لفلي سمايل

فتح الأندلس...حقائق وعبر

تاريخ الإضافة : 11-9-1432 هـ

الفصل الثاني: موسى وطارق يفتحان الأندلس

 

* فتح الأندلس...حقائق وعبر:

- ما بين فتح الأندلس وحتى سقوطها تاريخ طويل، فيه البطولات وفيه الأمجاد وفيه أيضاً بعض الخيانات، تاريخ تحكيه الفرحة والبسمة وترويه الحسرة والدمعة، لكن يكفينا أن المسلمين ما دخلوها إلا للهداية والنور، والتاريخ شاهد على ذلك، إن قوماً حولوا الأرض الجدباء إلى جنة نضرة، وبدلوا الجهل بحضارة، ورفعوا الظلم ونشروا العدل لا يمكن أبداً أن يكونوا غزاة أو مستعمرين.

 

وفي البرتغال وإسبانية ازدهرت    آثارنا وسمت دهراً مبانينا

كم من قصور وجنات مزخرفة    فيها الفنون جمعناها أفانينا

وكم مساجد أعلينا مآذنها        فأطلعت أنجماً منها معالينا

 

* ولن نستبق الأحداث فتاريخ الأندلس كله بين يديك -أيها الأخ القارئ- إنما نتوقف مع نقاط نراها مهمة فيما مر:

1- المراسلات التي تمت بين موسى بن نصير والخليفة الوليد بن عبد الملك رحمهما الله تعالى قبل خوض البحر لفتح الأندلس يظهر منها جلياً خوف الخليفة على جند الإسلام حيث قال الوليد لموسى:(خضها حتى ترى وتختبر شأنها ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال).

- فهو لا يريد أن يزج بهم في مغامرة أو مخاطرة ولو كان ورائها فتح أو غنيمة، وهذا حدث يحسب للوليد بن عبد الملك حيث وقف من المسلمين موقف الأب العطوف الذي يخشى على أولاده الضياع والأذية متحققاً بوصية النبي صلى الله عليه وسلم:( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن شق عليهم فاشقق عليه ) رواه مسلم.

- مستذكراً مسؤوليته أمام الله عن شعبه، وله في عمر بن الخطاب أسوة حسنة حين قال:( لو أن شاة في العراق عثرت لرأيتني مسؤولاً عنها أمام الله، لِمَ لمَ تمهد لها الطريق يا عمر؟ ).

 

- ولو أن حكامنا اليوم تحققوا بهذه الرحمة وتحملوا المسؤولية على أنها أمانة يحاسبون عليها أمام الله تعالى لصلحت أمور كثيرة، ولما قدموا مصالحهم الضيقة على مصلحة الأمة، لما قادوا أمتهم وشعوبهم إلى الدمار والذل والهوان ليحافظوا على كرسي أو منصب، ولما قدموا الخيانة تلو الأخرى ليرضوا أعداء الله، حتى هانت عليهم شعوبهم -مع أنهم أبناء جلدتهم وعقيدتهم- فيرون المسلمين يذبحون ويلاحقون وتنتهك حرماتهم وحقوقهم ويؤخذون أسرى إلى بلاد المشركين بتهم كثيرة وهم ينظرون لا يحركون ساكناً ولا يهتز لهم طرف، بل ربما سلموا مواطنيهم إلى أعدائهم ليرضوا عنهم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين.

 

هانت شعوبهمُ عليهم فغدت    مذلولة في أَسرِ من لا يرحم

أَوَ هكذا أُمروا؟ فكيف بمسلم    يرميه للأعدا الأمير المسلم

 

2- قصة حصار (قَرَمونة) حينما امتنعت على المسلمين فاتفق موسى بن نصير مع بعض أصحاب يوليان على حيلة ذكية وهي أن يفروا من أمام جيش المسلمين ويتوجهوا للاحتماء بالحصن فأدخلهم أهل الحصن ولما جاء موسى بخيله فتح هؤلاء لهم الأبواب.

 

فتح الأندلس...حقائق وعبر

عملة الفاتح الأموي - الأندلس، 714(95هـ)

 

- وليس في ذلك ما يضير المسلمين فالحرب خدعة وتخطيط ودهاء ولكن ما يستوقفنا هو رضا أولئك النفر أن يكونوا عملاء ضد قومهم وثغرات يؤتى أهلهم من قِبلها، وهذا لا نستغربه على مشرك لا يدين دين الحق ولا أدبته تعاليم الإسلام.

- إنما الغريب المؤلم أن تنتقل هذه الصور إلينا -نحن أهل الإسلام- فيكون منا عملاء ومخبرون على جميع المستويات حتى من أهل الفكر ومدعي الإصلاح يعملون جاهدين على إيجاد ثغرات بيننا وتسهيل مهمة أعدائنا.

- وما كانت إسرائيل -أخزاها الله- لتتمكن من اغتيال العديد من قادة المقاومة إلا بمساعدة عملاء الداخل الذين تبرأت منهم ضمائرهم وخانوا دينهم وقضيتهم.

- وما كان الغرب ليستطيع نشر ثقافة الاستسلام والانحلال والرذيلة ويميت عزيمة الأمة في الجهاد والدعوة لولا أن قام معه رجال من بني جلدتنا باعوه ضائرهم بثمن بخس، فأخذوا دور الأعداء في نشر الفساد لكن بصورة المفكرين والمجددين والمستنيرين.

 

- إن التحقق بمبدأ الولاء لله والمؤمنين والبراءة ممن يجاهرهم العداء مبدأ سام ومرتبة عظيمة لا تتحقق من غير إعداد وتأهيل بدءاً بتربية الآباء وامتداداً إلى علاقة المسلمين ببعضهم وعلاقة الحاكم بشعبه.

 

3- ما يذكره بعض الرواة من نهاية مؤلمة لموسى بن نصير وأن الخليفة سليمان بن عبد الملك سجنه وصادر جميع أمواله ثم رؤي يتسول آخر حياته ما هذا إلا تشويه لتاريخ مجيد وسرد لا صحة له ولا سند خصوصاً أن تاريخ الأندلس دخله تحريف كبير من بعض كتاب الغرب الذين لم يلتزموا الأمانة العلمية، ورواية جرجي زيدان عن الأندلس مليئة بتلك الأغاليظ، ولعل حرص الخليفة سليمان أن يكون موسى بن نصير مرافقاً له في حجة يفند كل تلك المزاعم، لكن العجب من بعض الكُتاب العرب الذي يروجون للأوهام والأكاذيب المغرضة.

 

إن يسمعوا ريبة طاروا لها فرحاً     عنه، وما سمعوا من صالح دفنوا!!!

 

فتح الأندلس...حقائق وعبر

بدأ انتشار العلوم الدينية والعلمية

 

فتح الأندلس...حقائق وعبر

حملات في الأندلس - حملة موسى وحملة عبد العزيز بن موسى

مواضيع ذات صلة

محمد (الأول) بن عبد الرحمن الأندلس التاريخ المصور محمد (الأول) بن عبد الرحمن
المنذر بن محمد عبد الرحمن الأندلس التاريخ المصور المنذر بن محمد عبد الرحمن

إضف تعليقك

فضلا اكتب ماتراه فى الصورة

تعليقات الزوار (0)

ملاحظة للأخوة الزوار : التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع لفلي سمايل أو منتسبيه، إنما تعبر عن رأي الزائر وبهذا نخلي أي مسؤولية عن الموقع..