القســــــــم الأول:
الأديــــــــــان الســــــــــــــماوية
الإســــــــلام
* خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
- سجل التاريخ قبل الفتح الإسلامي المبين، حروباً طاحنة: للسومريين والبابليين والفراعنة والإغريق والروم والفرس وغيرهم _ كما سجل التاريخ كذلك بعد الفتح الإسلامي حروباً ضارية كثيرة – لجنكيز خان، وهولاكو، وتيمورلنك، ولاستعمار الصليبي في العصور الوسطى والحديثة، وغيرهم. ولكن هذه الحروب لم تدر رحاها إلا من أجل نعيم زائل ونزعات خبيثة. بعكس الفتح الإسلامي الذي جاء من أجل تحرير الإنسان من عبودية الإنسان من عبودية الله الواحد القهار!.
- استهل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ عهده بتلك الفتوحات الإيمانية التي بدأها الخليفة الراشد ابو بكر الصديق رضي الله عنه فأتمها على أحسن وجه، وأكملها على أبهى صورة، حيث تمكن بفضل الله -تعالى- ثم بفضل السواعد الأبية من رجالات الدولة الإسلامية في عهده< أن يقيم دولة إسلامية مترامية الأطراف في فترة وجيزة نسبياً إذا ما قيست بالزمن الذي تمت فيه فتوحات الأباطرة والقياصرة في الماضي.
- بيد أن الفارق بين عمر رض يا لله عنه وأولئك الأباطرة والقياصرة أنه أقام دولته على أساس متين من الأيمان بالله تعالى وإقامة العدل، مدعمة بالحب الصادق والخلق الرفيع والتقاليد العربية الأصيلة؛ وهو صاحب المثل الشهير (( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ))، لذلك سجل التاريخ للخليفة عمر رضي الله عنه؛ أنه أكبر فاتح تاريخ البشرية قاطبة، حيث أن آثار فتوحاته العظيمة لا تزال بحمد الله تنعم بها شعوب البلاد المفتوحة، ولم يكن الفتح عند الخليفة عمر إلا إعلاءً لكلمة الله تعالى واستجابة لوعد الله للمؤمنين بأنهم سيرثون الأرض، فضلاً عن همه الكبير في تخليص المجتمعات من جور الإمبراطورتين الفارسية والرومانية آنذاك، وإعلان الوحدانية المطلقة لله تعالى بين الشعوب المقهورة: ((هو الذي أرسل رسول بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)) جاء إلى عمر رضي الله عنه فقال: (( يا أمير المؤمنين، احملني فإني أريد الجهاد، فقال عمر رضي الله عنه لرجل: خذ بيده، فأدخله بيت المال يأخذ مما يشاء. فدخل فإذا بيضاء وصفراء. فقال: ما هذا؟ مالي في هذا من حاجة، إنما أردت زاداً وراحلة! فرده على عمر، فأخبروه بما قال: فأمر له بزاد ورحلة، وجعل عمر يرحل له بيده. فلما ركب، رفع يده، فحمد الله، وأثنى عليه بما صنع به وأعطاه، وعمر يمشي خلفه، يتمنى أن يدعو له، فلما فرغ قال: ( اللهم، وعمر فاجزه خيراً). هذه خلافة الفاروق؛ تحمل جميل الوصايا وحميد الأوامر والتي كان يبعث بها عمر رضي الله عنه إلى قادته في ساحة المعركة لتعيش حقيقة الإيمان الذي كان يتمثل به الفاروق رضي الله عنه وهو القائل: (( والذي بعث محمداً بالحق، لو أن جملاً هلك ضياعاً بشط الفرات، خشيت أن يسأل عنه آل الخطاب)).
- كان العرب في جاهليتهم يتهيبون فارس من عمالها،( اللخمي) عامل الفرس على العراق، و( الغساني) عامل الروم على بلاد الشام ويعظمونهما ويلقبونهما بألقاب الملوك وينظم شعراؤهم القصائد في مدحهما.
* أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستنفر قبائل الجزيرة لقتال الفرس على أرض العراق:
* معركة القادسية الحاسمة منتصف شعبان سنة 14 هـ:
1- معسكر الجيش الإسلامي في القادسية بقيادة القائد سعد بنت أبي وقاص رضي الله عنه.
