القســــــــم الأول
الأديــــــــــان الســــــــــــــماوية
الإســــــــلام
* بدأ قصة الإسلام منذ أن خلق الله آدم ـ عليه السلام ـ حيث خلقه الله بيده الكريمة من طين، ونفخ فيه من روحه، وعلمه أسماء الأشياء، وأمر الملائكة أن يسجدوا لآدم؛ قال القرطبي: واختلف الناس في كيفية سجود الملائكة لآدم بعد اتفاقهم على أنه لم يكن سجود عبادة؛ فقال الجمهور: كان هذا أمراً للملائكة بوضع الجباه على الأرض، كالسجود المعتاد في الصلاة؛ لأنه الظاهر من السجود في العرف والشرع؛ وعلى هذا قيل: كان ذلك السجود تكريماً لآدم وإظهار لفضله، وطاعة لله تعالى، وكان آدم كالقبلة لنا.
- ومعنى ((لآدم)): إلى آدم؛ كما يقال صلى للقبلة؛ أي إلى القبلة.
- أما الشيطان، فأهبطه الله من ملكوت السماوات، وأخرجه ذليلاً مدحوراً، وقضى عليه باللعنة، والشقاء، والنار.
- ثم بعد ذلك خلق الله من آدم زوجه حواء؛ ليسكن إليها، ويأنس بها، وأمرهما أن يسكنا دار النعيم الجنة التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر وأخبرهما ـ سبحانه ـ بعداوة إبليس لهما، ونهاهما عن الأكل من شجرة من أشجار الجنة؛ ابتلاءاً وامتحاناً؛ فوسوس لهما الشيطان، وزين لهما الأكل من تلك الشجرة الخبيثة، قال تعالى: ( ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين* فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليها من ورق الجنة وناداهما ربهما آلم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين* قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم نغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين).
- قال تعالى:( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوا من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم).
- قال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو داود، أخبرنا همام عن قتادة عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، قال: وكذلك هي في قراءة عبد الله (كان الناس أمة واحدة فاختلفوا). ورواه الحاكم في مستدركه من حديث بندار عن محمد بن بشار ثم قال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، كذا روى أبو جعفر الرازي عن أبي العالية عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤها (كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين) وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن قتادة في قوله (كان الناس امة واحدة قال: كانوا على الهدى جميعاً فاختفوا فبعث الله النبيين) فكان أول نبي بعث نوحاً.
- وهكذا قال مجاهد، كما قال ابن عباس أولاً. وقال العوفي عن ابن عباس (كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين) يقول: كانوا كفاراً فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين والقول الأول عن ابن عباس أصح سنداً ومعنى، لأن الناس كانوا على ملة آدم حتى عبدوا الأصنام، فبعث الله إليهم نوحاً عليه السلام، فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض.
- هكذا كانت النهاية المؤلمة بعد أن استجاب آدم وحواء لإغواء الشيطان قال ابن كثير: فأهبط آدم وحواء من الجنة وكانا يأكلان منها رغداً، فأهبط إلى غير رغد من طعام وشراب، فعلم صنعة الحديد وأمر بالحرث وزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حصد، ثم داسه ثم ذراه ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه ثم أكله، فلم يبلغه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ.
- ورغم ذلك فإن آدم وحواء كانا على الإسلام حيث يعتبر آدم أول الأنبياء علة هذه الأرض حتى بدأ الانحراف العقدي في عهد نوح عليه السلام فأرسل الله ـ سبحانه وتعالى ـ نوحاً عليه السلام أول رسله إلى أهل الأرض ثم توالت بعد دعوات الأنبياء والرسل عليهم السلام في أقوامهم حتى كانت دعوة إبراهيم عليه السلام قال تعالى:(إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم تك من المشركين* شاكراً لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم* واتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين* ثم أوحينآ إليك إن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين).
- ثم كانت النبوة في ذريته من بعده في ابنيه: إسماعيل وإسحاق ثم كانت في ذرية إسحاق. ومن أعظم الأنبياء من ذرية إسحاق؛ يعقوب، ويوسف، وموسى، وداود، وسليمان، وعيسى ـ عليهم السلام ـ ولم يكن بعد عيسى نبي من بني إسرائيل.
- وبعد ذلك انتقلت النبوة إلى فرع إسماعيل؛ حيث اصطفى الله ـ عز وجل ـ محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليكون خاتماً للأنبياء، والمرسلين، حيث ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أن سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر)) فالإسلام في الجملة دين التوحيد الذي أنزله الله على رسوله محمد ابن عبد الله الهاشمي القرشي أوحاه الله ـ سبحانه وتعالى ـ إلى رسله، رسالة سماوية خاتمة للبشرية، وقد جاء بعد اليهودية والنصرانية مصدقاً لما بين يديه من التوراة والإنجيل، متضمناً كل أسباب السعادة في الدنيا والآخرة. وهو خاتم الأديان السماوية جميعاً وجوهرها وروحها. وجاء لمعالجة كل ما يتعلق بالمجتمع من أمور دينية واجتماعية واقتصادية وسياسية، فهو دين ونظام حياة، وهو تشريع سماوي عام، كما أنه دين التيسير والتخفيف ورفع الحرج عن العباد. ومن أجل عبادته سبحانه وتعالى خلق الثقلين: الجن والإنس قال تعالى:(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
- وتعتبر الديانة الإسلامية في عالم اليوم إحدى أكبر الديانات، وأكثرها انتشاراً.
