أطلس الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

 

البــــــــاب الثـــالث:

خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

 

الفـصـل الثـالـث:

فتــح الشـــام وفلســـطين

 

* طبقة فحل (بيلا):

المؤلف أمام أطلال الكنيسة الغربية في (فحـــل)

 

* احتلها الإسكندر المقدوني سنة 322 قبل الميلاد وجاءت تسميتها نسبة لإحدى بنات الإسكندر وكانت إحدى مدن الديكابولس (حلف المدن العشرة) ومن ثم وقعت تحت سيطرة البطالمة إلى أن دخلت عهد الفترة الرومانية. وعندما سيطر القائد الروماني بومبي على المنطقة عام 36 قبل الميلاد.

- ازدهرت وأصبحت واحدة من أهم مدن التحالف التجاري العسكري (الديكابولس) الذي أقامه الامبراطور بين المن العشر ذات الأصول التي تنتمي إلى الثقافة اليونانية.

- وقد لجأ إلى بيلا الحواريون وأنصار المسيح عيسى عليه السلام هرباً بدينهم من ظلم الرومان واليهود وبنوا كنائس وأسسوا برشية، وأصبحت في القرن الرابع الميلادي مركزاً فلسطين. فتحها المسلمون عقب معركة فحل سنة 13 هـ.

 

 

جانب آخر من أطلال الكنيسة الغربية

 

صور مختارة لمسرح الأحداث في معركة فحل - بيسان من الأراضي الأردنية

 

صور لمنطقة الأغوار الأردنية بطبقة فحل المطلة على منطقة بيسان في فلسطين الحبيبة

 

* الطريق إلى دمشق:

 

* قال ابن جبير في وصف دمشق: ((وأما دمشق فهي جنة المشرق. ومطلع نور المشرق، وخاتمة بلاد السلام التي استقريناها. وعروس المدن التي جلبناها. قد تحلت بأزهار الرياحين، وتجلت في حلل سندسية من البساتين. وحلت من موضع الحسن بالمكان المكين. وتزينت في منصتها أجمل تزيين. وتشرفت بأن أوى المسيح عليه السلام وأمه إليها إلى ربوة ذات قرار معين. ظل ظليل. وماء سلسبيل. تنساب مذانبه أنسياب الأراقم بكل سبيل. ورياض يحي نسيمها العليل .... وامتدت بشرقيها غوطتها الخضراء امتداد البصر..)).

 

- دمشق: مدينة ضاربة في أعماق التاريخ الإنساني، سكنت لأول مرة في الألف الثالثة قبل الميلاد، اختلفت الآراء كثيراً في اسم بانيها الأول: فمن قائل إن الذي بناها هو غلام إبراهيم الخليل عليه السلام وكان اسمه دمشق فسماها على اسمه دمشق، وقائل آخر يقول : إن الذي بناها هو دماشق بن نمرود بن كنعان أو دامشقيوس، وكان معه إبراهيم الخليل عليه السلام. وقال البعض: إنها سميت بدمشق بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام.

 

- ودمشق مدينة جميلة، تتربع الغوطة أسفل جبل قاسيون الذي يقع إلى الشمال منها. وهي محصنة بأسوار سميكة عالية تحيط عالية بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم في حيز طوله حوالي ألف وستمائة متر وعرضه نحو كيلو متر واحد.

 

* المجتمع الدمشقي قبل الفتح الإسلامي:

 

* االلاجئون: وهم سكان المناطق المجاورة الذين لجأوا لمدينة دمشق.

- العائلات الرومانية الحاكمة: وكانت تحت زعامة القائد العام لجيش الروم في دمشق (توماس) وهو زوج ابنة الامبراطور الروماني (هرقل).

- الحامية الرومانية: ويتراوح عددها بين خمسة عشر ألفاً وستة عشر ألفاً، وتقوم بالدفاع عن المدينة من خلال الانتشار الواسع في أجزائها الكبيرة.

 

زقاق داخل دمشق القديمة يؤدي إلى باب توما

 

* خريطة دمشق القديمة وأبوابها:

 

سور دمشق: إنه السور الذي يحيط بدمشق القديمة من جميع جهاتها، ويقوم على قواعد سور من العهد الآرامي والمجدد في العهد اليوناني.

