أطلس الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
البــــــــاب الثـــالث:
خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
الفصـــــل الثــــاني:
فتــــــح إيـــــــــران
* فتح همدان (همذان) على أثر مطاردة الفيرزان:
* ونجا الفيُرزان بين الصرعى في المعركة (نهاوند)، فهرب نحو همدان ففي ذلك الشريد، فأتبعه بن مقرن، وقدم القعقاع قدامه فأدركه حين انتهى إلى ثنية همذان، والثنية مشحونة من بغال وحمير موقرة عسلاً، فحسبه الدواب على أجله، فقتله على الثنية بعد ما امتنع، وقال المسلمون:
إن لله جنوداً من عسل، واستاقوا العسل وما خالطه من سائر الأحمال، فأقبل بها، وسميت الثنية بذلك ثنية العسل؛ وإن الفيرزان لما غشيه القعقاع نزل فتوقل في الجبل إذ لم يجد مساغاً، وتوقل القعقاع في أثره حتى أخذه، ومضى الفلال حتى انتهوا إلى مدينة همذان والخيل في آثارهم، فدخلوها، فنزل المسلمون عليهم، وحووا ما حولها،
فلما رأى ذلك خسروشنوم استأمنهم، وقبل منهم على أن يضمن لهم همذان ودستبي، وألا يؤتى المسلمون منهم؛ فأجوبوهم إلى ذلك وآمنوهم؛ وأمن الناس، وأقبل كل من كان هرب، ودخل المسلمون بعد هزيمة المشركين يوم نهاوند مدينة نهاوند واحتووا ما فيها وما حولها، وجمعوا الأسلاب والرثاث إلى صاحب الأقباض السائب بن الأقرع. فبينما هم كذلك على حالهم وفي عسكرهم يتوقعون ما يأتيهم من إخوانهم بهمذان، أقبل الهربذ صاحب بيت النار على أمان؛ فأبلغ حذيفة، فقال: أتؤمنني على أن أخبرك بما أعلم؟ قال: نعم، قال:
نعم، قال: إن والنخيرجان وضع عندي ذخيرة لكسرى، فأنا أخرجها لك على أماني وأمان من شئت، فأعطاه ذلك، فأخروه له ذخيرة كسرى؛ جوهراً كان أعده لنوائب الزمان، فنظروا في ذلك، فأجمع رأي المسلمين على رفعه عمر، فجعلوه له؛ فأخروه حتى فرغوا فبعثوا به مع ما يرفع من الأخماس، وقسم حذيفة بن اليمان بين الناس غنائمهم، فكان سهم الفارس يوم نهاوند ستة آلاف، وسهم الراجل ألفين، وقد نفل حذيفة من الأخماس من شاء من أهل البلاء يوم نهاوند، ورفع ما بقي من الأخماس إلى السائب بن الأقرع، فقبض السائب الأخماس، فخرج بها إلى عمر وبذخيرة كسرى.
سجادة من الصوف يعود صنعها إلى مدينة همدان (همذان) الفارسية
خزانة (ظرف) منقوش سفالين من نهاوند يعود تاريخه إلى قبل ميلاد المسيح عليه الصلاة والسلام
شكل مذهب من لرستان يعود تاريخه إلى ما قبل ميلاد المسيح عليه السلام
* نتائج معركة نهاوند (فتح الفتوح):
أولاً - المجال السياسي: بعد معركة نهاوند، تغيرت خريطة العالم القديم الذي كانت تتنازعه دولتا فارس والروم، وذلك بزوال دولة الفرس ولمجوسية. وسطوع نجم الدولة الإسلامية الفتية.
ثانياً - المجال الاستراتيجي: أصبحت جميع بلاد فارس مفتوحة أمام المجاهدين المسلمين؛ إذ أصبح ممكناً اتخاذ الأراضي الواقعة شرق دجلة قاعدة لانطلاق الجيوش الإسلامية ولاسيما بعد أن فتح المسلمون العراق والأقاليم الواقعة على شمال الخليج العربي؛ خصوصاً إذا عرفنا أن إقليم خورستان (الأهواز) قد فتح بالكامل واعتنق حاكمه الهرمزان الإسلام.
ثالثاً - المجال العسكري: اكتسب الجندي المسلم صلابة وقوة مكنته من انتزع النصر في أحلك الظروف. واستمراراً لتحقيق النصر قرر الخليفة عمر تقسيم الجيش إلى عدة ألوية وعين على كل لواء قائداً ووجه كل لواء بقائده إلى أقليم من أقاليم الدولة الفارسية على النحو التالي:
1- الجبهة الشمالية: وتشمل الأقاليم الواقعة غرب بحر الخرز(قزوين) حتى نهاية جبل القفقاس وأرمينية، حيث فتحت قزوين والديلم، وإقليم أذربيجان، وأرمينية والقفقاس والقوقاز، وجرجان وطبرستان.
2- الجبهة الوسطى والشرقية:
1ـ الإقليم الجبلي: في غربي بلاد فارس: بعد معركة نهاوند الحاسمة، سير الخليفة عمر جيوشه إلى مدن هذا الإقليم ومن بينها: أصفهان ـ إعادة فتح همذان ـ واج روذ بين همذان وقزوين .
2ـ إقليم فارس: يقع هذا الإقليم في وسط إيران، حيث توجهت إليه الجيوش الإسلامية على النحو التالي: أصطخر عاصمة فارس ـ فسا ودارابجراد ـ كرمان.