- فالمسلمون اليوم حوالي البليون ونصف البليون نسمة، موزعون بين أجناس وقوميات وثقافات عدة، ممتدة من جنوبي الفلبين في آسيا إلى نيجيريا في غربيا إفريقيا، رابطهم الوحيد عقيدتهم الإسلامية. وهناك حوالي 18 %من المسلمين يعيشون في العالم الغربي.
- كما أن اندونيسيا تضم أكبر مجموعة إسلامية، في حين أن المسلمين يشكلون الغالبية من سكان منطقة الشرق الأوسط، وكذلك منطقة شبه القارة الهندية، وجنوب شرقي آسيا، وأماكن شاسعة من إفريقي. وهناك أقليات إسلامية لا يستهان بها في ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي سابقاً وفي الصين. وكذلك في الأمريكتين، وأوربا غربيها وشرقيها ووسطها.
* مصادر الشريعة: امتازت الشريعة الإسلامية بمجموعة من الخصائص العديدة لأنها من عند الله سبحانه وتعالى فمصدرها الأول القرآن، ومصدرها الثاني السنة، ومصدرها الثالث الإجماع: وهو اتفاق المجتهدين من المسلمين بعد وفاة النبي على حكم شرعي، ومصدرها الرابع القياس: وهو إعطاء مسألة لم ينص على حكمها مسألة مماثلة لها قد نص على حكمها لاشتراكهما في العلة.
ومن المصادر أيضاً الاستحسان: وهو ترجيح الاجتهاد الخفي على الاجتهاد الظاهر لدليل أقوى منفعة أو دفع مضرة مما سكت عنه الشارع، لكنه أمر بمثله. والعرف الصحيح: وهو اعتاده الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك ولا يصطدم مع الشرع. وكذا من المصادر المصلحة المرسلة: وهي تحقيق المحافظة على مقصود الشارع من جلب منفعة أو دفع مضرة فيما سكت عنه الشارع لكنه أمر بمثله.
* وهناك نوعان من مصادر الشريعة: مصادر أصلية ومصادر تبعية:
- المصادر الأصلية: وهي كتاب الله تعالى: القرآن الكريم وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام. والقرآن الكريم كتاب الله المنزل على رسوله محمد، والمنقول إلينا بالتواتر، وقد يعرف بأنه كلام الله المعجز.
- أما السنة فهي ما صدر عن رسول الله، من قول أو فعل أو تقرير أو سكوت سوى القرآن. انظر: السنة. المصادر التبعية إن لم يوجد الحكم في القرآن والسنة، فللمجتهد أن يستنبط الأحكام المطلوبة في ضوء قواعد الشريعة وأصولها مما يطلق عليه المصادر التبعية وهي: الإجماع.
- ومعناه في اللغة، العزم على الشيء، والتصميم عليه، وفي الاصطلاح: اتفاق المجتهدين المسلمين، بعد وفاة رسول الله على حكم شرعي. والأصل فيه قوله عليه السلام: (إن الله تعالى قد أجار أمتي أن تجتمع على ضلالة) حديث حسن، اخرجه ابن أبي عاصم في السنة، عن أنس.
* والإجماع نوعان:
- إجماع صريح: أما صريح فهو أن يبدي بعض المجتهدين رأيه في واقعة أو قضية ثم يعرضه على جميع المجتهدين فيقروه عليه صراحة.
- وأما سكوتي: فهو أن يبدي بعض المجتهدين رأيه في قضية ثم يعرضه على جميع المجتهدين أو ينتشر الرأي بينهم في زمانهم فلا يقره أحد ولا ينكره أحد وإنما يسكت الجميع.
- وهناك من ينكر حصول الإجماع لصعوبة ذلك، وهناك من يقبله في عهد الخليفتين أبي بكر وعمر فقط، نظراً لاجتماع الصحابة، أما بعد ذلك فلا يسلمون بوقوع الإجماع لصعوبته. وهناك من يقبل الإجماع الصريح دون السكوتي، ويتفق جمهور العلماء على قبول النوعين مستدلين بأنه لا يتصور من الصحابة أو المجتهدين سكوت على خطأ. كما أن من العلماء من قال إن الإجماع الصريح دلالته قطعية بخلاف السكوتي فدلالته ظنية.
- القياس من المصادر التبعية ويعني في اللغة التقدير والمساواة وفي الاصطلاح : إلحاق مسألة لا نص على حكمها بمسألة ورد نص بحكمها، في الحكم، وذلك لتساوي المسألتين في علة الحكم أو سببه. بتصرف عن الموسوعة العربية العالمية الإلكترونية.
في ظلال آية: قال تعالى:( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه )، أي من سلك طريقاً سوى ما شرعه الله ، فلن يقبل منه:( وهو في الآخرة من الخاسرين ). كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( تجأ الأعمال يوم القيامة، فتجأ الصلاة فتقول : يا رب، أنا الصلاة: فتقول يا رب، أنا الصلاة؛ فيقول إنك على خير؛ وتجأ الصدقة فتقول: يا رب، أنا الصدقة فيقول إنك على خير، ثم يجأ الصيام فيقول: يا رب، أنا الصيام، فيقول: إنك على خير، ثم يجأ تعالى: إنك على خير، ثم يجأ الإسلام فيقول: يا رب، أنت السلام وأنا الإسلام، فيقول الله تعالى: إنك على خير، بك اليوم آخذ وبك أعطى )، قال الله في كتابه:( من يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) آل عمران.