أطلس الحج والعمرة ((تاريخاً وفقهاً))
القسم الأول ((التاريخي))
ثانياً :
المدينة النبوية
الباب الثاني:
عمارة المسجد النبوي عبر أطوار التاريخ
* عمارة المسجد النبوي الشريف عبر أطوار التاريخ:
- تطرقنا في الصفحات السابقة عن بناء المسجد النبوي الشريف, وهنا يسرنا أن نستعرضه بشكل سريع ليتناغم مع العرض الذي يتناول عمارته عبر أطوار التاريخ, فحينما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجراً إليها من مكة المكرمة, واعتبرت هذه السنة هي السنة الأولى للهجرة, كان أول عمل قام به, هو بناء مسجده الشريف, إذا اختار الموقع الذي بركت فيه الناقة, وكان يومئذ يصلي فيه رجال من المسلمين, وكان أرضاً خالية فيها بقايا نخل, وقبور فاشترى الأرض من أصحابها, وكانت لغلامين يتيمين من بني النجار, وأمر بإصلاحها, وتسويتها, ثم شرع مع أصحابه رضوان الله عليهم ببناء المسجد, وكان السلام ينقل الحجارة واللبن على بطنه الشريف, وتمّ بناء المسجد من الحجارة, والطين, وسعف النخيل, وكانت أعمدته من جذوع النخيل, وجعلت مساحته 60×70 ذراعاً, أي: ما يعادل 30×35م تقريباً, وحددت قبلته نحو بيت المقدس ( قبلة الإسلام الأولى ), وتم إنجازه في وقت قصير, وصلى فيه المسلمون, يؤمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مرتسم يدوي للمدينة النبوية سنة 1202هـ / 1790م
- حدَّثني عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. جمِيعاً عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيّ:( لاَ تُشَدُّ الرّحَالُ إِلاَّ إِلىَ ثَلاَثَة مَسَاجدَ: مَسْجِدِي هذا, ومَسَجِدِ الحَرَامِ ومَسَجِدِ الأقَصَى ).
* العمارة والتوسعة الثانية للمسجد النبوي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه, سنة 17هـ:
- كثر عدد المسلمين في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه, وظهر تصدع, ونخر في بعض أعمدة المسجد؛ فقرر عمر رضي الله عنه عام 17هـ توسعة المسجد, وقد امتدت التوسعة في ثلاث جهات: إلى الجنوب خمسة أمتار, وإلى الغرب عشرة أمتار, وإلى الشمال خمسة عشر متراً, ولم يزد في الجهة الشرقية؛ لوجود حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم, وبعد هذه التوسعة, صارت مساحته الكلية: 3575م2, بزيادة قدرها: 1100م2, وارتفاع جدرانه 5,50م, وعدد أبوابه: ستة أبواب, وله ستة أروقة, وجعل له ساحلة داخلية (صحن المسجد) فرشت بالرمل, والحصباء من وادي العقيق، وجعل له ساحة أخرى خارجية, تسمى "البطحاء", وهي ساحة واسعة تقع شمالي المسجد, أعدت للجلوس لمن يريد التحدث في أمور الدنيا, وإنشاد الشعر؛ وذلك حرصاً من الخليفة عمر رضي الله عنه على أن يظل للمسجد هيبته, ووقاره في قلوب المسلمين, وظلت إنارة المسجد تتم بواسطة الأسرجة التي توقد بالزيت.
