القســــــــم الأول:

الأديــــــــــان الســــــــــــــماوية

 

الإســــــــلام

 

 

* الشام في عهد الخليفة عمر رضي الله عنه:

 

 

فتح دمشق

 

* فتح دمشق في 15 رجب سنة 14هـ:

- كانت دمشق التي حباها اله بجمال ساحر وطبيعة خلابة تأخذ بالألباب وتستحوذ على القلوب تتميز بمروجها الخضراء ومراعيها الخصبة وجناتها المثمرة ومياهها الصافية وغدرانها المئلألئة وحدائقها الغناء. وأجناسها المتنوعة. وصلها قادة الجيوش الإسلامية لفتحها بقيادة: أبي عبيدة عامر بن الجراح. وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان. رضي الله عنهم. قبل الفتح، جرت عدة معارك على الأبواب بين المسلمين والروم، وكان السجال فيها عنيفاً، وكان على الأبواب مجموعة من الفاتحين وكانت المعارك حول دمشق تقوم بين المهاجمين والمدافعين أيضاً.

 

- ثم إن الناس من الروم فزعوا إلى توما وقالوا: إما أن نصالح المسلمين أو تجد لنا مخرجاً. فوعدهم قتال المسلمين، ثم جهز جيوشاً على كل الأبواب لكي يباغتوا المسلمين في وقت واحد حدده لهم، وانطلقوا ليلاً بغارة شواء فثبت لهم المسلمون ودارت معركة حامية الوطيس على جميع الأبواب وكانت أشد ما تكون على باب توما، ثم كثر القتل في الروم فارتدوا إلى الأبواب تاركين آلاف القتلى.

 

- وبعد حصار دام سبعين يوماً عبر خالد بن الوليد خندق الماء فوق القرب ثم رمى المسلمون الكلاليب فعلق اثنان منها، فتسلق المسلمون السور ثم مدوا بقية الحبال وصعد جمع من المسلمين فوق الأسوار، ونزلوا ففتحوا الباب الشرقي في خفة وبراعة، ثم تدفقت الجيوش وقاتلت من وقف طريقها.

ولما علم الروم وهم على باب الجابية بما حصل عند الباب الشرقي سارعوا إلى أبي عبيدة وطلبوا تسليم البلدة بالأمان، فوافق ولم يدر ما فعل خالد، ثم دخلها صلحاً والتقى جيش خالد مع وفد أبي عبيدة الذي تسلم المدينة في وسط المدينة عند كنيسة مريم، ثم إن أبا عبيدة أمضى الفتح صلحاً وفق شروط المسلمين على المدينة كافة.

 

- قال الذهبي: حاصر المسلمون دمشق، وتوفي أبو بكر، فبادر عمر بعزل خالد، واستعمل على الكل أبا عبيدة، فجاءه التقليد، فكتمه مدة، وكل هذا من دينه ولينه وحلمه، فكان فتح دمشق على يده، فعند ذلك أظهر التقليد، ليعقد الصلح للروم، ففتحوا له باب الجابية صلحاً، وإذا بخالد قد افتتح البلد عنوة من الباب الشرقي، فأمضى لهم أبو عبيدة الصلح.

 

- فعن المغيرة، أن أبا عبيدة صالحهم على أنصاف كنائسهم ومنازلهم، ثم كان أبو عبيدة رأس الإسلام الروم، وقتل منهم خلق عظيم.

 

* قال الطبري: وكان صلح دمشق على المقاسمة الدينار والعقار ودينار على كل رأس، فاقتسموا الأسلاب فكان أصحاب خالد فيها كأصحاب سائر القواد وجرى على الديار ومن بقي في الصلح جريب من كل جريب أرض ووقف ما كان للملوك ومن صوب معهم فيئا وقسموا لذي الكلاع ومن معه ولأبي الأعور ومن معه ولبشير ومن معه وبعثوا بالبشارة إلى عمر.

