الباب الثاني: الدولة الأموية في الأندلس
الفصل الثاني: عهد الأمراء الأمويين
خامساً: المنذر بن محمد عبد الرحمن
* عام 273هـ - 886 م رجع المنذر قرطبة وتولى إمارة الأندلس عام 273هـ ، كان قوي الشخصية ذا مراس بفنون الحرب، فقد كان يقود جيوش والده كما سبق، لكنه ورث من والده إمارة ممزقة: تمزق في الشمال الغربي، والشمال الشرقي، وفي الوسط، وفي جنوب الأندلس حيث ثورة ابن حفصون، لم يكن الوضع السائد في هذه الفترة لصالحه، بل وجد وزير والده (هاشم بن عبد العزيز) هو الذي يدير الأمور، وهو المتسلط على مقاليد الحكم، ولما حاول إيقافه عند حدوده حدث الصراع بينهما.
قصيدة شعرية في رثاء محمد الأول منحوتة على الحجر
* الاغتيالات السياسية:
- بدأ المنذر أعماله في الأندلس بشريط الاغتيالات السياسية حين أرسل من يغتال الوزير وينهي الصراع بينهما لصالحه، ثم جاهد المنذر محاولاً توحيد الأندلس لكن الثوار المنفصلين رفضوا كل مراسلاته للتصالح أو التفاوض، حتى إن ابن حفصون راسل الأغالبة ولاة شمال إفريقية يعرض عليهم ما يسميه هو فتح الأندلس، ويطلب منهم المدد والعون، غير أن الوالي الأغلبي كان عاقلاً حكيماً رفض أمثال هذه الفكرة من أساسها، مما جعل عمر بن حفصون يتجه إلى المولدين ليجمعهم على أسس عرقية، فاستجابوا له وتجمعوا يثيرون القلاقل على الإمارة في الجنوب، مما دعا المنذر أن يقود بنفسه الجيش لإخماد ثورتهم وحركتهم التي تعيث في الجنوب فساداً، فقضى على تسلطهم في عدد من المدن، وقبض على أحد زعمائهم يدعى "عيشون" -حليف ابن حفصون- المتسلط على مدينة -أرشدونة- وقتله.
القبة العظيمة المدهشة في قصر الزهراء
* عام 274هـ - 887 م حصار ابن حفصون:
- ثم سار المنذر نحو "بِربُشتر" عاصمة ابن حفصون، وشدد عليها الحصار، وضيّق على عمر بن حفصون الخناق، مما اضطر هذا أن يطلب الصلح ويجري التفاوض حيث أبدى استعداده للذهاب إلى قرطبة إذا رفع المنذر عنه الحصار، وأمده بالطعام والعتاد، رأى المنذر أنه قد يصدق هذا الثائر قاطع الطريق ويعود بذلك الهدوء والاستقرار، فأجابه إلى طلبه، فبرّ بوعده هذا ابن حفصون وذهب مع المنذر إلى قرطبة، وهدأت الأحوال في الجنوب شيئاً ما.
- ولكنه فرّ بعد فترة من الزمن إلى عاصمته السابقة "بربشتر" وأعلن عصيانه مرة أخرى، فلم يمهله المنذر بل اشتد في طلبه فحاصره في عاصمته.
- وقد صادف هذه الفترة من القلاقل في الأندلس تمزق وانقسامات في أوربة وظهرت على الساحة الأوربية دول جديدة، فتشكلت دول: إيطاليا وألمانيا...
آثار قلعة إسلامية قديمة باقية حتى اليوم وتجري عليها الحفريات الأثرية
- وفي صفر 275هـ مات المنذر وهو يحاصر "بربشتر" إذ قضى الله عليه بالموت، لم يكن الوقت -كما يقال- لصالحه، فلم يستطع توحيد إمارة الأندلس، ولم يقض على تمرد فيها، ولم ينه أية دويلة منفصلة خلال حكمه القليل إذ لم تستمر إمارته سوى سنتين: من 273- 275هـ رحمه الله.
- تولى الإمارة من بعده أخوه.