العمارة والتوسعة الثالثة للمسجد النبوي في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه 29-30هـ:
- مع مرور السنين ازداد عدد المسلمين, وضاق المسجد النبوي الشريف بالمصلين, وساءت حال أعمدته؛ فأمر الخليفة عثمان سنة 29هـ بزيادة مساحة المسجد, وإعادة إعماره؛ فاشترى الدور المحيطة به من الجهات الشمالية, والغربية والجنوبية, ولم يتعرض للجهة الشرقية؛ لوجود حجرات زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فيها, وتم البناء بالحجارة المنقوشة (المنحوتة) و الجص, و بنى الأعمدة من الحجارة, ووضع بداخلها قطع الحديد, والرصاص؛ لتقويتها, و بنى السقف من خشب الساج القوي الثمين المحمول على الأعمدة, وأصبحت المساحة الكلية للمسجد: 4071م2, بزيادة قدرها 496م2, وبلغ ارتفاع الجدران 5,50م, وعدد الأروقة: 7 أروقة, وعدد الأبواب: 6أبواب, وعدد الأعمدة:55 عموداً, وله ساحة داخلية واحدة, وفي هذه العمارة ظهر لأول مرة بناء المقصورة في محراب المسجد؛ لحماية الإمام, و بها فتحات يراه منها المصلون, وصارت إنارة المسجد تتم بواسطة قناديل الزيت الموزعة في أنحاء المسجد.
* العمارة والتوسعة الرابعة للمسجد النبوي في عهد الخليفة الأموي الوليد عبد الملك سنة 88-91هـ:
- أمر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك واليه على المدينة المنورة عمر بن عبد العزيز سنة 88هـ بزيادة مساحة المسجد, وإعادة إعماره, ووفر له المواد الضرورية, والعمال اللازمين؛ فشرع عمر ببناء المسجد, واستمر البناء إلى عام 91هـ, وقد أحدثت هذه العمارة تغييرات كثيرة في مبنى المسجد, وأضافت إليه عناصر جديدة لم تكن موجودة من قبل, ومنها: بناء المآذن الأربعة على أركان المسجد, وإيجاد المحراب المجوف, وزخرفة حيطان المسجد من الداخل بالرخام, والذهب, والفسيفساء, وتذهيب السقف, ورؤوس الأساطين, وعتبات الأبواب، وقد تمت التوسعة من جميع الجهات يما فيها الجانب الشرقي, حيث أدخلت الحجرات الشريفة, وعمل حولها حاجز من خمسة أضلاع.
توسعة المسجد النبوي عبر التاريخ
يظهر في اليمين أروقة المسجد النبوي وباب الملك فهد بن عبد العزيز وفي اليسار المدينة النبوية من جهة باب الشامي في أوائل القرن الهجري الماضي
* العمارة و التوسعة الخامسة للمسجد النبوي في عهد الخليفة المهدي العباسي سنة 161- 165هـ:
- زار الخليفة المهدي العباسي المسجد النبوي الشريف سنة 160هـ, فرأى الحاجة إلى توسعته وإعادة إعماره, فأمر بذلك, ولما عاد إلى مركز الخلافة في بغداد, أرسل الأموال اللازمة لذلك. وقد تركزت الزيادة على الجهة الشمالية للمسجد, واستمر البناء فيها حتى عام 165هـ, وكان مقدار الزيادة: 2450م2, وأصبحت المساحة الكلية للمسجد:8890م2, وبلغ ارتفاع جدران المسجد:12,50م, وعدد الأروقة: 19رواقاً, وعدد الأبواب:24باباً, وبلغ عدد النوافذ في المسجد: 60نافذة, منها: 19نافذة في كل من الجدارين الشرقي والغربي, و11نافذة في كل من الجدارين الشمالي والجنوبي, وبذلك تحققت الإضاءة الطبيعية, والتهوية الجيدة للمسجد, وأما الإنارة ليلاً فكانت تتم ـ كالسابق ـ بواسطة قناديل الزيت الموزعة على أنحاء المسجد.