 

* مخطط تفصيلي لترتيب الفريقين في اليرموك:

 

 

* ابتكر الخليفة الثاني عمر الفاروق رضي الله عنه نظماً عسكرية لم يكن معمولاً بها آنذاك، كان القصد منها تنظيم الجيش الإسلامي تنظيماً محكماً، ذكر ابن جرير أن كتاباً أرسله عمر إلى قائده سعد بن أبي وقاص قبيل معركة القادسية يقول فيه: (( إذا جاءك كتابي هذا فعشّر الناس، وعرّب عليهم، وأمّر على أجنادهم، ومر رؤساء القوم فليشهدوا، وقدرهم وهم شهود، واجعل على الرايات رجالات من أهل السابقة)). لذلك هذا ما فعله سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه حينما وحد القيادة في اليرموك على الجيش بعد أن أخذ بمشورة قادة الفتح في بلاد الشام، ثم قسّم الجيش إلى ستة وثلاثين كردوساً، وعلى كل كردوس ألف مقاتل ، وكان عدد جيشه في اليرموك كما ذكرنا في الصفحات السابقة 36ألفاً.

مرتسم تخيلي لجيش إسلامي في المعركة 

 

* رحيل الامبراطور الروماني ( هرقل) من أرض الشام:

 

 

* قال هرقل بعد هزيمة جيشه في اليرموك: (( سلام عليك يا سورية، سلاماً لا لقاء بعده)).

 

1- بعد تلقي هرقل خبر هزيمة جيشه في اليرموك، نادى في أصحابه بالرحيل إلى القسطنطينية.

 

2- تذكر بعض الروايات أن هرقل ذهب إلى أرض الجزيرة الفارتية( الرهاوشمشاط) ومنها توجه صوب القسطنطينية.

 

صورة للعملة الرومانية من الوجه والخلف، ففي الوجه تظهر صورة الامبراطور الروماني( البيزنطي)، وفي الخلف تظهر صورة الصليب المدرج تحفها عبارات لاتينية

 

- تذكر المصادر أن أقدم فلس عربي مضروب على الطراز البيزنطي سك سنة 17هـ ونقش عليه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه اسمه بالحروف العربي ويحمل هذا الفلس صورة الملك البيزنطي ( هرقل)، ثم حملت الفلوس النحاسية العبارات العربية كالبسملة وشهادة التوحيد.

 

أعمدة هرقل بقلعة عمان الأردنية

 

* الفاروق عمر رضي عنه في الجابية:

1- أثناء حصار عمرو بن العاص لإيلياء( بيت المقدس) طلب أهلها الصلح بحضور خليفة المسلمين.

 

2- أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يستخلف على المدينة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ويتوجه إلى الجابية.

 

3- أبو عبيدة يستخلف على حمص عبادة بن الصامت، ويتحرك لمناصرة عمرو في حصاره لبيت المقدس.

 

4- القادة المسلمون يلتقون بالخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الجابية.

 

5- أرطبون الروم يفر من بيت المقدس ويلحق بمصر بعد مجيء عمر.

 

6- أبو عبيدة يعين سعيد بن زيد بن نفيل حاكماً على دمشق أثناء خروجه للقاء عمر في الجابية.

 

7- الخليفة عمر رضي الله عنه يكتب نص الصلح مع إيلياء في الجابية.

 

 

* أهل بيت المقدس( إيلياء) يطلبون الصلح مع المسلمين:
- (( إنا قد أحببنا مصالحتكم ولسنا نثق بكم، ولكن اكتبوا إلى صاحبكم عمر بن الخطاب حتى يقدم علينا فيكون هو الذي يعطينا الأمان، ويكتب لنا العهد فإنّا به واثقون، وإليه نميل)).

 

* دخول أمير المؤمنين إلى بيت المقدس فاتحاً:

 

 

 

* فتح بيت المقدس:

- سار عمر الفاروق رضي الله عنه من الجابية إلى بيت المقدس، ثم صالح النصارى، واشترط عليهم إخراج الروم خلال ثلاثة أيام، ثم دخل المسجد.

- ذكر ابن كثير أن عمر رضي الله عنه دخل المسجد من الباب الذي دخل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، وصلى فيه تحية المسجد، ثم صلى صلاة الغداة من الغد فقرأ الأولى بسورة( ص) وسجد فيها والمسلمون معه، وفي الثانية بسورة( بني إسرائيل).

