أطلس الحج والعمرة ((تاريخاً وفقهاً))
القسم الثاني ((الفقهي))
فقه الحج والعمرة
مكانة الحج في الإسلام
صفة الحج
* السُنَّة الأولى عند زيارة المسجد النبوي الشريف:
* ذكرنا في هذا الأطلس (أطلس الحج والعمرة: تأريخاً وفقهاً), وبالتحديد في القسم التاريخي منه ثانياً: ((المسجد النبوي وزيارة المسجد النبوي وشد الرحال إليه)) حيث بينا من خلال هذا القسم, موقع المدينة وشيئاً من تاريخها العظيم, وكيف تم بناء مسجدها الشريف؟, وما هي أهم الخصائص التي اختصت بها هذه المدينة المباركة؟ ويسرنا في خاتمة الحديث عن القسم الثاني: ((الحج والعمرة فقهاً)) أن نتناول استحباب زيارة هذا المسجد العظيم أثناء الحج, وليس لزيارة المسجد النبوي إحرام ولا تلبية ولا ارتباط بينها وبين الحج بتاتاً, فلو أديت حجك بدون زيارة فحجك صحيح, لكن رغب الرسول صلى الله عليه وسلم بشد الرحال إليه, فعن أبي هريرةَ رضيَ الله عنهُ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( لا تُشَدُّ الرّحالُ إلاّ إلى ثلاثةِ مَساجِدَ: المسجدِ الحرامِ, ومسجدِ الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى )).
- من هذا الحديث يتضح أنه يُسنُّ للحاج أن يزور مسجد النبي صلى الله عليه وسلم, ويصلي فيه قبل الحج, أو بعده, مع العلم أن هذه الزيارة ليست من شروط الحج, ولا أركانه, ولا واجباته, ولا تعلُّق لها به, ولكن مادام أنه قد قطع المسافات الطويلة, وتكبد المصاعب؛ فقد استُحب له ذلك, وكذا الصلاة فيه, إذ ربما لا يتسنى له المجيء مرة أخرى, ولاسيما أن الصلاة فيه بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام, فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( صلاةٌ في مسجديِ هذا خيرٌ من ألفِ صلاةٍ فيما سِواه إلاّ المسجدَ الحرامَ )).
- النية في زيارة المسجد النبوي: ينبغي على الحاج إذا ما أراد أن يزور المدينة أن ينوي زيارة المسجد النبوي لا زيارة القبر النبوي؛ لأن شد الرحال على وجه التعبد لا يكون لزيارة القبور, إنما يكون للمساجد الثلاثة. فعن ابن عُمرَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:(( اجعَلوا في بُيوتِكم من صَلاتِكم, ولا تتّخذوها قبُوراً )). ويستحب أن يغتسل قبل دخوله المدينة, ويلبس أنظف ثيابه.
- هيئة الدخول إلى المسجد النبوي: إذا وصلت إلى المسجد النبوي, فقدم رجلك اليمنى عند دخولك, وسم الله تعالى, وصل على نبيه, صلى الله عليه وسلم, واسأل الله أن يفتح لك أبواب رحمته, وقل:" أعوذ بالله العظيم ووجهه الكريم, وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم, اللهم افتح لي أبواب رحمتك", كما يشرع عند دخول سائر المساجد.
بادر بعد دخولك بصلاة تحية المسجد, وإن كانت هذه الصلاة في الروضة فحسن, وإلا في أي مكان من المسجد النبوي.
المسجد النبوي الشريف
- إذا توجه الزائر قاصداً زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم, فليكثر من الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم في طريقه, وليستحضر في قلبه شرف المدينة فقد جعلها الله مدخل صدق, وأنها أفضل الأرض بعد مكة.
* السُنَّة الثانية عند زيارة المسجد النبوي الشريف:
* فضل الصلاة في الروضة الشريفة:
- ينبغي على زائر المسجد النبوي الشريف الصلاة في الروضة الشريفة, التي هي ما بين منبره صلى الله عليه وسلم وحجرته التي فيها قبره إن تيسر له ذلك من أجل الفضيلة الواردة, فَعن عَبد الله بنِ زيدٍ الأنصاريّ, أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله يَقُولُ:(( مَا بَينَ مَنبَري وَبِيتَي رَوضَةٌ من ريَاضِ الجَنَّةِ )) رواه مسلم.
فإن لم يتيسر له صلى في أي جهةٍ تتيسر له من المسجد, وهذا في غير صلاة الجماعة, أما في صلاة الجماعة فليُحافظ على الصف الأول الذي يلي الإمام لأنه أفضل عَن أبي هُرَيرَةَ, قال: قَالَ رَسُولُ الله: (( خَيرُ صُفُوفِ الرّجالِ أَوَّلُهَا, وَشَرُّهَا آخرُهَا, وخَيرُ صُفُوفِ النّسَاءِ آخرُهَا, وَشَرُّهَا أوَّلُهَا )) رواه مسلم.
