أطلس الحج والعمرة ((تاريخاً وفقهاً))
القسم الأول ((التاريخي))
أولاً:
مكة المكرمة والمشاعر المقدسة
الباب الثاني:
هجرة إبراهيم الخليل عليه السلام, وبناء البيت, ودعوة الناس للحج إليه.
* حدود أعلام الحرَم المكِّي:
- الحجُّ فريضة ٌعلى المسلمين إلى أن تقوم الساعة. قال تعالى:( إنَّمَا أُمرتُ أَنْ أعبُدَ رَبَّ هَذه البَلدَة الذي حَرَّمهَا وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ وأمرتُ أن َأكُونَ من المُسلمينَ ) النمل: 91.
- قال القرطبي في تفسيره: "يعني مكة التي عظم الله حرمتها, أي جعلها حرماً آمناً لا يسفك فيها دم, ولا يُظلم فيها أحد, ولا يُصاد فيها صيد, ولا يُعضَّد فيها شجر". ويؤيد ذلك حديثمجاهد بن جبر المكي رضي الله عنه, أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قام يومَ الفتحِ فقال:( إنَّ اللهَ حرم مكةَ يومَ خلق السماواتِ والأرضَ، فهي حرامٌ بحرامِ اللهِ إلى يوم القيامةِ، لم تحلَّ لأحدٍ قبلي ولا تحلُّ لأحد بعدي، ولم تحلل لي إلا ساعةً من الدهر، لا يُنفر صيدُها، ولا يعضدُ شوكُها، ولا يختلى خلاها، ولا تحل لُقطتُها إلا لمنشدٍ ) إلى آخر الحديث صحيح البخاري.
- وقال عم ربن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ لأهل مكة: "يا أهل مكة: الله الله في حرم الله, ثم قال: إنه كان ولاة هذا البيت قبلكم (طسم), فتهاونوا به ولم يعظِّموا حرمته؛ فأهلكهم الله ـ تعالى ـ, فلا تهاونوا به, وعظّموا حرمته".
- وروى الأزرقي بإسناد إلى الحسن بن القاسم, قال: لما قال إبراهيم:" رَبَّنا وأَرِنَا مَناَسِكَناَ" نزل إليه جبريل فذهب به, فأراه المناسك, ووقَّفه على حدود الحرم, فكان إبراهيم يرضم الحجارة, ويحثي عليها التراب, وكان جبريل يقفه إلى الحدود "أ. هـ.
- وروى الفاكهي بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام نصب أنصاب الحرم, يريه جبريل عليه السلام". وعلى ذلك تكاد تجمع الروايات أن إبراهيم عليه السلام وهو أول من نصب أعلام الحرم, بدلالة جبريل عليه السلام. وللحرم علامات مبنية في جوانبه الأربعة, ومازالت موجودة إلى اليوم, تجدد في كل عصر عند حدوث تلف فيها, وهي علامات بعضها حديثة بالأسمنت المسلّح, والرخام, والبعض منها قديم مبني بالحجَر, ومُجصّصة بالنورة, وبعضها بالرضم, وهذه العلامات يطلق عليها العلماء أنصاب الحرم.
* تجديد النبي صلى الله عليه وسلم لأعلام الحرم:
- نظراً لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يملك السلطة على مكة قبل هجرته الشريفة: لذا لم يجدّد أعلام الحرم المكّي قبل الهجرة, لكنه ما كادت أقدامه تصل إلى مكة فاتحاً سنة 8 هـ, حتى أرسل من يقوم بهذه المهمة العظيمة.
- روى البزار بسنده إلى محمد ابن الأسود بن خلف, عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجدِّد أعلام الحرم المكي عام الفتح وهي السنة الثامنة للهجرة النبوية.
- وروى عبد الرزاق في" المصنف" من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم, عن محمد بن الأسود بن خلف, قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر يوم الفتح, تميم بن أسد الخزاعي جد عبد الرحمن بن المطلب بن تميم فجدّدها. أ هـ.
- فتأمل قوله (يوم الفتح) وهي أدق من (عام الفتح), وعلى ذلك فقد كان الأمر بتجديد الأعلام (يوم الفتح), وهذا لعمر الحق شيء يدعو للتأمل!.
- من أقدم الدراسات التاريخية التي وصلتنا, والتي تتعلق بالبلد الحرام, كتابان الأول: "أخبار مكة" للإمام الأزرقي, والثاني: "أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه" للإمام الفاكهي, والرجلان عاشا في قرن واحد, إلا أن الفاكهي كانت وفاته بعد الأزرقي بما يقارب من عشرين عاماً, وقد طبع "أخبار مكة" للأزرقي؛ أما "أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه" للفاكهي فقد وفق الله الشيخ الدكتور/ عبد الملك بن دهيش, على تحقيقه, ثم طبعه, ويقع في خمس مجلدات, والسادس للملاحق, والفهارس.
- أحد العلمين اللذان أمر ببنائهما الملك/ عبد العزيز ـ رحمه الله ـ مازالا قائمين بالشميسي, وهما بحالة جيدة, ويشبهان العلمين القديمين في طريقة البناء, ويقوم على قمة العلم ثلاث قباب صغيرة, وكتب على العلمين هذه العبارة: ((بسم الله الرحمن الرحيم, إلى هنا أول حدود الحرم, وضع في عهد الملك عبد العزيز)), ويُرى مؤلف ومصمم الأطلس وسط العلم الجديد.
- سبيل ماء أمر بإقامته الملك عبد العزيز ابن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ـ رحمه الله تعالى ـ سنة 1361هـ بجوار علميَّ حدود الحرم المكيِّ بالشميسي ((الحديبية)).