2- معسكر الجيش الفارسي( المجوسي) بقيادة رستم الأرمني.
3- مكان القيادة الإسلامية بالقرب من حصن قديس.
4- مكان الإمدادات الفارسية للمقاتلين الفرس.
5- مكان الإمدادات الإسلامية للمقاتلين المسلمين في المعركة.
* فتح المدائن في منتصف صفر الخير سنة 16هـ:
- حينما وصل سعد في الاقتحام إلى المدائن، قال لجيشه:(( قولوا نستعين بالله ونتوكل عليه، حسبنا الله ونعم الوكيل، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم )).
- لما وصل المسلمون إلى مقربة من المدائن رفع الفرس السفن والمعابر من نهر دجلة وأحرقوا الجسور التي توصل إلى القسم الشرقي من المدينة، غير أن سعد بن أبي وقاص استطاع أن يحضر سفناً غيرها من السكان المحليين ثم عبر بواسطتها مع قواته إلى المدينة، فلما شاهد كثير من السكان اقتراب الجيش الإسلامي من مدينتهم، لاذوا بالفرار، ومنهم من بقي للقتال إلى جانب حامية المدائن، فاشتبك المسلمون في قتال عنيف مع هذه الحامية التي لم تصمد طويلاً حتى استسلمت بعد حصار ضربه المسلمون حول المدائن، وبذلك تم فتح هذه العاصمة المهمة، وبفتحها انهار أكبر معقل من معاقل الفرس، بينما اتخذ المسلمون من المدائن قاعدة لانطلاق قواتهم المظفرة وإتمام فتح بقية المدن الفارسية.
1- نهر دجلة وهو فاصل طبيعي بين المدائن وبهر سير.
2- منطقة عبور الجيش الإسلامي إلى المدائن، بقيادة؛ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
3- لما علم الملك يزدجرد بسقوط ساباط وبهر سير، وأن المسلمين قد توجهوا لفتح المدائن عاصمة ملكه، فر إلى حلوان.
4- حينما أنتهى سعد إلى إيوان كسرى قرأ قوله تعالى: (( كم تركوا من جنات وعيون* وزروع ومقام كريم* ونعمة كانوا فيها فاكهين* كذلك وأروثناها قوماً آخرين )) سورة الدخان.
5- سلمان الفارسي رضي الله عنه؛ يدعو قومه إلى الإسلام ويمهلهم ثلاثاً. فلما كان اليوم الثالث نزلوا على أداء الجزية.
* فتح الأهواز أواخر سنة 16هـ:
1- حشود فارسية تصل إلى الأهواز، لتضم إلى الهرمزان قائد رستم في القادسية والذي انسحب بقواته نحو الأهواز.
2- وجه الهرمزان قواته الأولى جهة دست ميسان. قال ابن خرداذبة: الأُبُلَة هي دست ميسان.
3- ووجه الهرمزان قواته الثانية نحو ميسان وهي جهة العمارة في العراق اليوم.
4- القائد سعد بن أبي وقاص؛ يمد عتبة بن غزوان بنعيم بن مسعود الغطفاني إلى ميسان.
5- ووجه سعد قوات نعيم بن مقرّن المازني إلى أعلى دست ميسان.
6- بعد أن بلغ جيش المسلمين في البصرة، حوالي 5000مقاتل، وجه عتبة اثنين من المهاجرين هما سلمى بن القين وحرملة ابن مريطة، توجهت جميع الجيوش لمنازلة الهرمزان في الأهواز؛ فانتصروا عله وطلب الصلح ثم نقضه ثم عاد وطلب صلحاً آخر وطلب الخليفة عمر رضي الله عنه أن يقبلوا منه صلحه الثاني على ما لم يفتحوا من أرض رامهرمز وتستر وسوس وجندي سابور والبنيان ومهرجان قذق. فأقام الهرمزان بها حتى يجيء إليهم خراجها ولا يدخلون عليه وله الذمة والمنعة فكانوا يحمونه من غارات الأكراد عليه.