- وقوله صلى الله عليه وسلم:(( لو يَعلَمُ الناسُ ما في النداءِ والصفّ الأوَّلِ, ثمَّ لم يَجدوا إلاّ أن يَستهموا لاستهَموا عليه. وَلوَ يعلمونَ مَا في التَّهجِير لاستبَقوا إلَيهِ, وَلَوَ يَعلمونَ ما في العتمَةِ والصُّبح لأتوهُمَا وَلَو حَبواً )) رواه البخاري.
مكان الروضة الشريفة
* تبلغ مساحة الروضة نحو 330متراً مربعاً, وقد أخذ الجدار الغربي للحجرة الشريفة
جزءاً منها, وتزخر الروضة الشريفة وأطرافها بمعالم فضائل جليلة, جاءت بها الأحاديث
الشريفة, منها قوله صلى الله عليه وسلم:(( مَا بَينَ مِنبَري
وَبَيتيِ رَوضَةٌ من رِيَاض الجَنَّة )), ومن أبرزها الحجرة الشرقية وحراب
النبي صلى الله عليه وسلم في وسط جدارها من ناحية القبلة والمنبر الشريف في جهتها
الغربية.
* السُنَّة الثالثة عند زيارة المسجد النبوي الشريف:
- كيفية الصلاة على النبي وصاحبيه: ثم ينبغي على زائر المسجد النبوي الشريف بعد الانتهاء من الصلاة في الروضة الشريفة, أن يأتي القبر الشريف ((قبر النبي صلى الله عليه وسلم)), ويقف أمام قبره بأدب, ووقار, وخفض صوت, فيسلم على النبي صلى الله وسلم, وعلى صاحبيه: أبي بكر, وعمر رضي الله عنهما, من قِبل القبِلة, يستقبلها استقبالاً, وصفة السلام أن يقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته. وإن زاد فقال: صلى الله وسلم عليك وعلى آلك وأصحابك, وجزاك الله عن أمتك خيراً, اللهم آته الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته, فلا بأس.
- ثم يتأخر عن يمينه قليلاً, فيسلم على الصديق فيقول: السلام عليك يا أبا بكر ورحمة الله وبركاته رضي الله عنك, وجزاك عن أمة محمد خيراً, ثم يتأخر قليلاً عن يمينه ثم يسلم على عمر رضي الله عنه مثل سلامه على الصديق رضي الله عنهما. فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا سلّمَ على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه لا يزيد غالباً على قوله: السلام عليك يا رسول الله, السلام عليك يا أبا بكر, السلام عليك يا أبتاه, ثم ينصرف.
قبرالرسول صلى الله عليه وسلم
- العكوف عند قبره عليه السلام وقراءة الأدعية والخطابات والثناءات من كتيبات, وجعل رجل يدعي ومن خلفه يرددون عند القبر ويرفع الصوت؛ بدعة لا أصل لها من عمل الصحابة, كما جاء عن ابن عمر من انصرافه بعد السلام, وعدم مكوثه لفعل مثل تلك البدع السالفة, وقد قال رسول الله خير الناس قرني, ثم الذين يلونهم, وقال: وستفترق أمتي على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة, وقال في وصفها: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي.
* السُنَّة الرابعة عند زيارة المسجد النبوي الشريف:
* زيارة مقبرة البقيع ((بقيع الغرقد)):
- يستحب للزائر الخروج إلى البقيع ((بقيع الغرقد)) حينما يكون الزائر في المدينة, وذلك بعد السلام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم), فَعن عَطَاءِ بن يَسَار عن عَائِشةَ, أنَّهَا قَالتَ: كانَ رَسُولُ الله كُلَّمَا كَانَ ليَلتُهَا من رَسُول ِالله يَخرُجُ من آخر اللَّيل إلىَ البَقيع. فَيَقُولُ:(( السَّلاَمُ عَلَيكُم دَار قوم مُؤمنينَ. وَأتَاكُم ما تُوعَدُونَ غَداً. مُؤَجَّلُونَ. وإنَّا, شَاءَ الله, بِكُم لاَحِقُونَ. اللَّهُمَّ اغفِر لأهلِ بَقيعِ الغَرقد ِ)) رواه مسلم.
* زيارة قبور البقيع:
قال ابن تيمية رحمه الله: (فالزيارة الشرعية: السلام على الميت, والدعاء له, بمنزلة الصلاة على جنازته), كما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا:( السلام عليكم أهل الديار من المسلمين والمؤمنين, وإنا إن شاء الله بكم لاحقون, ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم, والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية, اللهم لا تحرمنا أجرهم, ولا تفتنا بعدهم, واغفر لنا ولهم ) وهذا الدعاء يروى بعضه في بعض الأحاديث, وهو مروي بعدة ألفاظ. كما رويت ألفاظ التشهد وغيره, وهذه الزيارة هي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها إذا خرج لزيارة قبور أهل البقيع.
- وقال فضيلة الشيخ العلامة: محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ : زيارة القبور سُنَّة أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم, بعد أن نهى عنها, كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم في قوله:( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزورها فإنها تذكركم الآخرة ) رواه مسلم. فزيارة القبور للتذكر والاتعاظ سنة, فإن الإنسان إذا زار هؤلاء الموتى في قبورهم, وكان هؤلاء بالأمس معه على ظهر الأرض يأكلون كما يأكل, ويشربون كما يشرب, ويتمتعون بديناهم وأصبحوا الآن رهناً لأعمالهم إن خيراً فخير, وإن شراً فشر, فإنه لابد أن يتعظ, ويلين قلبه, ويتوجه إلى الله ـ تعالى ـ بالإقلاع عن معصيته إلى طاعته.