- وهو عبارة عن حجارة كلسية صلبة يعود معظم أجزائه إلى القرن الثالث الميلادي (العهد الروماني) وهو يحوي في طياته أعمال ترميم وتجديد حلت به عبر العهود التي تعاقبت على دمشق، وبخاصة في العهدين الزنكي والأيوبي؛ حيث كان السور الروماني قد تعرض إلى تخريب وتدمير في أجزاء عديدة منه العهد العباسي وذلك في عام 750 م، ولم يبق منه عندئذ سوى الجزء الممتد بين باب السلام وباب توما، وجزءاً من السور بما في ذلك الباب الشرقي.

- ويبلغ طول السور كالاً (محيط) بحدود 500م (امتداده الشرقي – الغربي نحو 1500م، والشمالي- الجنوبي نحو 750 م) وارتفاعه الوسطي بحدود خمسة أمتار.

- وكان يضم عدداً من الأبراج في جهاته المختلفة، ما يزال برجين منهما يشدان الانتباه، أحدهما يقع إلى الجنوب من باب الجابية ذو شكل مستدير شيد في عهد نور الدين زنكي ويحمل اسمه، والآخر يقع شرقي باب توما مباشرة وشكله مربع شيد على ما يبدو في عهد الملك الأيوبي الصلح أيوب في القرن الثالث عشر ميلادي.

 

أبواب دمشق: كان السور يضم في العهد الروماني سبعة أبواب (با ب شرقي، وباب كيسان، والباب الصغير، وباب الجابية، وباب الفراديس، وباب السلام، وباب توما)، ما يزال الباب الشرقي أنموذجاً حياً عنها بما أضيف إليه من مأذنة شامخة عهد نور الدين زنكي.

- ومع ترميم السور تجديد ما هدم منه في عهد نور الدين، كما في باب الفرج وباب النصر، وسد باب كيسان. ولقد أزيلت بعض الأبواب مع التطورات التي طرأت على المدينة.

 

* حصار دمشق:

 

1- أبو عبيدة يتحرك بجيش المسلمين من الأردن إلى دمشق لمحاصرتها من جهاتها الأربع، ويستولي على غوطة دمشق وما حوت عنوة.

 

2- هرقل يعزز قوات الروم بجيش كبير تصدت له القوات الإسلامية وأجبرته على الفرار.

 

3-القوات الرومية تفر منهزمة نحو حمص على طريق يبرود والنبك وعطية وهو الطريق الشرقي المتاخم للصحراء السورية.

 

4- السمط بن الأسود الكندي يتقدم قواته الإسلامية في ملاحقة الجيش الرومي إلى حمص؛ مما أدى إلى هروب هرقل منها صوب أنطاكية.

 

5- مكان إقامة ذي الكلاع الحميري بقوة مساندة للجيش الإسلامي لحمص.

 

6- مكان إقامة أبي الدرداء عند سفح جبل قاسيون بالقرب من قرية برزة.

 

* صور مختارة لغوطة اليوم:

 

 

* يحدد د/علي موسى، غوطة دمشق، بأنها ذاك الطوق الأخضر الذي يحيط بدمشق من الشرق والجنوب والغرب باتساع يتراوح بين خمسة إلى خمسة عشرة كم؛ فهي تبلغ السيدة زينب جنوباً وجديدة عرطوز غرباً والنشابية شرقاً، بمساحة تبلغ نحو ألفي كم مربع ولولا نهر بردى وتفرعاته الرئيسية(يزيد وتوراً وقنوات وديراني ومزاوي... إلخ من فروع الغوطة) لما وجدت الغوطة، ولما كانت دمشق التي خرجت من طور لاتكال إلى طور بناء الذات).

 

* والغوطة غوطتان:

أ - غوطة غربية: وتقع إلى الغرب من طريق دمشق - المطار الدولي, ومركزها مدينة داريا.

 

ب - غوطة شرقية: وتقع إلى الشرق من الطريق الشرقي, ومركزها مدينة عربين.

 

- قلت: لذلك حرص المسلمون على الإستيلاء على غوطة دمشق وماحوت عنوة, من أجل تضييق الخناق على دمشق؛ إضافة إلى تحييد أهالي الغوطة حتى لا يتكمنوا من مساعدة المحاصرين فيها.

 

* معركة أسر ضرار بن الأزور أثناء حصار دمشق:

 

1ـ بعد ثلاثة أسابيع من حصار المسلمين لدمشق، جهز هرقل قوة من الجند عددها أثنا عشر ألف جندي ثم أرسلها من المناطق الشمالية لسوريا لفك الحصار عنها.

 

2ـ أرسل المسلمون ضرار بن الأزور على رأس قوة عددها خمسة آلاف جندي للوقوف ضد الرومية المساندة.

