الباب الثاني: الدولة الأموية في الأندلس
الفصل الثاني: عهد الأمراء الأمويين
سادساً: عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن
* عام 275 هـ - 888 م جاءته الإمارة بعد وفاة أخيه المنذر، وكان يحاصر ابن حفصون، فطلب إليه الصلح على أن يرفع الحصار عنه، فوافق عبد الله على ذلك، ومضى إلى قرطبة ليدير شؤون إمارته، وفي حكمه أضيفت دويلة جديدة إلى قائمة الدويلات المنفصلة في عهد أخيه.
بوابة قصر في إشبيلية
* عام 276 هـ - 889 م ثورة كريد بن عثمان:
- ثار في (إشبيلية) كُريد بن عثمان على والي الأمويين أمية بن عبد الغافر الذي لم يستطع أن يفعل شيئاً لإخماد ثورة كريد، فطلب كريد العون من "ماردة" في الغرب وعليها رجل يدعى "جيليقين"، فأرسل هذا مدداً قوياً مما مكّن كريداً أن يبسط سيطرته الكاملة على إشبيلية ويقتل واليها أمية.
- وكان هذا تمزقاً جديداً في جسم الأندلس، وأضيفت مدينة جديدة إلى المتمردين العصاة.
* عام 277هـ - 890 م ثورة خير بن شاكر:
- وثار في عام 277 هـ رجل يدعى خير بن شاكر وسيطر على مدينة "جيّان" لكن ابن حفصون المتمرد حاول أن يتقرب إلى الإمارة الأندلسية لتقر بثورته وتعترف بها، فأرسل رجلاً يدبر اغتيال ابن شاكر فقتله، وأرسل ابن حفصون إلى الأمير عبد الله بعد مقتله يظهر حسن نواياه، يسأله الصلح والمعاهدة، لكنه قوبل بالرفض.
- كانت الأوضاع غير مستقرة بشكل عام وتتوالى الثورات، سواء في الدويلات أو في مملكتي ليون أو نافار الإسبانيتين.
* عام 281هـ -894 م ابن حفصون من جديد:
- أرسل عبد الله ابنه المطرف ليتخلص من ابن حفصون بجيشٍ إلى "بربشتر" فحاصرها وضيق عليها الحصار، وجرت معارك طاحنة حولها وما استطاع أن يخضعها.
- لكنه تمكن في إشبيلية من ثورة كرُيد وقضى على المتمردين فيها، وولىّ عليها رجلاً يدعى "إبراهيم بن الحجاج" يديرها، ومن العجيب أن ابن الحجاج أعلن انفصاله عن قرطبة، واستقل بشؤون دويلته بعد فترة وجيزة.
خزان روماني: كان القوطيون الغربيون والعرب يستملون هذا الخزان ويحافظون عليه
- إنه لأمر مؤسف يدعو إلى الغرابة! ما إن يتمكن والٍ في مدينة يولىّ عليها حتى يبادر إلى إنشاء دويلة تنازعُ أختهَا، أو تنازع حكم الأمويين.
* عام289 هـ - 902م:
- واستمرت الأحوال على ما هي عليها من الثورات الهائجة والحركات الانفصالية المتمردة حتى حلّ عام 289هـ إذ يتحالف متمرد الجنوب ابن حفصون مع إبراهيم بن الحجاج في إشبيلية مع نصارى القوط في الشمال، تمت المراسلات بين أقطاب التحالف الشيطاني (ابن حفصون، ابن الحجاج، القوط). لذلك بادر عبد الله دون إمهال، فقاد الأمويين إلى معركة هي الوجود أو الضياع ضد هذا التحالف الذي كان أكثر عدداً، واستطاع أن ينتصر عليه بعد قتال عنيف جرى حول إشبيلية، ويمكن قبضته منها، ماعدا "بربشتر" التي بقيت بيد ابن حفصون.
