أطلس الحج والعمرة ((تاريخاً وفقهاً))
القسم الأول ((التاريخي))
أولاً:
مكة المكرمة والمشاعر المقدسة
الباب الخامـــس:
أشهر طرق ومسالك الحج في الماضي وبدايات العصر الحديث
* الطريق من البصرة إلى مكة:
- قال ابن خرداذبه: من مصر إلى المنجشانية, ثم إلى الحُفَير, ثم إلى الرُّحَيل, ثم إلى الشَّجي, ثم إلى الخَرجاء, ثم إلى الحَفَر, ثم إلى ماويِّة, ثم إلى ذات العُشَر, ثم إلى اليَنسوعة, ثم إلى السُّميَنة, ثم إلى النّبِاج, ثم إلى العوسجة, ثم إلى القريتين, ثم إلى رامة, قال يزيد بن مُفَرِغ الحميري:
أصرمتَ حبلكَ من أمامَه من بعد أيامٍ برامه
- ثم إلى إمرة, ثم إلى طخفة, قال جرير:
وقد جعلَت يوماً بطخفة خيلُنا لآلِ أبي قابوسَ يوماً مُنَكسراً
- ثم إلى ضَريَّة, ثم إلى جديلة, ثم إلى فَلجة, ثم إلى الدَّفينة, ثم إلى قُبّا, ثم إلى مَرّان, ثم إلى وَجرةَ, ثم إلى أوطاس, ثم إلى ذات عِرق, ثم إلى بستان بني عامر, ثم إلى مكة, فمن عدل من النِّبَاج فإلى النَّقرة.
* حَفَــــرُ:
- حَفَــــرُ: بفتحتين؛ وهو في اللغة التراب الذي يستخرج من الحُفرة, وهو مثل الهَدَم, وقيل: الحَفَرُ المكان الذي حُفر كخندق أو بئر, وينشد: قالوا انتهينا وهذا الخندق الحفر.
- والبئر إذا وُسِّعت فوق قدرها سُميِّت حفيراً وحَفَراً وحفيرة. حفَرُ أبي موسى الأشعري, قال أبَو منصور: الأحفار المعروفة في بلاد العرب ثلاثة: حفرُ أَبي موسى, وهي ركايا أَحفرَها أبو موسى الأَشعري على جادّة البصرة إلى مكة, وقد نزلت بها واستقيت من ركاياها, وهي بين ماويَّة, والمَنجَشانيّة, بعيدة الأَرشية, يستقى منها بالسانية, وماؤها عذب, وركايا الحفر مستوية, ثم ذكر حفر سعد, وقال أَبو عبيد السكوني: حَفُر أبي موسى مياه عذبة على طريق البصرة من النِّباج (محافظة الأسياح بمنطقة القصيم اليوم) بعد الرَّقمتَين وبعده الشَّجي لمن يقصد البصرة, وبين الحفر والشجي عشرة فراسخ, ولما أَراد أَبو موسى الأَشعري حفرَ ركايا الحَفَر, قال: دُلُّوني على موضِع بئر يُقطع بها هذه الفلاة, قالوا: هَوبَجة تنبت الأَرطى بين فَلج وفُليَج, فحفَرَ الحَفَرَ, وهو حَفَرُ أبي موسى, بينه وبين البصرة خمس ليال, قال النَّضر: والهَوبَجة أن تحفر في مناقع الماء ثماداً يسيلون الماء إليها فتمتلئ فيشربون منها.
* الأســـياح:
- الأسياح (النِّبَاج): زاد من شهرتها أنها كانت محطة هامة من محطات طريق الحاج البصري إلى مكة المكرمة, والمدينة النبوية؛ ومنها يفترق الطريقان الرئيسان إلى مكة, والمدينة, حيث كانت (النِّباج) ماء ترده القوافل, ثم اندثرت حتى ازدهرت مرة أخرى في عهد سلطان مارد, وبعد مقتل سلطان مارد اندثرت مرة ثالثة, حتى أعاد إحياءها (محمد الفهيد, من قبيلة عتيبة) في بداية القرن الثالث عشر الهجري, وتحديداً في العام 1201هـ؛ لذلك تسمى عين ابن فهيد, وهذه الصورة تمثل سد الأسياح, (النِّباج) التقطتها عام 1425هـ, والذي كان الحاج البصري يتوقف عندها؛ للتزود بالمياه, وبعض الحوائج.
