أطلس الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
البــــــــاب الثـــالث:
خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
الفصـــــل الأول:
فتــــــح العــــــراق
فتح بهرسير في صفر 16 هـ
* فتح بهرسير في صفر 16 هـ:
- أقام سعد على بهر سير وأهلها متحصنون وراء أسوارها وعليها خنادقها وحرسها، واستعمل سعد لأول مرة في حرب العراق الأسلحة الثقيلة، (انظر نماذج لهذه الأسلحة في الأسفل)، فاستصنع شيرزاد المجانيق فصنع له عشرين منجنيقاً نصبه حول بهر سير وظل يرميهم بها وبالعرادات، ويدب إليهم بالدبابات ويقاتلهم بكل عدة، فشغلوهم بها والمسلمون مطيفون بهم شهرين.
- وقال: حبيب بن صهبان ( دفعنا إلى المدائن – بهر سير – وهي المدينة الدنيا فحصرنا ملكهم وأصحابه حتى أكلوا الكلاب والسنانير، قال: ثم لم يدخلوا حتى نادهم مناد : والله ما فيها أحد، فدخلوها، وما فيها أحد ) ثم دخل سعد بجيشه المدينة في جوف الليل، حتى وقفوا على النهر في مقابلة اسبانير إحدى المدائن السبع وهي مقر الأكاسرة فلاح لهم وسط الظلام إيوان كسرى بقبته البيضاء الشامخة وجدرانه البيضاء، يعلو على أشجار البساتين، فصاح ضرار بن الخطاب القرشي: ( الله أكبر، أبيض كسرى، هذا الله ورسوله... وارتج المكان بالصوت الرخيم لستين ألفاً ظلوا يكبرون من الليل حتى أصبحوا بصوت الله أكبر الله أكبر....
1- القوات الإسلامية تحاصر بهر سير.
2- أهل بهرسير يقعون تحت الحصار الإسلامي.
3- القوات الإسلامية تقتحم بهر سير.
4- أماكن نصب العرادات والدبابات لضرب المنجنيق.
* نماذج للأسلحة الجماعية القديمة (المنجنيق والعرادة والدبابة) وهي آلات استخدمها المسلمون في حصار العدو:
-
كان المنجنيق أحد الأسلحة التي استخدمها المسلمون في هجومهم، حيث
يستخدم في حالة الحصار فبحجارته تهدم الحصون والأبراج، وبقذائفه الملتهبة تحرق
الدور والمعسكرات، وكانت صناعة المنجنيق معروفة في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم،
ويروي ابن هشام والطبري أن عروة بن مسعود وغيلام بن سلمة لم يشهدا حنيناً ولا حصار الطائف لأنهما كانا بجرش يتعلمان صناعة الدبابة والصنبور والمنجنيق، لذلك استخدم المسلمون في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، هذا السلاح القوي، حيث وضع المسلمون عشرين منجنيقاً ودبابة كبيرة مصنوعة من الخشب حول بهر سير مما أضعف معنويات أهل بهر سير فتركوا المدينة فارين.
إشارات القادة العسكريين الفرس
* كان الجند الفرس على أريع طبقات:
1- طبقة القواد العظام ويسمى واحدهم ميرميران: أي : أمير الأمراء.
2- ويلي هذا في رتبته أربعة قواد يسمى كل منهم إصفهبذ، أي: أمير حاكم.
3- ويلي كل أصفهبذ أربعة مرازبة، أي حاكم إقليم.
4- ويلي كل مرزبان أربعة سالارية، أي: رئيس.
5- وتحت كل سالار عشرة أساورة وهم الفرسان المفردة، وخمسة من المشاة، ويسمونهم البيادة.
فتح المدائن في منتصف صفر الخير سنة 16 هـ
* فتح المدائن في منتصف صفر الخير سنة 16 هـ:
- حينما أذن سعد في الاقتحام إلى المدائن، قال لجيشه: (قولوا نستعين بالله ونتوكل عليه، حسبنا الله ونعم الوكيل، لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).
لما وصل المسلمون إلى مقربة من المدائن رفع الفرس السفن والمعابر من نهر دجلة وأحرقوا الجسور التي توصل إلى القسم الشرقي من المدينة، غير أن سعد بن أبي وقاص استطاع أن يحضر سفناً غيرها من السكان المحليين ثم عبر بواسطتها مع قواته إلى المدينة، فلما شاهد كثير من السكان اقتراب الجيش الإسلامي من مدينتهم، لاذوا بالفرار،
ومنهم من بقي للقتال إلى جانب حامية المدائن، فاشتبك المسلمون في قتال عنيف مع هذه الحامية التي لم تصمد طويلاً حتى استسلمت بعد حصار ضربه المسلمون حول المدائن، وبذلك تم فتح هذه العاصمة المهمة، وبفتحها انهار أكبر معقل الفرس، بينما اتخذ المسلمون من المدائن قاعدة لانطلاق قواتهم المظفرة واتمام فتح بقية المدن الفارسية.