* العمارة بعد الحريق الأول سنة 654هـ:
- حصل الحريق الأول للمسجد النبوي أول رمضان سنة 654هـ في عهد الخليفة العباسي المستعصم, ولما علم الخليفة بذلك باجر سنة 655هـ بإصلاح المسجد وإعادة إعماره, وأرسل الأموال اللازمة لذلك, ولكن البناء لم يتم؛ بسبب غزو التتار, وسقوط بغداد سنة656هـ, فتولى الأمر بعد ذلك سلاطين المماليك في مصر, فتمت عملية البناء والترميم سنة 661هـ, وعاد المسجد إلى ما كان عليه قبل الحريق, وكان ممن ساهم في بناء المسجد وتأثيثه, ملك اليمن المظفر الذي أرسل منبراً جديداً بدلاً من المنبر المحترق, وأرسل الظاهر بيبرس سنة 656هـ مقصورة خشبية؛ لتوضع حول الحاجز المخمس المحيط بالحجرات الشريفة, ثم بنى السلطان المملوكي المنصور قلاوون سنة 678هـ القبة التي فوق الحجرة الشريفة, وأصبحت منذ ذلك الحين علامة مميزة للمسجد النبوي, وفي عام 706هـ, أمر السلطان محمد ابن قلاوون ببناء المئذنة الرابعة (مئذنة باب السلام, التي هدمت في العهد الأموي).
* عمارة القُبَّة:
- في عام 678هـ أمر السلطان المملوكي المنصور قلاوون الصالحي بعمارة قبة فوق الحجرة النبوية الشريفة, فجاءت مربعة من أسفلها, مثمنة من أعلاها, مصنوعة من أخشاب كُسيت بألواح الرصاص, وفي الفترة من عام 755 ـ 762هـ, جدد الناصر حسن بن محمد قلاوون ألواح الرصاص التي على القبة الشريفة, وفي عام 765هـ عمل السلطان شعبان بن حسين بعض الإصلاحات في القبة الشريفة. وفي عام 881هـ أبدل السلطان قايتباي سقف الحجرة الخشبي بقبة لطيفة, جاءت تحت القبة الكبيرة, وفي عام 886هـ احترقت القبة الكبيرة باحتراق المسجد النبوي الشريف, فأعاد السلطان قايتباي بناءها بالآجر عام 892هـ, ثم ظهرت بعض الشقوق في أعاليها فعمل لها بعض الترميمات, وجعلها في غاية الإحكام, وفي عام 974هـ أصلح السلطان القانوني العثماني رصاص القبة الشريفة, ووضع عليها هلالاً جديداً. وفي عام 1228هـ جدد السلطان محمود الثاني العثماني القبة الشريفة, ودهنها باللون الأخضر, فاشتهرت بالقبة الخضراء, بعد أن كانت تعرف بالبيضاء, أو الزرقاء, أو الفيحاء, ومنذ بداية العهد السعودي, وإلى تاريخ إعداد هذه المعلومة 1431هـ أعيد صبغ القبة باللون الأخضر عدة مرات, مع بعض الإصلاحات والترميمات اللازمة لها, والتي تقدمها حكومة المملكة العربية السعودية في كل وقت وحين.
* عمارة المسجد وتوسعته في عهد السلطان المملوكي الأشرف قايتباي سنة 886-888هـ:
- حصل الحريق الثاني للمسجد النبوي عام886هـ, فتمت الكتابة بذلك للسلطان الأشرف قايتباي, فحزن حزناً شديداً, وأرسل الأموال, والصناع, والمواد اللازمة, وأمر بإعمار المسجد, وقد امتدت العمارة حتى رمضان 888هـ, وجرى زيادة على مساحة المسجد الأولى مقدارها:120م2, وأصبحت المساحة الكلية للمسجد: 9010م2, وبلغ ارتفاع الجدران:11م, وعدد الأروقة 18رواقاً, وسدت معظم أبواب التوسعة العباسية, وبقي للمسجد 4 أبواب فقط, وزيدت مئذنة في المسجد فصار عدد المآذن خمساً, وأحدثت شرفات, ونوافذ, وطاقات في الأجزاء العليا من الجدران؛ للتهوية والإضاءة, وبقي للمسجد ساحة داخلية واحدة, أما الإنارة فهي كالسابق بقناديل الزيت الموزعة في أنحاء المسجد. وبعد انتهاء البناء, حضر السلطان الأشراف إلى المدينة, وأوقف بعض الأوقاف على المسجد النبوي الشريف, ومنها: رباط, ومدرسة, وطاحون, وسبيل, وفرن, وغير ذلك.