 

3ـ ضرار بن الأزور يقع في الأسر بعدما جرح جرحاً بليغاً في ذراعه، فتولى القيادة رافع بن عمير الطائي، بينما توجهت القوة الرومية بضرار إلى حمص.

 

4ـ خالد بن الوليد يقود الجيش الإسلامي بأربعة آلاف فارس لنجدة ضرار بن الأزور.

 

5ـ خالد بن الوليد بعد وصوله إلى ساحة المعركة، يرسل رافعاً على رأس كتيبة من الفرسان لتخليص ضرار من الأسر ومعهم خولة بنت الأزور.

 

6ـ قوات رافع منتصرة بعد أن خلصت ضراراً من الأسر، ثم عاد المسلمون إلى دمشق بقيادة خالداً بن الوليد. مما ثبط معنويات الجيش الرومي في دمشق.

 

* فتح دمشق:

 

* فتح دمشق في 15 رجب سنة 14 هـ:

-  كانت دمشق التي حباها الله بجمال ساحر وطبيعة خلابة تأخذ بالألباب وتستحوذ على القلوب تتميز بمزوجها الخضراء ومراعيها الخصبة وجناتها المثمرة ومياهها الصافية وغدارنها المتلألئة وحدائقها الغناء، وأجناسها المتنوعة.

- وصلها قادة الجيوش الإسلامية لفتحها بقيادة: أبي عبيدة عامر بن الجراح، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان, رضي الله عنهم.

- وقبل الفتح. جرت عدة معارك على الأبواب بين المسلمين والروم، وكان السجال فيها عنيفاً، وكان على الأبواب مجموعة من الفاتحين(انظر الخارطة الحالية والصفحات التالية) وكانت المعارك حول دمشق تقوم بين المهاجمين والمدافعين أيضاً.

 

- ثم إن الناس من الروم فزعوا إلى توما وقولوا: إما أن نصالح المسلمين أو تجد لنا مخرجاً. فوعدهم قتال المسلمين، ثم جهز جيوشاً على كل الأبواب لكي يباغتوا المسلمين في وقت واحد حدده لهم، وانطلقوا ليلاً بغارة شعواء فثبي لهم المسلمون ودارت معركة حامية الوطيس على جميع الأبواب تاركين آلاف القتلى.

 

- وبعد حصار دام سبعين يوماً عبر بن الوليد خندق الماء فوق القرب ثم رمى المسلمون الكلاليب فعاق اثنان منها. فتسلق المسلمون السور ثم مدوا بقية الحبال وصعد جمع من المسلمين فوق الأسوار، ونزلوا ففتحوا الباب الشرقي في خفة وبراعة، ثم تدفقت الجيوش وقاتلت من وقف في طريقها.

- ولما علم الروم وهم على باب الجابية بما حصل عند الباب الشرقي سارعوا إلى أبي عبيدة وطلبوا تسليم البلدة بالأمان، فوافق ولم م افعل خالد. ثم دخلها صلحاً والتقى جيش خالد مع وفد أبي عبيدة الذي تسلم المدينة في وسط المدينة عند كنيسة مريم، ثم إن أبا عبيدة أمضى الفتح صلحاً وفق شروط المسلمين على المدينة كافة.

 

- قال الذهبي: حاصر المسلمون دمشق، وتوفي أبو بكر. فبادر عمر بعزل خالد، فكتمه مدة، وكل هذا من دينه ولينه وحلمه، فكان فتح دمشق على يده، فعند ذلك أظهر التقليد، ليعقد الصلح للروم، ففتحوا له باب الجابية صلحاً وإذا بخالد قد افتتح البلد عنوة من الباب الشرقي، فأمضى لهم أبو عبيدة الصلح.

 

- فعن المغيرة، أن أبا عبيدة صالحهم على أنصاف كنائسهم ومنازلهم، ثم كان أبو عبيدة رأس الإسلام يوم وقعة اليرموك، التي استأصل الله فيها جيوش الروم، وقتل منهم خلق عظيم.

 

- قال الطبري: وكان صلح دمشق على المقاسمة الدينار والعقار ودينار على كل رأس، فاقتسموا الأسلاب فكان أصحاب خالد فيها كأصحاب سائر القواد وجرى على الديار ومن بقي في الصلح جريب من كل جريب أرض ووقف ما كان للملوك ومن صوب معهم فينا وقسموا لذي الكلاع ومن معه ولأبي الأعور ومن معه ولبشير ومن معه وبعثوا بالبشارة إلى عمر.