 

- وسأل عمر كعب الأحبار عن مكان الصخرة فدله عليها، وذلك لأن الصراع بين اليهود والنصارى كان قد بلغ أشده، وكانت الأيام بينهم دول، فإذا كان النصر للنصارى ضيعوا معالم الصخرة وجعلوها مزبلة يقلون فيها القاذورات والأوساخ. حتى أن المرأة كانت ترسل خرقة حيضها لتلقى في الصخرة، وذلك لأن الصخرة قبلة اليهود. وكان ذلك من النصارى في استعمال الصخرة محلاً لإلقاء الكناسة حتى وصلت المحراب( محراب داود عليه السلام)...

 

- ولهذا لم يعرف عمر مكان الصخرة لأنها مغطاة بالزبالة والأوساخ، ولما رآه المسلمون فعلوا كما فعل –رضي الله عنه-، وأمر الخليفة أهل الأردن بنقل ما تبقى من التراب والأوساخ عن الصخرة ففعلوا ...

 

- وبينما عمر يطوف في كنيسة القيامة بصحبه البطريق الأكبر( صفرونيوس) ويتحدث معه وقد أنس به وأحس منه الصدق فيما أعطاهم من العهد إذ حانت الصلاة، وطلب منه عمر مكاناً يصلي فيه، وأشار عليه البطريق أن يصلي حيث هو في الكنيسة وأخبر البطريق بأنه يخشى أن صلى فيها أن يغلبهم المسلمون عليها، ويقولون: هنا صلى أمير المؤمنين. ولهذا السبب نفسه اعتذار عن الصلاة في كنيسة أخرى حتى يثبت لهم أن المسلمين معنيون بتنفيذ شروط الصلح، وعازمون على الوفاء بها ما لم يحصل منهم نقض أو ما يسبب النقض.

 

- ودخل عمر الكنيسة – كنيسة المهد- في بيت لحم يصحبه صفرونيوس، وبيت لحم تبعد عن القدس ثمانية كيلو مترات مما يدل على اهتمام عمر بتفقد كل ما جرى الصلح عليه، وأدركت عمر الصلاة وهو في الكنيسة فصلى فيها، ولكنه خاف أن يتخذها المسلمون مسجداً فكتب عهداً خاصاً بهذه الكنيسة، ومنع المسلمين من دخولها في صورة جماعية وسمح لهم كأفراد. وعلل الدكتور/ محمد السيد الوكيل أن عمر رضي الله عنه صلى في هذه الكنيسة بعد امتناعه من الصلاة في كنيستي القيامة وقسطنطين؛ ليثبت للعالم أن الأرض كلها مسجد بالنسبة للمسلمين، وليزيل ما قد علق في قلب البطريق من كراهية عمر للصلاة في الكنيسة لأمر آخر غير الذي ذكره له.

 

- وكان فتح إيلياء في ربيع الآخر من السنة السادسة عشرة من الهجرة، ويرى البلاذري أن فتحها في سنة سبع عشرة وجمهور المؤرخين يضعون فتحها في إحداث السنة الخامسة عشرة. قضى الخليفة عشرة أيام في القدس تفقد فيها جند المسلمين كما تفقد أحوال المعاهدين وقسم البلاد إلى أقسام لتسهل إدارتها على الأمراء، وعيّن لكل قسم أميراً. وعاد الخليفة إلى المدينة النبوية( العاصمة) ففرح المسلمون بعودته فرحاً عظيماً.

 

* مراحل انتشار الإسلام في بابليون والإسكندرية ومنطقة مصر السفلى( الوجه البحري) بشكل تقريبي:

 

 

 

مراحل دخول الإسلام إلى جنوب مصر في عهد عمر رضي الله عنه سنة 23هـ تقريباً

 

مراحل دخول الإسلام إلى جنوب مصر في عهد عمر رضي الله عنه

 

فتح ليبيا سنة 23هـ على أرجح الروايات التاريخية

 

1- جيش المسلمين بقيادة؛ عمرو بن العاص يتقدم نحو برقة في التاسع عشر من شهر شعبان لعام 23هـ لمنازلة الروم البيزنطيين، حيث كانوا يتحصنون فيها.