1- نهر دجلة وهو فاصل طبيعي بين المدائن وبهر سير.
2- منطقة عبور الجيش الإسلامي إلى المدائن، بقيادة؛ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
3- لما علم الملك يزدجرد بسقوط ساباط وبهر سير، وأن المسلمين قد توجهوا لفتح المدائن عاصمة ملكه، فر إلى حلوان.
4- حينما أنتهى سعد إلى إيوان كسرى قرأ قوله تعالى:( كم تركوا من جنات وعيون* وزروع ومقام كريم* ونعمة كانوا فيها فاكهين* كذلك وأروثناها قوماً آخرين ) الدخان.
5- سلمان الفارسي رضي الله عنه؛ يدعو إلى الإسلام ويمهلهم ثلاثاً. فلما كان اليوم نزلوا على أداء الجزية.
واجهة إيوان كسرى قبل سقوط الجناح الأيمن من واجهة القصر وكان انهيار هذا في 15 نيسان
- حينما انتهى سعد بن أبي وقاص إلى إيوان كسرى، أقبل يقرأ الآيات من سورة الدخان ( كم تركوا من جنات وعيون* وزروع ومقام كريم* ونعمة كانوا فيها فاكهين* كذلك وأروثناها قوماً آخرين ) الدخان. ثم صلى من الفتح -ولا تصلى جماعة- فصلى ثماني ركعات لا يفصل بينهم، واتخذه مسجداً، وفيه تماثيل الجص رجال وخيل، ولم يمتنع ولا المسلمون لذلك، وتركوها على حالها. قالوا: وأتم سعد الصلاة يوم دخلها، وذلك أنه أراد المقام فيها. وكانت أول جمعة بالعراق جمعت جماعة بالمدائن، في صفر سنة ستة عشرة هجرية.
- وقد قدم سعد زهرة بن الحوية، وأمره أن يبلغ النهروان. فبعث في كل وجه مقدار ذلك لنفي المشركين وجمع الفيوء، ثم تحول إلى القصر بعد ثالثة، ووكل بالأقباض عمرو بن مقرن، وأمره بجمع ما في القصر والإيوان والدور وإحصاء ما يأتيه به الطلب؛ وقد كان أهل المدائن تناهبوا عند الهزيمة غارةً، ثم طاروا في كل وجه، فما أفلت أحد منهم بشيء لم يكن في عسر مهران بالنهراوان ولا بخيط. وألح عليهم الطلب فتنقذوا ما في أيديهم، ورجعوا بما أصابوا من الأقباض، فضمه إلى ما قد جمع؛ وكان أول شيء جمع يومئذ ما في القصر الأبيض ومنازل كسرى وسائر دور المدائن.
- أثناء حفر الخندق في غزوة الأحزاب في السنة الخامسة للهجرة اعترضت لبعض الصحابة صخرة فقام الرسول صلى الله عليه وسلم ليحطمها، وحين ضربها برقت منها بارقة فكبر وكبر المسلمون معه، ثم ضربها ثانية فبرقت فكبر وكبر المسلمون معه وقد قال صلى الله عليه وسلم إثر الضربة الأولى:( الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام والله إني لأبصر قصورها الحمراء الساعة، ثم ضربها الثانية فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض، ثم ضربها الثالثة، وقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة ) رواه أحمد في مسنده.
- قال سعد بن أبي وقاص:( والله إن الجيش لذو أمانة، ولولا ما سبق لأهل بدر لقلت وايم الله على فضل أهل بدر. لقد تتبعت منى من أقوام منهم هنات وهنات فيما أحرزوا ما أحسبها ولا أسمعها من هؤلاء القوم ).
- بعد دخول سعد إيوان كسرى رفع الآذان معلناً كلمة التوحيد في ذلك القصر وأخمد نيران المجوسية وأقام صلاة الجمعة فيه، وقد حصل المسلمون على غنائم كثيرة بعثوا بخمسها إلى المدينة، فلما رآها عمر بن الخطب رضي الله عنه قال: إن قوماً أدوا هذا لأمناء، فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنك قد عففت فعفت رعيتك، ولو رتعت لرتعت.