* طريق الحاج الشامي:
- إقليم الشام جليل الشأن ديار النبيين, ومركز البدلاء, ومطلب الفضلاء. به القبلة الأولى. وموضع الحشر والمسرى. والأرض المقدسة والرباطات الفاضلة والثغور الجليلة والجبال الشريفة ومهاجر إبراهيم وقبره وديار أيوب وبئره ومحراب داود وبابه وعجائب سليمان ومدنه وتربة إسحاق وأمه ومولد المسيح ومهده وقرية طالوت ونهره ومقتل جالوت وحصنه وجب أرميا وحبسه ومسجد أوريا وبيته وقبة محمد وبابه وصخرة موسى وربوة عيسى ومحراب زكريا ومعرك يحيى ومشاهد الأنبياء وقرى أيوب ومنازل يعقوب. والمسجد الأقصى, وجبل زيتا. ومدينة عكا. مشهد صديقا. وقبر موسى ومضجع إبراهيم ومقبرته ومدينة عسقلان, وعين سلوان. وموضع لقمان, ووادي كنعان. ومدائن لوط وموضع الجنان, ومساجد عمر ووقف عثمان. والباب الذي ذكره الرجلان, والمجلس الذي حضره الخصمان. والسور الذي بين العذاب والغفران, والمكان القريب ومشهد بيسان. وباب حطة ذو القدر والشأن. وباب الصور وموضع اليقين وقبر مريم وراحيل ومجمع البحرين, ومفرق الدارين. وباب السكينة وقبة السلسلة.
* نموذج لسير رحلة (ابن بطوطة) من الشام إلى الحجاز:
- أقام الركب بخارج الكرك أربعة أيام بموضع يقال له الثنية, وتجهزوا لدخول البرية, ثم ارتحلنا إلى معان, وهو آخر بلاد الشام, ونزلنا من عقبة الصوان إلى الصحراء التي يقال فيها: داخلها مفقود وخارجها مولود. وبعد مسيرة يومين نزلنا ذات حج, وهي حسيان لا عمارة بها, ثم إلى وادي بلدح ولا ماء به, ثم إلى تبوك وهو الموضع الذي غزاه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ... ثم يرحل الركب من تبوك, ويجدون السير ليلاً ونهاراً خوفاً من هذه البرية. وفي وسطها الوادي الأخيضر... ومن هنالك ينزلون بركة المعظم, وهي ضخمة, نسبتها إلى الملك المعظم من أولاد أيوب.
- ويجتمع بها ماء المطر في بعض السنين, وربما جف في بعضها, وفي الخامس من أيام رحيلهم عن تبوك يصلون البئر الحجر حجر ثمود, وهي كثيرة الماء, ولكن لا يردها أحد من الناس, مع شدة عطشهم, اقتداء بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر بها في غزوة تبوك, فأسرع براحلته وأمر أن لا يسقى منها أحد. ومن عجن به أطعمه الجمال.
- وهناك ديار ثمود في جبال من الصخر الأحمر منحوتة, لها عتب منقوشة يظن رائيها أنها حديثة الصنعة, وعظامهم نخرة في داخل تلك البيوت. إن في ذلك لعبرة, ومبرك ناقة صالح عليه السلام بين جبلين هنالك, وبينهما أثر مسجد يصلي الناس فيه, وبين الحجر والعلا نصف يوم أو دونه, والعُلا قرية كبيرة حسنة لها بساتين النخل والمياه المعينة, يقيم بها الحجاج أربعاً, يتزودون ويغسلون ثيابهم ويدعون بها ما يكون عندهم من فضل زاد ويستصحبون قدر الكفاية. وأهل هذه القرية أصحاب أمانة, وإليها ينتهي تجار نصارى الشام, لا يتعدونها, ويبايعون الحجاج الزاد وسواه.
- ثم يرحل الركب من العلا فينزلون في غد رحيلهم الوادي المعروف بالعطاس, وهو شديد الحر تهب فيه السموم المهلكة. هبت السنين على الركب فمل يخلص منها إلا اليسير. وتعرف تلك السنة سنة الأمير الجالقي, ومنه ينزلون هدية, وهي حسيان ماء بواد يحفرون به, فيخرج الماء وهو زعاق. وفي اليوم الثالث ينزلون البلد المقدس الكريم الشريف. طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم وفي عشي ذلك اليوم دخلنا الحرم الشريف, وانتهينا إلى المسجد الكريم.
- الحصون العثمانية: هناك الكثير من الحصون العثمانية في تبوك, بنيت على مسافات متقاربة؛ لحماية حجاج بيت الله الحرام القادمين عن طريق خط الحجاز الحديدي.
- يوجد برك ممتلئة بالمياه, والتي كان يتزود منها الحُجَّاج قديماً على درب الحاج الشامي, بجانب إحدى القلاع التاريخية بتبوك, حيث قدر ـ موقع مشكات ـ أثناء التقاطهم للصورة مساحة هذه البركة بنحو 240م2 تقريباً, وعلى عمق 5م.