* عمارة المسجد وتوسعته في عهد السلطان العثماني عبد المجيد 1265-1277هـ:
- اعتنى السلاطين العثمانيون بالمسجد النبوي الشريف, وأجروا عليه بعض الإصلاحات, والترميمات, وظل المسجد على حاله حتى عام 1265هـ, وعندما ظهرت تشققات على بعض جدرانه, وقبابه, وسقفه, فكتب شيخ الحرم داود باشا إلى السلطان العثماني عبد المجيد خان بذلك؛ فأمر السلطان بتجديد عمارة المسجد بشكل عام, وأرسل الصناع المهرة, والأموال اللازمة, واستمرت أعمال البناء والزخرفة إلى عام 1277هـ, وكان مقدار الزيادة في هذه العمارة:1293 م2, فأصبحت المساحة الكلية للمسجد: 10303م2, وارتفاع الجدران: 11م, وعدد الأروقة: 19رواقاً, والأبواب: 5أبواب, والمآذن 5مآذن, يتراوح ارتفاعها بين 47,50و60م, وأصبح عدد الأعمدة:327عموداً, والقباب: 170قبة. وبقي للمسجد ساحة داخلية واحدة, وبنى في أقصى الجهة الشمالية من المسجد كتاتيب لتعليم القرآن الكريم, وفتح لها طاقات بشبابيك من حديد خارج المسجد وداخله, وتمت إنارة المسجد بوضع: 600مصباح زيتي, موزعة في أنحاء المسجد.
* عمارة المسجد وتوسعته في عهد الملك عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – التوسعة السعودية الأولى 1370- 1375هـ:
- بعد أن استتب الأمن في ربوع الحرمين الشريفين, ارتفع عدد الزوار ارتفاعاً ضاق بهم المسجد النبوي الشريف, وما أن اطلع جلالة الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ على ذلك حتى أعلن في بيان إذاعي عزمه على توسعة المسجد النبوي الشريف, وفي ربيع الأول عام 1372هـ قام سمو ولي العهد الأمير سعود بن عبد العزيز بوضع حجر الأساس نيابة عن والده, وفي ربيع الأول عام 1373هـ, وضع الملك سعود بن عبد العزيز ـ بعد وفاة والده ـ أربع أحجار في الزاوية الشمالية الغربية من التوسعة, مؤكداً عزمه على استمرار المشروع,وفي الخامس من ربيع الأول عام 1375هـ انتهى بناء التوسعة السعودية الأولى, وقد بلغت المساحة المضافة في هذه التوسعة 6024م2, وتتكون التوسعة من مستطيل طوله من الشمال إلى الجنوب 128م, وعرضه من الشرق إلى الغرب 91م, ويتألف من صحن شمالي المبنى العثماني, يتوسطه جناح من ثلاثة أروقة يمتد من الشرق إلى الغرب, وفي الجانب الشرقي للصحن جناح يتكون من ثلاثة أروقة, ومثله في الجانب الغربي أيضاً, وشمال الصحن بني الجناح الأخير للمسجد, ويتكون من خمسة أروقة, وبهذا يصبح مجموع الأروقة في هذه التوسعة 14 رواقاً.
- وقد احتفظت التوسعة بالأبواب الخمسة التي كانت في التوسعة المجيدية, وأضافت إليها مثلها, فأصبح مجموع الأبواب بعد هذه التوسعة عشرة أبواب, ثلاثة منها بثلاثة مداخل. وفي ركني الجهة الشمالية أقيمت مئذنتان ارتفاع الواحدة 72م, تتكون من أربعة طوابق, وبهذا يصبح مجموع المآذن بعد التوسعة أربع مآذن. وقد أقيمت هذه التوسعة على شكل هيكل من الخرسانة المسلحة, بلغ ارتفاع جدرانها 12,55م مكونة من 706 عمود, وفيها 170قبة, و44 نافذة. وقد دخلت عليها الإنارة الكهربائية, وبلغ عدد المصابيح فيها 2427 مصباحاً. وبلغ مجموع ما أنفق على هذا المشروع 50 مليون ريال سعودي.
