القســــــــم الأول الأديــــــــــان الســــــــــــــماوية
النصـــرانـيـة Christian
* نشأة الرهبانية والديرية وتأثير الفلسفة على النصرانية:
- في خلال هذه ظهرت الرهبنة في النصرانية في مصر أولاً على يد القديس بولس الطبي 641ـ 356م والقديس أنطوان المعاصر له، إلا أن الديرية ـ حركة بناء الأديرة ـ نشأت أيضاً في صعيد مصر عام 315 ـ 320م أنشأها القديس باخوم، ومنها انتشرت في الشام وآسيا الصغرى. وفي نفس الوقت دخلت غرب أوروبا على يد القديس كاسليان 370 ـ 425م ومارتن التوري 316 ـ 387م، كما ظهرت مجموعة من الآباء المتأثرين بمدرسة الإسكندرية الفلسفية ( الأفلاطونية الحديثة) وبالفلسفة الغنوصية، مثل كليمنت الإسكندري 150 ـ 215م أوريجانوس 185 ـ 245م وغيرهما.
* العهد الذهبي للنصارى:
- يطلق مؤرخو الكنيسة اسم العهد الذهبي للنصارى ابتداء من تربع الإمبراطور قسطنطين على عرش الإمبراطورية الرومانية عام 312م لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل تاريخ النصرانية.
* ويمكن تقسيم ذلك العهد إلى مرحلتين رئيسيتين:
- مرحلة جمع النصارى على عقيدة واحدة ( عصر المجامع أو عهد الخلافات والمناقشات) ما إن أعلن قسطنطين إعلان ميلان حتى قرب النصارى وأسند إليهم الوظائف الكبيرة في بلاط قصره، وأظهر لهم التسامح، وبنى لهم الكنائس، وزعمت أمه هيلينا اكتشاف الصليب المقدس، الذي اتخذه شعاراً لدولته بجانب شعارها الوثني، فنشطت الدعوة إلى النصرانية، مما كان له آثره البالغ في ظهور الكثير من العقائد والآراء المتضاربة، والأناجيل المتناقضة، حيث أكثر من خمسين إنجيلاً، وكل فرقة تدعي أن إنجيلها هو الصحيح وترفض الأناجيل الأخرى.
- وفي وسط هذه العقائد المختلفة والفرق المتضاربة مابين من يؤله المسيح وأمه ( الريمتين) أو من يؤله المسيح فقط، أو يدعي وجود ثلاثة آلهة: إله صالح، وإله صالح، وآخر عدل بينهما ( مقالة مرقيون). أعلن آريوس أحد قساوسة كنيسة الإسكندرية صرخته المدوية بأن المسيح عليه الصلاة والسلام ليس أزليا، وإنما هو مخلوق من الأب، وأن الابن ليس مساوياً للأب في الجوهر، فالتف حوله الأنصار وكثر أتباعه في شرق الإمبراطورية حتى ساد مذهبه التوحيدي كنائس مصر الإسكندرية وأسيوط وفلسطين ومقدونيا والقسطنطينية وأنطاكية وبابل، مما أثار بطريرك الإسكندرية بطرس ضده ولعنه وطرده من الكنيسة، وكذلك فعل خلفه البطريرك إسكندر، ثم الشماس إثناسيوس، وضماناً لاستقرار الدولة أمر الإمبراطور قسطنطين عام 325م بعقد اجتماع عام يجمع كل أصحاب هذه الآراء للاتفاق على عقيدة واحدة يجمع الناس حولها، فاجتمع في نيقية 2048 أسقفاً منهم 338 يقولون بألوهية المسيح، وانتهى ذلك المجمع بانحياز الإمبراطور إلى القول بألوهية المسيح ولينفض على القرارات التالية:
1- لعن أريوس الذي يقول بالتوحيد ونفيه وحرق كتبه، ووضع قانون الإيمان النيقاوي( الثناسيوسي) الذي ينص على ألوهية المسيح.
2- وضع عشرين قانوناً لتنظيم أمور الكنيسة والأحكام الخاصة بالأكليريوس.
3- الاعتراف بأربعة أناجيل فقط: ( متى، لوقا، مرقس، يوحنا) وبعض رسائل العهد الجديد والقديم، وحرق باقي الأناجيل لخلافها عقيدة المجمع.
* مرحلة الانفصال السياسي:
- قسَّم قسطنطين الإمبراطورية قبل وفاته عام 337 م على أبنائه الثلاثة: فأخذ قسطنطين الثاني الغرب، وقسطنطيوس الشرق، وأخذ قنسطايس الجزء الأوسط من شمال أفريقيا، وعمد كل منهم إلى تأييد المذهب السائد في بلاده لترسيخ حكمه. فاتجه قسطنطيوس إلى تشجيع المذهب الآريوسي، بينما شجع أخوه قسطنطين الثاني المذهب الأثناسيوسي مما أصل الخلاف بين الشرق اليوناني والغرب اللاتيني. توحدت الإمبراطورية تحت حكم قسطنطيوس عام 353 ـ 361م بعد وفاة قسطنطين الثاني، ومقتل قنسطانس، ووجد الفرصة سانحة لفرض مذهبه الآريوسي على جميع أجزاء الإمبراطورية شرقاً وغرباً.
- لم يلبث المر طويلاً حتى اعتلى فلؤديوس عرش الإمبراطورية 379 ـ 395م الذي اجتهد في إلغاء المذهب الآريوسي والتنكيل بأصحابه، والانتصار للمذهب الأثناسيوسي. ولذا ظهرت في عهده دعوات تنكر الأقانيم الثلاثة ولاهوت الروح القدس، فقرر عقد مجمع القسطنطينية الأول 382م، وفيه فرض الإمبراطور العقوبات المشددة على اتباع المذهب الآريوسي. كما تقرر فيه أن روح القدس هو روح الله وحياته، وأنه من اللاهوت الإلهي، وتم زيادته في قانون الأيمان النيقاوي، ولعن من أنكره مثل مكدنيوس، وذلك بالإضافة إلى عدة قوانين تنظيمية وإدارية تتعلق بنظام الكنيسة وسياستها.