أطلس الحج والعمرة ((تاريخاً وفقهاً))
القسم الأول ((التاريخي))
أولاً:
مكة المكرمة والمشاعر المقدسة
الباب الثاني:
هجرة إبراهيم الخليل عليه السلام, وبناء البيت, ودعوة الناس للحج إليه.
* عَرَفَــــــات:
قال تعالى:( ليَسَ عَلَيكُم جُنَاحٌ أن تبَتَغُوا فَضلاً من ربَّكُم فَإذَا آفَضتمُ من عَرَفاَتٍ فاذكُرُوا الله ِعندَ المَشعرَ الَحرَام واذكرُوه ُكَمَا هَدَاكُم وَإنِ كُنتُم من قَبِلِه لَمنَ الضَّالينَ ) البقرة: 198.
- روى الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن الثوري عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( الحج عرفات ـ ثلاثاُ ـ فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك, وأيام مِنى ثلاثة, فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه, ومن تأخر فلا إثم عليه ) ووقف الوقوف من الزوال يوم عرفة إلى طلوع الفجر الثاني من يوم النحر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بعد أن صلى الظهر إلى أن غربت الشمس, وقال:( لتأخذوا عني مناسككم ) وقال في هذا الحديث:( فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك ) وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة الشافعي, ـ رحمهم الله ـ.
- وذهب الإمام أحمد إلى أن وقت الوقوف من أول يوم عرفة, واحتجوا بحديث الشعبي عن عروة بن مضرس بن حارثة بن لام الطائي, قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة, فقلت: يا رسول الله, إني جئت من جبل طيء, أكللت راحلتي, وأتعبت نفسي, والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه, فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( من شهد صلاتنا هذه, فوقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً, أو نهاراً, فقد تم حجه, وقضى تفثه ) رواه الإمام أحمد, وأهل السنن, وصححه الترمذي.
- ثم قيل: إنما سميت عرفات لما رواه عبد الرزاق: أخبرني ابن جريج, قال: قال ابن المسيب: قال علي ابن أبي طالب: بعث الله جبريل عليه السلام إلى إبراهيم صلى الله عليه وسلم فحج به, حتى إذا أتى عرفة قال: عرفت, وكان قد أتاها مرة قبل ذلك, فلذلك سميت عرفة, وقال ابن المبارك عن عبد الملك بن أبي سليمان, عن عطاء, قال: إنما سميت عرفة؛ لأن جبريل كان يري إبراهيم المناسك, فيقول: عرفت عرفت, فسميت عرفات, وروي نحوه عن ابن عباس, وابن عمر, وأبي مجلز, فالله أعلم, وتسمى عرفات المشعر الحرام, والمشعر الأقصى, وإلال على وزن هلال, ويقال للجبل في وسطها: جبل الرحمة, قال أبو طالب في قصيدته المشهورة:
وبالمشعر الأقصى إذا قصدوا له إلال إلى تلك الشراج القوابل
- يجتمع الحجاج في يوم التاسع من شهر ذي الحجة في عرفات, ويصلون الظهر, والعصر قصراً وجمع تقديم, ويبقون هناك إلى غروب الشمس.
- تقع عرفات خارج حدود الحرم, حيث تبعد عن مكة 21 كيلو متراً تقريباً, وهي إحدى حدود الحرم من الجهة الشرقية. وإجمالي مساحتها 10,4 كم2, وقد وضعت ـ الآن ـ علامات تبين حدودها, فيجب على الحاج أن يتنبه لها حتى لا يقف فيما لبس بموقف؛ فيفوته الحج.
* مسجد عرفة ((نَمِرة)):
- بفتح النون, وكسر الميم وسكونها من أهم المعالم في مشعر المعالم في مشعر عرفات, و به يصلي عشرات الآلاف من ضيوف الرحمن صلاتي الظهر, والعصر في يوم عرفة جمعاً وقصراً؛ اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم, ويستمع فيه الحجيج إلى خطبة عرفات, والتي يلقيها سماحة مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ/عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ـ حفظه الله تعالى ـ وبني المسجد في الموضع الذي خطب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع, وذلك في أول عهد الخلافة العباسية ـ منتصف القرن الثاني الهجري ـ ويقع الغرب من المشعر الحرام, وجزء من غربي المسجد في وادي عرنة, وسمي بعدة أسماء مثل: مسجد النبي إبراهيم, ومسجد عرفة, وقد اهتمت الحكومة السعودية بهذا المسجد حيث أصبح يتسع لأكثر من 350 ألف مصل, وتزيد مساحته عن 27 ألف متر, وبلغت تكاليف عمارته نحو 337 مليون ريال سعودي.
- وهذا المسجد يفصل سيل عرنة بين عرفة ومسجدها, وبين نمرة, وهي على حدود الحرم المكي الشريف.