد العزيز, كما شملت التوسعة مئذنتين مشابهتين بارتفاع 69متراً, وتضم التوسعة سلالم كهربائية متحركة, لنقل المصلين إلى السطح, والدور الأول في أوقات الذروة والمواسم, خصوصاً كبار السن, والعجزة, كما تشتمل على ثلاث قباب تبلغ مساحتها (225) متراً مربعاً, وممرات للمصلين؛ ليتمكنوا من الدخول, والخروج من وإلى الحرم, وقد روعي في تنفيذ المشروع, أن يكون متميزاً من حيث التصميم, والتنفيذ, وأن يكون مترابطاً مع المبنى العام للحرم, من حيث الطابع المعماري, وبهذه التوسعة تصبح المساحة الإجمالية للحرم المكي الشريف (356) ألف مترٍ مربعٍ, بما في ذلك الساحات المحيطة به, والمخصصة للصلاة, وكذلك السطح بعد أن كانت قبل ذلك (152)ألف مترٍ مربعٍ ليتسع إلى (770) ألف مصلي, بعد أن كانت طاقته الاستيعابية قبل ذلك (340) ألف مصلٍ.
لقطة منظورية لمشروع توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن العزيز آل سعود لتوسعة المسجد
* المُلْــــتَزم:
- المُلــــتَزُم: ما بين الحجر الأسود, وباب الكعبة, وطوله أربعة أذرع (متران تقريباً), يجوز للطائف أن يقف به عند بعض أهل العلم.
- قال شيخ الإسلام: والدعاء مستجاب عند نزول المطر, وعند التحام الحرب, وعند الأذان, والإقامة, وفي أدبار الصلوات, وفي حال السجود, ودعوة الصائم, ودعوة المسافر, ودعوة المظلوم, وأمثال ذلك, فهذا كله مما جاءت به الأحاديث المعروفة في الصحاح, والسنن, والدعاء بالمشاعر كعرفة, ومزدلفة, ومِنى, والملتزم, ونحو ذلك من مشاعر مكة, والدعاء بالمساجد مطلقاً, وكلما فَضُلَ المسجد كالمساجد الثلاثة, كانت الصلاة, والدعاء فيه أفضل.
- وقال أيضاً: وإن أحبّ أن يأتيَ الملتزم ـ وهو مابين الحجر الأسود والباب ـ فيضع عليه صدره, ووجهه, وذراعيه, وكفيه, ويدعو ويسأل الله ـ تعالى ـ حاجته فعل ذلك, وله أن يفعل ذلك قبل طواف الوداع, فإنّ هذا الالتزام لا فرق بين أن يكون حالَ الوادع أو غيره, والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين دخول مكة, وإن شاء قال في دعائه الدعاء المأثور عن ابن عباس: ((اللهمّ إني عبدك, وابن عبدك, وابن أمتك, حملتني على ما سخرتَ لي مِن خلقك, وسيرتَني في بلادك حتى بلغتنَي بنعمتِك إلى بيتِك, وأعنتَني على أداء نسكي, فإن كنتَ رضيتَ عني فازدَد عني رضا, وإلا فمِن الآن فارضَ عني قبل أن تنأى عن بيتك داري, فهذا أوان انصرافي إن أذنتَ لي غير مستبدلٍ بك, ولا ببيتك, ولا راغبٍ عنك, ولا عن بيِتك, اللهمّ فأصحبني العافيةَ في بدني, والصحةَ في جسمي, والعصمة في ديني, وأحسن منقلبي,وارزقني, طاعتك ما أبقيتَني, واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة, إنك على كل شيء قدير)). ولو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسناً.
* المُلْــــتَزم:
- المُلــــتَزُم: بالضم ثم السكون, وتاء فوقها نقطتان مفتوحة, ويقال له المَدعَى والمتعوّذ, سمي بذلك لالتزامه الدعاء, والتعوّذَ: وهو ما بين الحجر الأسود, والباب, قال الأزرقي: وذرعه أربعة أذرع, وفي الموطّإ: مابين الركن, والباب الملتزمُ, كذا قال الباجي, والمهلبيّ وهي رواية ابن وضاح, ورواه يحيى: مابين الركن, والمقام الملتزمُ, وهو وهمٌ إنما هو الحطيم مابين الركن والمقام, قال ابن جُرَيح: الحطيم ما بين الركن, والمقام, وزمزم, والحجر, وقال ابن حبيب: مابين الركن الأسود إلى باب المقام حيث يتحطم الناس للدعاء, وقيل: بل كانت الجاهلية تتحالف هناك بالأيمان, فمن دعا على ظالم, أو حلف إثماً, عجلت عقوبته, وقال أبو زيد: فعلى هذا الحطيم الجدار من الكعبة, والفضاء الذي بين الباب, والمقام, وعلى هذا اتفقت الأقاويل, والروايات.
خادم الحرمين الشريفين, ملك المملكة العربية السعودية الملك/عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وهو يَهُمُّ بالخروج من باب الكعبة بعد أن تشرف بغسلها.
مفتاح للكعبة يعود إلى القرن السادس الهجري