 

2- بعد أن صالح أهل برقة عمرو بن العاص على أداء الجزية، سار بجيشه إلى طرابلس ذات الحصون المنيعة، وجيشها الرومي العتيد، حيث حاصرها المسلمون شهراً كاملاً، ثم تسللوا إلى المدينة من جهة البحر، وكبروا، فلم يكن للروم مفزع إلا سفنهم، إذ هاجمهم عمرو بقواته أيضاً فلم يفلت منهم إلا ما خفت بهم مراكبهم، وغن المسلمون ما بالمدينة، وبث عمرو قواته فيما حولها.

 

3- أراد عمرو أن يستكمل فتوحه في الغرب يسير إلى إفريقية( تونس) ليفتحها، فكتب بذلك إلى عمر بن الخطاب، غير أن الخليفة كان يخشى على جيوش المسلمين من الانسياح في جبهة جديدة. فأمر قواته أن تنتهي إلى ما انتهت إليه.

 

4- حملة عقبة بن نافع إلى زويلة وما حولها، وفي رواية بن عبد القيس الفهري، حيث أصبحت المنطقة إلى الساحل بأيدي المسلمين.

 

نطاق الفتح الإسلامي في قارة إفريقيا في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

 

محراب ومنبر جامع عمرو بن العاص بمصر 

 

مئذنة جامع طرابلس الغرب بليبيا

 

* نماذج لاهتمامات الفاروق رضي الله عنه بالحسبة:

 

1- حماية جانب التوحيد ومحاربة الزيغ والضلال:

* مثال ذلك:

- قطع شجرة الرضوان: اخرج ابن سعد – بإسناد صحيح – عن نافع: أن عمر بلغه أن قوماً يأتون الشجرة (شجرة الرضوان)، فيصلون عندها فتوعدهم، ثم أمر بقطعها فقطعت.

- ظهور قبر دانيال بتستر: كتب أبو موسى إلى عمر رضي الله عنه ذلك فكتب إليه عمر، إذا كان بالنهار فاحفر ثلاثة عشر قبراً، ثم ادفنه بالليل في واحد منها، وعفّر قبره يفتتن به الناس.

 

2- اهتمامه بأمر العبادات:

* مثال ذلك:

- الصلاة: أوصى عماله بالمحافظة على الصلاة.

- التراويح: أول من جمع الناس عليها في رمضان اقتداء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

- الحج: كان يشعر الناس بأوقات الحج والخروج إلى المشاعر، وكان يتصدق كل عام بكسوة الكعبة المشرفة.

 

3- متابعته للأسواق والتجارة:

* مثال ذلك:

- إلزام التجار بمعروفة الحلال والحرام في البيوع: كان عمر صلى الله عليه وسلم يضرب بالدرة من يعقد في السوق وهو لا يعرف الأحكام، ويقول: لا يقعد في سوقنا من لا يعرب الربا.

- خشية عمر من ترك أعيان المسلمين للتجارة: دخل عمر السوق خلافته فلم ير فيه في الغالب إلا النبط، فاغتم لذلك؛ فلما أن اجتمع الناس أخبرهم بذلك وعذلهم في ترك السوق فقالوا: إن الله أغنانا عن السوق بما فتح به علينا، فقال رضي الله عنه: والله لئن فعلتم ليحتاج رجالكم إلى رجالهم ونساؤكم إلى نسائهم.

 

4- الدوريات العمرية الليلية (العسس):

* مثال ذلك:

- النهي عن تعجيل فطام الصبيان تحديد مدة غياب الجنود عن زوجاتهم: يعتبر هذا النظام نواة الشرطة، فقد ذكر بعض المؤرخين أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كان أميراً على العسس في عهد الصديق، وان عمر رضي الله عنه تولى هو نفسه العسس، والعسس هو التجوال الليلي لتتبع اللصوص وأهل الفساد.

 

انتشار الإسلام في عهد عمر رضي الله عنه