* إضافات مؤقتة ثم دائمة في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ حتى سنة 1393هـ:
- أضيفت مساحة 40,550م, في الجهة الغربية الخارجية للمسجد على مرحلتين: الأولى: 35,000م2, والثانية: 5,550م2, وأقيمت عليها مظلات من الألياف الزجاجية (فيبر جلاس)؛ لتكون مصلى إضافياً في أوقات الذروة, وخاصة في أوقات الحج, والزيارة, وشهر رمضان.
رغم التوسعة السعودية الأولى للمسجد النبوي الشريف إلا أن الحاجة إلى توسعته أيضاً تجددت؛ بسبب تزايد أعداد الزائرين, لذا قرر الملك فيصل بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ عام 1393هـ, وإجراء توسعة جديدة تمثلت في تخصيص الأرض الواقعة غربي المسجد النبوي للصلاة, فرصفت الأرض, ونصب فوقها مظلات, وزودت بالكهرباء, ومكبرات الصوت, والمراوح السقفية. بلغت مساحة القسم المضاف 35,000م, 2 ثم أضيفت مساحة أخرى بلغت 5,550م2.
المسجد النبوي الشريف وتبدو المظلات التي أنشأها الملك فيصل -رحمه الله- لراحة المصلين
* إضافات في عهد الملك خالد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ سنة 1398هـ:
- في 18 رجب عام 1397هـ, خصص الملك خالد الأرض الواقعة في الجنوب الغربي من الحرم النبوي الشريف؛ لخدمات المصلين, والزائرين, حيث أقيم على قسم منها مظلات للصلاة تحتها, والمساحة الباقية جعلت مواقف لسيارات المصلين, والزائرين, وبلغت مساحة هذه الأرض 43000م2.
* عمارة وتوسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ (التوسعة الكبرى) سنة 1405- 1414هـ:
- بعد التغيرات الكبيرة التي طرأت على عالمنا الإسلامي على صعيد النمو السكاني, أو النمو الاقتصادي, أو الوعي الديني؛ والتي أدت إلى تضاعف أعدا الزائرين تضاعفاً كبيراً ضاق بهم المسجد الشريف, أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بعد الزيارة التي قام بها إلى المدينة, أمره الكريم بوضع التصميمات لتوسعة ضخمة للمسجد النبوي الشريف؛ لتستوعب الزيادات الطارئة, والمتوقعة في الأعوام القادمة.
- وفي يوم الجمعة 1405هـ, قام خادم الحرمين الشريفين بوضع حجر الأساس لهذه التوسعة, وفي شهر محرم من عام 1406هـ كانت بداية العمل, واستمر حتى 15/11/1414هـ, حين وضع خادم الحرمين الشريفين اللبنة الأخيرة في أكبر توسعة للمسجد النبوي الشريف, وأصبحت مساحة المسجد 384,000م2, تشمل: الدور الأرضي, والسطح, والقبو, وعلى الجهات الأربعة للتوسعة ساحات ممتدة تبلغ مساحتها 235,000م2, تتوزع مبان صغيرة تؤدي إلى دورات المياه, ومواقف السيارات, والتي تتألف من دورين تستوعب أكثر من 4500 سيارة.
