* ولد الاسكند الكبير وهو أشهر فاتح في العالم القديم في 356 ق.م في بيلا وهي عاصمة مكدونيا في بلاد اليونان، وكان والده الملك فيليب الثاني ملك مكدونيا رجلاً ذا مقدرة فائقة وبعد نظر، وقد وسع وأعاد تنظيم الجيش المكدوني وحوَّله إلى قوة ذات منزلة رفيعة، واستعمل الجيش أولاً لمحاصرة بعض المناطق في شمال بلاد اليونان ثم اتجه جنوباً وفتح معظم بلاد اليونان نفسها. ثم خلق اتحاداً يضم معظم (دول المدن) اليونانية، ونصّب نفسه زعيماً لها، وكان يخطط لغزو بلاد الفرس عندما اغتيل وهو في سن السادسة والأربعين.
- وكان الاسكندر في العشرين من عمره فقط عند وفاة والده، ولكنه لم يصادف أي صعوبة في ارتقاء العرش لأن والده كان قد أعدَّه لهذا المنصب وكان قد أحرز خبرة لا بأس بها في الشؤون الحربية، فضلاً عن أن والده لم يهمل تثقيف عقله، فقد كان أستاذه الفيلسوف اللامع أرسطو ولقد انتهزت شعوب اليونان والبلاد المغلوبة فرصة موت فيليب لنبذ النير المكدوني ولكن الاسكندر استطاع في سنتين بعد اعتلائه العرش أن يقهر كل أعدائه، وبعد ذلك تفرغ لغزو بلاد الفرس.
- لقد كان ملوك الفرس يحكمون منطقة واسعة تمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى الهند، ومع أن بلاد الفرس لم تعد في أوج قوتها إلا أنها كانت لا تزال خصماً عنيداً.
- ساق الاسكندر جيوشه لغزو الامبراطورية الفارسية عام 334 ق.م، وبما أنه كان مجبراً أن يحتفظ بقسم من جيشه في الوطن للاحتفاظ بسيطرته على أملاكه الأوربية لذا فقد كان عدد جنوده حوالي 35 ألفاً عندما بدأ زحفه وكانت قوته صغيرة بالنسبة للجيوش الفارسية. وبالرغم من وضع جيوشه غير مواتي عددياً، فقد استطاع أن يحرز سلسلة من الانتصارات الساحقة على الوى الفارسية. وكان هناك ثلاث أسباب رئيسية لهذا الانتصار: أولاً، كان الجيش الذي تركه له والده أفضل تدريباً وتنظيماً من الجيش الفارسي. ثانياً، كان الاسكندر قائداً بارعاً ذا مواهب وعبقرية. وأما السبب الثالث فكان شجاعة الاسكندر نفسه فمع أنه كان باستطاعته أن يوجه الجيوش وهو خلف الصفوف إلا أنه كان يقود جيوشه المتقدمة بنفسه وكان هذا العمل خطراً على حياته فقد جرح مراراً ولكن جيوشه كانت ترى أن الاسكندر يشاطرها الخطر ولم يكن يطلب منهم أن يقوموا بأي عمل دون أن يعرّض نفسه للخطر لهذا كانت نتيجة هذه "الأخلاقية" النجاح الأكيد لخططه.
- قاد الاسكندر جيوشه أولاً خلال آسيا الصغرى، وقهر جميع الجيوش الصغيرة المتمركزة هناك، ثم تحرك إلى شمالي سوريا حيث هزم الجيش الفارسي في "ايسوس" ثم اتجه جنوباً وحاصر جزيرة صور الفينيقية مدة سبعة أشهر ثم فتحها، وبينما كان يحاصر مدينة صور أتاه كتاب من الملك الفارسي يعرض عليه أن يتخلى عن نصف امبراطوريته للاسكندر مقابل عمل معاهدة صلح، وقد فكر أحد قواد الاسكندر المدعو " بارمينو" بأن هذا العرض مناسب وقال: " إنني أميل أن أقبل هذا العرض لو كنت الاسكندر" فأجابه الاسكندر قائلاً: " وأنا أميل لقبوله أيضاً لو كنت بارمينو".
- وبعد سقوط صور توجه الاسكندر إلى غزة التي سقطت بعد حصار شهرين فقط، ثم استسلمت مصر دون قتال، وتوقف الاسكندر هناك برهة من الزمن ليريح جنوده، وهناك ومع أنه كان لا يزال في الرابعة والعشرين من العمر توج فرعوناً وأعلن أنه إله (على حسب زعمهم)، وبعد ذلك قاد جيوشه راجعاً إلى آسيا حيث حارب الفرس في معركة أرابيلا الحاسمة 331 ق.م وهزمهم هزيمة كاملة. ثم دخل إلى بابل حيث سمع نبأ اغتيال الملك داريوس الثالث ملك الفرس على يد أحد ضباطه لمنعه من الاستسلام للاسكندر، ومع ذلك فإن الاسكندر قد ساءه هذا العمل إلا أنه قتل خليفة داريوس الثالث، وخلال ثلاث سنوات أخضع كل منطقة إيران الشرقية واندفع متجهاً إلى آسيا الوسطى حيث ربح عدة انتصارات، ولكن فرقه العسكرية التي أنهكها الحرب والقتال رفضت أن تستمر في الزحف، ولذلك فقد رجع الاسكندر مرغماً إلى بلاد فارس.
- قضى الاسكندر السنة ونصف التي بقيت له من حياته في تنظيم امبراطوريته وكان تنظيمه يستند على أن الثقافة اليونانية هي الثقافة الوحيدة الصالحة لذلك العصر، وأن ما عداها هي ثقافات بربرية، ولكنه عاد واقتنع بأن للفرس ثقافتهم وهم جديرين بالاحترام، فاقترح خلق ثقافة يونانية فارسية ومملكة يونانية فارسية يسيطر عليها بنفسه.
- وعندما مات بالحمى في عام 323 ق.م لم يكن قد أوصى بخليفة له وكان عمره لا يتجاوز الثالثة والثلاثين، وقد تقسَّمت امبراطوريته بين قواده.
- يعتبر الاسكندر أكبر شخصية درامية في التاريخ، وكانت من أهم نتائج فتوحاته أن جلب الحضارة اليونانية والحضارة الشرقية جنباً إلى جنب، وهكذا أثرى الحضارتين، فقد انتشرت الثقافة اليونانية بسرعة في إيران وما بين النهرين وسوريا ومصر.
- وقد أسس الاسكندر أكثر من 20 مدينة أهمها الاسكندرية في مصر، التي أصبحت من المدن الطليعية في العالم ومركزاً من مراكز العلوم والثقافة.
- إن تأثير الاسكندر في العالم كان أعظم من تأثير نابليون وهتلر فلذلك رأى المؤلف أن يضعه قبلهما في تصنيف المئة.