آثار تاريخية
* معركة نهاوند ( فتح الفتوح) في يوم الجمعة من شهر محرم سنة 19 هـ على الأرجح:
* نتائج معركة نهاوند ( فتح الفتوح):
1- المجال السياسي: بعد معركة نهاوند، تغيرت خريطة العالم القديم الذي كانت تتنازعه دولتا فارس والروم، وذلك بزوال دولة الفرس المجوسية. وسطوع نجم الدولة الإسلامية الفتية.
2- المجال الاستراتيجي: أصبحت جميع بلاد فارس مفتوحة أمام المجاهدين المسلمين؛ إذ أصبح ممكناً اتخاذ الأراضي الواقعة شرق دجلة قاعدة لانطلاق الجيوش الإسلامية ولا سيما بعد أن فتح المسلمون العراق والأقاليم الواقعة على شمال الخليج العربي؛ خصوصاً إذا عرفنا أن إقليم خوزستان( الأهواز) قد فتح بالكامل واعتنق حاكمه الهرمزان الإسلام.
3- المجال العسكري: اكتسب الجندي المسلم صلابة وقوة مكنته من انتزع النصر في أحلك الظروف. واستمراراً لتحقيق النصر قرر الخليفة عمر تقسيم الجيش إلى عدة ألوية وعين على كل لواء قائداً ووجه كل لواء بقائده إلى أقليم من أقاليم الدولة الفارسية على النحو التالي:
1- الجبهة الشمالية: وتشمل الأقاليم الواقعة غرب بحر الخرز( قزوين) حتى نهاية جبل القفقاس وأرمينية، حيث فتحت قزوين والديلم، وإقليم أذربيجان، وأرمينية والقفقاس والقوقاز، وجرجان وطبرستان.
2- الجبهة الوسطى والشرقية:
1- الإقليم الجبلي: في غربي بلاد فارس: بعد معركة نهاوند الحاسمة، سيّر الخليفة عمر جيوشه إلى مدن هذا الإقيلم من بينها: إصفهان- إعادة فتح همذان –واج روذ بين همذان وقزوين.
2ـ إقليم فارس: يقع هذا الإقليم في وسط إيران، حيث توجهت إليه الجيوش الإسلامية على النحو التالي: أصطخر عاصمة فارس- فسا ودار إبجراد- كرمان.
3ـ إقليم خراسان: يؤلف هذا الإقليم الجزء الشرقي للدولة الفارسية، وكان الأحنف ابن قيس أبرز قادة فتح هذا الإقليم وبعد أن أبلى بلاء طيباً في معركة نهاوند ولاه الخليفة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لواء فتح خراسان ففتح هراة عنوة وسار نحو مرو فكتب يزدجرد مستنجداً بخاقان الترك وملك الصفد وملك الصين، وحينما دخل المسلمون مرو فرّ يزدجرد إلى بلخ. وبعد أن فتحت بلخ فر يزدجرد إلى سمرقند، إلى أن قتله الفرس أنفسهم، وقضي على ~آخر أمل للدولة المجوسية.
4ـ إقليم سجستان: يشغل هذا الإقليم أجزاء كبيرة من إيران ومن أفغانستان ويطلق عليه سجستان أو سييتان( ساستان).
3- الجبهة الجنوبية: وكانت في إقليم مكران وهو أقصى البلاد الفارسية من الجنوب وتقع سواحله على خليج عمان وجزء من الخليج العربي، انتصر المسلمون فيها انتصاراً مؤزراً على المجوس ودخل المسلمون على أثرها مكران.
* الإنسياح الإسلامي في أرض فارس بعد نهاوند:
- قال الطبري: وفي هذه السنة أمر عمر جيوش العراق بطلب جيوش فارس حيث كانت؛ وأمر بعض من كان بالبصرة من جنود المسلمين وحواليها بالمسير إلى أرض فارس وكرمان وإصبهان، وبعض من كان منهم بناحية الكوفة وماهاتها إلى أصبهان وأذربيجان والريّ... ولما أتى عمر انبعاث الجنود و انسياحهم أمر عماراً بعد، وقرأ قول الله عز وجلّ:( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ) القصص.