* عام 295هـ - 908م هجوم نصراني:
- ولا يزال الصراع في الجنوب حتى لاح الخطر على الأندلس من الشمال فقد هاجم الفرنج من الفرنسيين ينشرون القلاقل، ويزرعون الرعب، ويبثون الخوف في نفوس الناس هناك على الحدود الإسلامية.
- أرسل عبد الله على عجل جيشاً يقوده القائد (لُبّ بن عيسى)، فاستطاع هذا القائد الفذٌّ أن يوقف هجومهم ويحاصر مدينة "بنبلونة" حصاراً شديداً وكاد أن يفتحها لولا أنه سقط شهيداً على أبوابها، وعادت الحملة إلى قرطبة بعد استشهاده.
* صمود ابن حفصون:
- ثم جهز عبد الله حملة أخرى في عام 295هـ لإخضاع ابن حفصون في "بربشتر" فأتت على الحصون حولها ودمرتها دون فتح تلك المدينة، وبعد عامين أي في سنة 297هـ أرسل عبد الله جيشاً كثير العدد لإنهاء تمرد ابن حفصون فعاد دون أن يفت من عضد هذا الثائر شيئاً.
- ابن حفصون إنسان عجيب، قاطع طريق على قلة من رجاله يحافظ على مدينته ويمنعها عن السقوط بذكائه الشيطاني، وقد دامت ثورته سبعة وأربعين عاماً.
* الوضع العام للنصارى على حدود الأندلس في تلك الفترة:
* خلع الملك "ألفونسو الثالث" في عام 297 هـ بعد أن تقدمت به السن ولعدم استطاعته إدارة المملكة التي انقسمت بدورها إلى مملكتين:
1- مملكة ليون الأصلية: ويحكمها "غرسيه الأول" في الشمال الأندلسي.
2- مملكة "جيليقية" التي انفصلت عن ليون ويحكمها "أدونيو" في أقصى شمال غرب الأندلس.
3- مملكة "استرياس" ويحكمها "فرُويلة" في أقصى الشمال.
4- مملكة "نافار" في وسط الشمال.
5- بالإضافة إلى الفرنسيين (الفرنج) في شمال شرق الأندلس.
جندي من جيش القوط
* وفاة عبد الله بن محمد:
- دام حكم عبد الله بن محمد الأول خمسة وعشرون عاماً 275 - 300هـ حيث توفي في قرطبة عام 300هـ رحمه الله، وكان آخر الأمراء، وقد تمتع بالصفات الحسنة والأخلاق العظيمة، وكان ورعاً متواضعاً محباً للخير، كثير العناية بشؤون الحكم وتوطيده، فنشر العدل ورفع الظلم، وكان ينظر في المظالم بنفسه، كما وصفه المؤرخون.
درهم أندلسي في عهد عبد الله بن محمد الأول
عهد المنذر بن محمد وعبد الله بن محمد
* ملخص أحداث عهد الأمراء الأمويين:
172 هـ |
تولى هشام بن عبد الرحمن (الرضا) إمارة الأندلس. |
173هـ |
ثار عليه أخوه فانتصر هشام ثم تصالحا. |
180هـ |
وفاة هشام (الرضا) |
180هـ |
تولي الحكم بن هشام (الربضي) للإمارة. |
181هـ |
ثار عليه عماه سليمان وعبد لله فقتل سليمان وتصالح مع عبد الله. |
181هـ |
ثورة المولدين ولكنه تمكن من إخمادها. |
206هـ |
وفاة الحكم بن هشام الربضي. |
206هـ |
إمارة عبد الرحمن بن الحكم (الأوسط). |
206إلى229هـ |
قامت ضده عدة ثورات وبعضها دام فترة طويلة لكنه تمكن من إخمادها. |
235هـ |
بدأت حركة تمرد (إليخيو) والقديسيين واستمرت 3سنوات ثم أنهاها الأوسط بذكائه وحزمه. |
238هـ |
وفاة عبد الرحمن الأوسط. |
238هـ |
تولى محمد (الأول) بن عبد الرحمن للأندلس. |
245هـ |
النورمان يحاربون من جديد. |
249هـ |
نزاع بين مملكة نافار ومملكة ليون انتصر فيها النافاريون. |
264هـ |
ابتداء ثورة عمر بن حفصون. |
273هـ |
وفاة محمد (الأول) وتولى ابنه المنذر. |
275هـ |
وفاة المنذر وهو يحاصر ابن حفصون في (بربشتر). |
275هـ |
تولى عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن للإمارة. |
276هـ |
ثورة كريد بن عثمان. |
297هـ |
خلع ألفونسو الثالث. |
300هـ |
وفاة عبد الله بن محمد. |
* التطورات في عهد الأمراء الأمويين:
1- انتقلت الأندلس في هذا العهد إلى حياة جديدة يحكمها الإسلام وقد حرر الإنسان من جميع الضغوط والوشائج التي تحركه إلا ما ندر، وهو على الغالب صفة المجتمع المسلم إذ ليس على الإنسان سلطان غير منهج الله سبحانه وتعالى، لذلك ازداد إقبال الناس من نصارى الأندلس للدخول في الإسلام.