* ملاحظة: يستحب زيارة مسجد قُباء والصلاة فيه ركعتين, وكذلك زيارة شهداء أحد والتي تضم رفات 70 شهيداً منهم سيد الشهداء (حمزة بن عبد المطلب).
س: هل يشرع للنساء زيارة البقيع وشهداء أحد؟
ج: لا يشرع للنساء عموماً زيارة القبور ويدخل في ذلك مقبرة البقيع, وقبور الشهداء في أحد, وقبر النبي صلى الله عليه وسلم مع صاحبيه, وسائر المقابر, فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم, رأى بعض النساء يتبعن جنازة فقال لهن: ارجعن مأزورات غير مأجورات وفي لفظ: فإنكن تفتن الأحياء, وتؤذين الأموات, وفي السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة لما جاءت من جهة البقيع: لو بلغت معهم الكدا ما دخلت الجنة حتى يدخلها جد أبيك, والكدا طرف المقابر, فثبت في الصحيح لعن زوارات القبور ويدخل في ذلك قبور الشهداء, والبقيع وغير ذلك, واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله, وهو دليل على التحريم.
المدخل الرئيس للبقيع واتصاله بساحات المسجد النبوي
* مصطلحات تراثية:
1- المسافات:
اليوم = بريدان = 8 فراسخ.
البريد = 4 فراسخ = 22,176 كيلو متراً.
الفرسخ = 3 ميل = 5544 متراً.
المرحلة = من 5 إلى 6فراسخ.
الميل = 4000 ذراع مرسلة. الميل 4000* 64,2 =1848م= 1,848كم.
الغلوة = 1/10 ميل= 184,8 متراً.
الذراع المرسلة = 6 قبضات = 24 أصبعاً.
الأصبع = 1,925سم. إذاً طول الذراع المرسلة= 24*1,925= 46,2سم.
عَن يَحيىَ بنِ يَزيدَ الهُنَائيَّ قَالَ: سَأَلتُ أَنَسَ بنَ مَالكٍ عَن قَصرِ الصَّلاةِ؟ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ الله إذَا خَرَجَ, مَسيَرةَ ثَلاَثَةَ أَميَالٍ أو ثَلاَثَةِ فَرَاسِخَ (شك شُعبَةُ) صَلَّى رَكعَتينِ. رواه مسلم.
2- المساحات:
الجريب = 3600 ذراعاً هامشياً مربعاً = 1366 متراً مربعاً.
3- النقــود:
الدينار = مثقال= 4,25 جراماً من الذهب من عيار 3/234 قيراط.
الدِّينارُ: معربٌ, أصلُهُ دِنَّارٌ, فَأُبِدلَ من إحداهُما ياءٌ لئَلاَّ يَلتَبِسَ بالمصادِرِ, ككذَّابٍ وتفسيرُهُ في ح ب ب. والدِّيناريُّ: فَرَسٌ. ودِينارٌ الأنصاريُّ: صحابيُّ. وعَمرُو بنُ دِينارٍ: تابِعيٌّ, وأبوهُ قيل: صحابيُّ. والدِّينَوَرُ بكسر الدال: د والمُدَنَّرُ: فرسٌ فيه نُكَتٌ فوقَ البَرَشِ. ودَنَّرَ وجهُهُ تَدنيراً: تَلألأ. ودينارٌ مُدَنَّرٌ: مَضروبٌ. ودُنِّرَ, بالضم, فهو مُدَنَّرٌ: كُثَر دَنانيرُهُ.
الدرهم = 7/10 مثقال= 14 قيراطاً. =2,975 جراماً من الفضة.
الدِّرهَمُ: كمنبَرٍ ومِحرابٍ وزِبرجٍ: م وذَكَرنَا وزنَهُ في م ك ك, ج: دَراهِمُ ودَراهيمُ. ورَجُلٌ مُدَرهَمُ, بفتحِ الهاءِ: كثيرُها, ولا تَقُل: دُرهِمَ, لكنَّهُ إذا وُجِدَ اسمُ المَفعول, فالفِعلُ حاصِلُ. ودَرهَمَتِ الخُبَّازَى: صارَ وَرَقُها كالدَّرَاهمِ. وشَيخٌ مُدرَهمٌّ, كمُشمَعِلًّ: ساقِطٌ كبَراً. وادَرَهَمَّ بَصَرُهُ: أظلَمَ, وكَبِرَ سنُّهُ. والدِّرهَمُ, كمنبَرٍ: الحديقَةُ. ودِرهَمٌ: أبو زيادٍ, وأبو مُعاوِيَةَ: صحابِيَّانِ, وفَرَسُ خِداشِ بن زُهَيرٍ. وحَمَّادُ بنُ زَيد بنِ دِرهَمٍ: محدِّثٌ.