القســــــــم الأول:
الأديــــــــــان الســــــــــــــماوية
الإســــــــلام
* خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
- روعت مدينة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) بمقتل أمير المؤمنين عثمان ين عفان ( رضي الله عنه) في واحدة من المآسي الكبرى في التاريخ، ولم يكن مقتله عن ذنب اقترفه أو جرم ارتكبه أو سياسية باطشة التزمها أو ظلم أوقعه على أمته، وإنما استشهد في قتنة عمياء شهدتها المدينة النبوية، ودبّر لها من دبّر، وأعد لها مخططوها لتفريق الأمة، وشغلها في حرب طاحنة ثرواتها وزهرة شبابها، وتستنفد ثرواتها ومقومات حياتها.
- وكان وراء إثارة هذه الفتنة اليهودي" عبد الله بن سبأ"، الذي ادعى الإسلام في عهد عثمان، وبث أفكاره الخبيثة بالناس، وأخذ ينشرها في البلاد، وراح يخطط للنيل من عثمان وولاته؛ فاستجاب له بعض ضعاف النفوس وأهل الأهواء.
- سيطر الثائرون وأهل الفتنة على المدينة النبوية، وكانوا نحو عشرة آلاف من البصرة والكوفة ومصر، وبقيت الأمة بغير خليفة يدبر لها أمرها، وظل" الغافقي بن حرب" وهو من زعماء الفتنة يصلي بالناس إماماً في مسجد النبي( صلى الله عليه وسلم) عدة أيام قبل أن يختار الناس خليفتهم، وأصبح الناس في حيرة من أمرهم. وفي هذا الموقف العصيب لم يكن هناك من الصحابة من هو أجدر لمنصب الخلافة الراشدة من علي ابن أبي طالب( رضي الله عنه)؛ فهو أقدمهم سابقة في الإسلام، وأشدهم بأساً وشجاعة، وأكثرهم علماً وفقهاً، وأبلغهم لساناً وبياناً؛ فاتجهت إليه الأنظار، وتعلقت به القلوب والآمال ليحمل مسئولية الأمة وقيادة الركب في هذه الفتنة الهوجاء والمحنة القاسية التي ألمت بالمسلمين، فقبل المنصب، وتحمل تبعاته بشجاعة واحتساب صادق، وتمت البيعة المباركة في اليوم( 25 من ذي الحجة 35هـ = 24 من يونيو 656م). أحمد تمام، خلافة علي بن أبي طالب.
- تولى علي بن أبي طالب الخلافة ودم سلفه الجليل عثمان بن عفان لم يجف بعد، وقاتلوه لا يزالون بالمدينة، وعليه أن يقتص من قتلة عثمان ويعيد للخلافة هيبتها، وكان ذلك مطلبا عاما؛ فذهب إليه طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام يطلبان من أن يقيم حد القصاص على قتلة عثمان، فأجابهما بأن الأمر يحتاج إلى تمهل وتأن؛ فالذين قاموا بالقتل عدد قليل، ولكن وراءهم عشرة آلاف يملئون المدينة قد خدعوا بهم، وهم مستعدون للدفاع عنهم؛ ولذلك عندما كانوا يسمعون قائلاً يقول: من قتل عثمان؟ كانوا يجيبون في صيحة واحدة نحن جميعاً قتلناه، فاقنع الصحابيان الجليلان بما قاله علي بن أبي طالب لهما. وكانت الخطوة التي أقدم عليها أمير المؤمنين" علي" هي عزل كل الولاة الكبار الذين كانوا على عهد عثمان( رضي الله عنه) حتى تهدأ الفتنة وتستقر الأمور، وكان هؤلاء الولاة قد اتخذهم أهل الفتنة والثورة ذريعة للطعن على عثمان بن عفان، والخروج عليه، واتهامه ظلماً وبهتاناً بمحاباتهم ومجاملتهم؛ فعزل" معاوية بن أبي سفيان" عن ولاية الشام، و " عبد الله بن سعد بن أبي السرح" عن ولاية مصر، و" عبد الله بن عامر" عن ولاية البصرة، و" أبا موسى الأشعري" عن ولاية الكوفة. وهذا القرار الأخير راجعه فيه ابن عمه عبد الله بن عباس؛ لا اعتراضاً على القرار الذي هو من حق الخليفة في أن يعين من يراه جديراً بتحمل المسئولية، والقيام بأمر الولاية التي يتولاها على خير وجه، وأن تكون هناك تنسيق بين الخليفة وأمرائه في الولايات، ولكن لأن الأوضاع العامة لا تزال مضطربة، والنفوس مشتعلة، والفتنة قائمة تحتاج إلى وقت حتى تهدأ. أحمد تمام، المرجع السابق.