3ـ إقليم خراسان: يؤلف هذا الإقليم الجزء الشرقي للدولة الفارسية، وكان الأحنف ابن قيس أبرز قادة فتح هذا الإقليم وبعد أن أبلى بلاء طيباً في معركة نهاوند ولاه الخليفة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لواء فتح خراسان ففتح هراة عنوة لواء فتح خراسان ففتح هراة عنوة وسار نحو مرو فكتب يزدجرد مستنجداً بخاقان الترك وملك الصفد وملك الصين، وحينما دخل الملمون مرو فر يزدجرد إلى بلخ. وبعد أن فتحت بلخ فر يزدجرد إلى سمرقند، إلى أن قتله الفرس أنفسهم، وقضي على آخر أمل للدولة المجوسية.
4ـ إقليم سجستان: يشغل هذا الإقليم أجزاء كبيرة من إيران ومن أفغانستان ويطلق عليه سجستان أو سيستان (ساستان).
3- الجبهة الجنوبية: وكانت في إقليم مكران وهو أقصى البلاد الفارسية من الجنوب وتقع سواحله على خليج عمان وجزء من الخليج العربي، انتصر المسلمون فيها انتصاراً مؤزراً على المجوس ودخل المسلمون على أثرها مكران.
* الإنسياح الإسلامي في أرض فارس بعد نهاوند:
* قال الطبري: وفي هذه السنة أمر عمر جيوش العراق بطلب جيوش فارس حيث كانت؛ وأمر بعض من كان بالبصرة من جنود المسلمين وحواليها بالمسير إلى أرض فارس وكرمان وأصبهان، وبعض من كان منهم بناحية الكوفة وماهاتها إلى أصبهان وأذربيجان والري... ولما أتى عمر انبعاث الجنود وانسياحهم وأمر عماراً بعد، وقرأ قول الله عز وجل:( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ).
* فتح أصبهان (أصفهان) في سنة 21 هـ:
* صلح أصفهان:( بسم الله الرحمن الرحيم. كتاب من عبد الله للفاذوسفان وأهل إصبهان وحواليها؛ إنكم آمنون ما أديتم الجزية، وعليكم من الجزية بقدر طاقتكم في كل سنة تؤدونها إلى الذي يلي بلادكم عن كل حالم؛ ودلالة المسلم وإصلاح طريقه وقراه يوماً وليلة، وحملان الراجل إلى مرحلة، لا تسلطوا على مسلم، وللمسلمين نصحكم وأداء ما عليكم، ولكم الأمان ما فعلتم ؛ فإذا غيرتم شيئاً أو غير مغير منكم ولم تسلموه فلا أمان لكم؛ ومن سب مسلماً بلغ منه؛ فإن ضربه قتلناه. وكتب وشهد عبد الله بن قيس وعبد الله بن ورقاء، وعصمة بن عبد الله ).
* مدينة أصفهان اليوم:
* وأصبهان مدينتان إحداهما تعرف باليهودية ولأخرى شهرستان، وبينهما مقدار ميلين كقرطبة والزهراء بأرض الأندلس متباينتان، وفي كل واحدة منهما منبر واليهودية أكبرهما، وهي مثل شهرستان في الكبر وبناؤهما من طين، وهما أخصب مدن الجبال وأوسعها عرصة وأكثرهما مالاً وأهلاً وتجارة وسابلة ونعماً وخيراتٍ وفواكه وطيبات، وهي فرضة لفارس والجبال وخراسان وخوزستان وليس بالجبال كلها أكثر جمالاً للحمولات منا.
- ويرتفع منها العتابي والوشي وسائر ثياب الإبريسم والقطن ما يجهز بذلك إلى العراق وفارس وسائر الجبال وخراسان وخوزستان، وليس كعتابي أصبهان في الجودة والجوهرية، وبها زعفران وفواكه تجلب إلى العراق وإلى سائر النواحي، وليس من العراق إلى خراسان بعد الري مدينة أكثر من أصبهان تجارة.
- وهي ذات نواح نزهة ورساتيق حسنة ومن وصل حسنة ومن وصل إلى قربها من طريق فارس وصعد عقبة سرفراز، أشرف على المدينتين والرساتيق المتصلة بالبلد، ورأى أنزه مكان وأطيبه مما يستوقف النظر وترتاح له النفس ولا يسأمه البصر، ومن كرائم هذه الرساتيق رستاق جى، وبه من الضياع الحسنة والقرى الخطيرة ما يذكر أنها على عدد أيام السنة. ويقال إن الإسكندر عند ابتنائه سور شهرستان جعل فيه ثلاثمائة وخمسة وستين برجاً لكل ضيعة برج، ليتحصن فيه عند الفزع ويأوي إليه أهلها عند الحصار وتغلب الأشرار، وذلك أن نواحي أصبهان كانت في قديم الأيام ثغراً من ثغور الترك والديلم، ومن الرساتيق المحيطة بالبلد: رستاق لنجان ومهرين وجنيه وكراج وكدر وكه كاوسان وبراخوار وبر آن؛ وبهذه الرساتيق ضياع كبار آهله غزيرة الغلات ومنها ذوات منابر وخطباء وأسواق وحمامات.
بل شهرستان؛ جسر بُني منذ العهد الساساني، جُدد بناؤه حديثاً
مصنوعات قديمة من أصفهان
صناعة السجاد في أصفهان
زقاق قديم في أحد أحياء أصفهان القديمة
نهر نياصرم بأصفهان
تفرع نهري