المسجد النبوي الشريف بعد توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- لراحة المصلين
القباب المتحركة والمظلات
* القباب المتحركة والمظلات: هي ابتكار فني بديع, فقد عمل في سقف التوسعة 27 فتحة للتهوية الطبيعية, تساعد على توفير المناخ المناسب, وعند اشتداد حرارة الشمس تغلق هذه الفتحات لتعود كالقباب الثابتة, ويتم فتحها وغلقها ميكانيكياً أو يدوياً, وأمكن تحقيق التوازن بين سهولة الحركة, وثقل وزن القباب التي تزن الواحدة منها 80طناً, وعددها 27 قبة, ركبت كل واحدة على فتحة من السقف مساحتها 18×18م, وعلى ارتفاع 3,55م فوق منسوب السطح و16,65م من منسوب الطابق الأرضي, ويبلغ نصف قطرها الداخلي 7,375م, وارتفاعها 4م, ويستغرق فتحها يدوياً نصف ساعة, وآلياً نصف دقيقة. وقد صنع السطح الداخلي للقباب من خشب الأرز المغربي, بواسطة حرفيين مغاربة, وغطي السطح الخارجي بالبلاط المزخرف على قواعد من الجرانيت, أما الحلقة السفلية من البطانة الداخلية: فهي عبارة عن إطار مزين بحجر أمزوني, مائل للزرقة, أشبه بالأحجار الكريمة, مثبت داخل إطارات مذهبة, وتحتوي كل قبة على زنة 2,5 كجم من ورق الذهب الرقيق, ويعلو القبة رأس من البرونز المغطى بمعدن خاص ضد الصدأ.
* عمارة وتوسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد العزيز ـ سلمه الله ـ (التوسعة الكبرى الثانية):
- منذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ـ سلمه الله ـ مقاليد الحكم وضع في أول أولوياته الاهتمام بالحرمين الشريفين في مكة المكرمة, والمدينة المنورة؛ فقد جاء لطيبة الطيبة, وزار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وصلى في روضته الشريفة, وتشرف بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم, وعلى صاحبيه الخليفتين أبي بكر, وعمر رضي الله عنهما, ودعا الله كثيراً أن يوفقه, ويمده بالعون والقوة؛ ليخدم بيته الحرام, ومسجد رسوله الكريم, وأن يسعد أبناء شعبه الذين بادلوه حباً بحب, ووفاء بوفاء, ولم يترك حفظه الله فرصة الزيارة الأولى تمر دون أن يترجم هذا الاهتمام لواقع ملموس على الأرض؛ فأعلن عن مشروع عملاق لاستكمال مشروع عمارة, وتوسعة المسجد النبوي الشريف, بمبلغ تجاوز 4700مليون ريال, فاستبشر الناس به خيراً, واطمأنوا أن مقدساتهم في أيد أمينة, ورفعوا أكف الدعاء إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله, وأن يديم عليه نعمة الصحة, والعافية.
* وضع حجر الأساس:
- وفي زيارته الثانية للقائه بأبنائه أهالي طيبة الطيبة, وضع الملك عبد الله ـ سلمه الله ـ حجر الأساس لهذه المشاريع, التي رصد لها مبلغ 4700 مليون ريال, وتشمل تركيب 182 مظلة, تغطي جميع مساحات المسجد النبوي من جهة الشرق, والغرب, والجنوب؛ لوقاية المصلين من المواطنين والزوار من وهج وحرارة الشمس, وأخطار الأمطار, بما في ذلك حوادث الانزلاق, وستجهز هذه المظلات بأنظمة تصريف السيول, وبالإنارة, وفتحا آلياً عند الحاجة, هذا وستغطي المظلة الواحدة 576م2؛ ليستفيد منها أكثر من 200 ألف مصل, كما يشمل المشروع تنفيذ الساحات الشرقية للمسجد النبوي التي تبلغ مساحتها 37000م2, وتستوعب عند الانتهاء منها أكثر من 70 ألف مصل, وسينفذ تحت هذه الساحات مواقف للسيارات, والحافلات, وتستوعب أكثر من 420سيارة و70 حافلة كبيرة, وسينشأ تحت هذه الساحات أيضاً دورات مياه مخصصة للنساء في معظمها, ومواقف مخصصة لتنزيل, وتحميل الركاب من الحافلات, والسيارات, وستنفذ مداخل ومخارج, ومواقف للسيارات لترتبط بثلاثة أنفاق مع طريق الملك فيصل.