- ولذا اقترح عليه ابن عباس أن يرجئ تنفيذ هذا القرار فترة ولو لمدة سنة، أو يعزل من يشاء من الولاة، ويبقي معاوية على ولاية الشام؛ لأن معاوية لم يكن محل شكوى الثائرين، ولم يشترك أهل الشام في الفتنة، ولكن الإمام علي أصر على تنفيذ القرار؛ محتجاً بأن الثائرين غضباً من ولاة عثمان، ولن تهدأ ثورتهم ما لم يعزلوا، وكان من أثر ذلك أن الولاة الجدد تسلموا مهامهم خلفاً لولاة عثمان، في الوقت الذي رفض معاوية بن أبي سفيان أن ينفذ القرار، ومنع دخول" سهل بن حنيف" الوالي إلى الشام من قبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
- دارت رسائل ومخاطبات بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان حول هذا الشأن؛ الأول يطلب مت الآخر أن يبايعه بالخلافة، وأن يذعن لأوامره باعتبار الخليفة الشرعي المبايع من كبار الصحابة. على حين يطالب معاوية من الخليفة أن يقتص من قتلة عثمان باعتباره ولي دمه؛ لأنه ابن عمه قبل أن يبايعه بالخلافة وقد ظل الأمر على هذا النحو شهرين من خلافة علي، والرسائل تدور بينهما دون أن تحقق نتيجة مرضية؛ وفي الوقت الذي أخذ فيه الإمام علي بن أبي طالب يجهز للخروج إلى الشام، جاءه ما لم يكن يتوقع؛ فقد كانت أم المؤمنين عائشة( رضي الله عنه) قد أدت فريضة الحج، فسمعت وهي في طريقها إلى المدينة بنبأ مقتل عثمان، فغضبت لهذه الجريمة البشعة، وقفلت راجعة إلى مكة، وأخذت تردد:" قتل والله عثمان مظلوماً، لأطلبن بدمه". وقام معها جمع كبير في مقدمهم طلحة والزبير، وقاتلوا علياً، فكانت وقعة الجمل سنة 36هـ وظفر علي بعد أن كثر قتلى الفريقين.
- ثم كانت وقعة صفين سنة 37هـ، بين علي ومعاوية، فاقتتلا مائة وعشرة أيام فيها من الفريقين عدد كبير، وانتهى القتال بتحكيم أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص، فاتفقا سراً على خلع علي ومعاوية، وأعلن أبو موسى ذلك، وخالفه عمر فأقر معاوية، فافترق المسلمون ثلاثة أقسام: الأول بايع لمعاوية وهم أهل الشام، والثاني حافظ على بيعته لعلي وهم في الكوفة، والثالث اعتزلهما ونقم على الإمام علي رضاه بالتحكيم وهم فرقة الخوارج. وكانت وقعة النهروان سنة 38هـ بين علي وأباة التحكيم، وكانوا قد كفّروا علياً ودعوه إلى التوبة واجتمعوا جمهرة، فقاتلهم، فقتلوا كلهم. وأقام علي بالكوفة( دار الكوفة) إلى أن قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي غيلة في 17 رمضان المشهورة سنة 40هـ. هكذا كانت خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ عبارة عن حروب داخلية أدت إلى وقف مشوار الفتح الإسلامي على الساحتين الشرقية والغربية.
المواقع الحربية في عهد الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
* نهروان:
وأكثر ما يجري على الألسنة بكسر النون، وهي ثلاثة نهروانات: الأعلى والأوسط
والأسفل، وهي كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي حدّها الأعلى متصل
ببغداد وفيها عدة بلاد متوسطة، منها: إسكاف وجرجرايا والصافية ودير قنّى وغير ذلك،
وكان بها وقع لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه مع الخوارج مشهورة.
ياقوت.
*الجمل: بي أمير المؤمنين علي – رضي الله عنه – وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم جميعاً من جانب آخر، حيث توصل الفريقان إلى حل منصف، لكن السبئيين أضرموا الحرب بين الطرفين انتهت المعركة بانتصار جيش علي.
* صفّيَن: موضع بقرب الرقّة على شاطئ الفرات من الجانب الغربي بين الرقة وبالس، وكانت وقعة صفين بين عليّ، رضي الله عنه، ومعاوية في سنة 37 في غرّة صفر، الحموي: معجم البلدان. انتهت بالتحكيم بين الطرفين.
* أبرز فرق الشيعة:
- تشترك الاسماعيلية مع الإثنى عشرية بمفهوم الائمة المنحدرين من بنت الرسول عليه السلام؛ فاطمة رضي الله عنها ولكن انشق الاسماعيليون عن جمهور الشيعة الإثنى عشرية عند الإمام السادس (جعفر الصادق) ومن سيخلفه من ابنائه. فجنح الإسماعيليون مع ابن جعفر الصادق الاكبر "إسماعيل" بينما تبنى الإثنى عشريون ابنه الاصغر "موسى الكاظم".
- وتجدر الإشارة أن الدروز تفرعوا من الإسماعيلية عند إمام الإسماعيلية السادس عشر "الحاكم".