2- نظمت فيه إدارة الدولة وأوجد منصب الحجابة أو الوزارة.
3- صُكَّ في دار الصكوك النقد الإسلامي، واعتمد أساساً للتعامل.
4- ظهر الاهتمام العمراني فأنشئت المدن والجوامع، واهتم بالمرافق العامة فأنشئت الحدائق، وتنوعت وسائل الري، وجلبت المياه بالأقنية والترع.
5- أصبح التبادل الثقافي بين الأندلس والمشرق الإسلامي، فقد رحل كثير من أبناء الأندلس لينهلوا من علوم المشرق، وظهر منهم فقهاء ومحدثون، ويُذكر هنا "عباس بن فرناس" المعروف بمحاولة الطيران التي ذهب ضحيتها، وهو أول من عمل صناعة الزجاج من الحجارة، كما عمل الميقاتية لمعرفة الأوقات.
6- عُممت المدارس، وانتشر التعليم على نفقة الدولة للذكور والإناث، وقررت اللغة العربية لغة رسمية في المعاهد والمدارس غير الإسلامية.
7- عرف القضاء بنزاهته واستقلاله، فسَادَ نظامُ العدل والإنصاف لكل الناس.
8- قلّ الجهاد نحو الشمال أو الفرنجة.
9- زاد الترف في الحياة الاجتماعية، ومال معظم الناس للهو والعبث، يشير إلى ذلك قدوم "زرياب" الذي كان في العراق تلميذاً لإبراهيم الموصلي المعروف بفنون الغناء والموسيقى، قربه الأمراء والأثرياء، وظهر فن الموشحات الأندلسية.
رسم يبين ترفه وانشغال المسلمين بلعبة الشطرنج
10- لم يقم نشاط سياسي ملحوظ مع الخلافة العباسية في الشرق.
11- ظهرت اضطرابات وثورات عديدة في عدد من المدن.
12- ظهر الاهتمام بالجند ودور الصناعات الحربية، ونظمت القوات العسكرية، وظهرت القوة البحرية، فقد قسمت الأندلس من الناحية العسكرية إلى عدة مناطق "وكان لكل منطقة جيشها الذي يخضع لقيادة أميرها أو حاكمها، وكانت تجتمع هذه الجيوش في الحروب في منطقة حشد، وأغلب ذلك في العاصمة، ثم تنطلق للقتال، وبعد انتهاء العمليات القتالية يعود كل جيش إلى منطقته، وإذا وقع هجوم مباغت فإن كل جيش يقوم برده إلى أن يأتيهم المدد من بقية المناطق، هذا عن الجيش النظامي العامل، ويلتقي بهم بعد ذلك المتطورين والمرتزقة والملحقون إبان الأزمات أو المواجهات مع الأعداء".
جنود الأسطول الإسلامي