أطلس الحج والعمرة ((تاريخاً وفقهاً))
القسم الأول ((التاريخي))
ثانياً :
المدينة النبوية
الباب الأول:
المدينة النبوية وهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها
* منطقة المدينة المنورة:
- منطقة المدينة المنورة: هي إحدى المناطق الإدارية بالمملكة العربية السعودية, ومقر إمارتها المدينة المنورة, ويتولى إمارتها الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز آل سعود, وتأتي في المرتبة الثالثة من حيث المساحة, والخامسة من حيث عدد السكان, ولعل ما تختص به وجود الحرم النبوي الشريف بها, أما الجوامع المشهورة في المدينة, فهي مثل: مسجد القبلتين, ومسجد قباء, ومقبرة بقيع الغرقد, وتلك المقبرة تضم الكثير من قبور الصحابة, مثل: عثمان بن عفان, وزوجة النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين ((عائشة بنت أبي بكر الصديق)) رضي الله عنهما, والعديد من الصحابة, وآل بيته الطاهرين رضي الله عنهم أجمعين, وتشتهر المدينة بزراعة نخيل التمر, وتتبع منطقة المدينة المنورة مجموعة من المحافظات التالية: الحناكية, العُلا, بدر, خيبر, ينبع...
منطقة المدينة المنورة
* ومضات عن محافظة العُــلا:
- العُــلا: إحدى مدن المملكة العربية السعودية, تقع غربي الجزيرة العربية, وتتبع منطقة المدينة, وتبعد عنها حوالي 300كيلو متر شمالاً. وتقع العُلا بين مرتفعات جبلية تحدها من الشرق والغرب؛ حيث يمتد منها جهة الجنوب وادي القرى. والطرق المؤدية إلى العُلا متفرعة من طريق تبوك بعد المرور بقرية المليليح شمالي المدينة بحوالي 60كم يتجه إلى الغرب باتجاه قرية شجوى بمحاذاة طريق سكة حديد الحجاز القديم, ويمر بحوالي 27 هجرة مروراً بالوادي الشهير المسمى بوادي الجزل.
- وتقع إلى الشمال مباشرة من مدينة العُلا آثارٌ الحِجر, المعروفة أيضاً بمدائن صالح, وهي آثارٌ فريدة ترجع إلى حضارة الأنباط, أشهرها المقابر التي كانوا يحفرونها في الصخور, ويوقن المسلمون أنها موقع قصة هلاك ثمود التي وردت في القرآن الكريم, والسُّنَّة المطهرة. ومنقطة الحِجر محاطة بسور من السلك, ويزورها الكثير من الباحثين والدارسين من شتى بقاع الأرض, ويوجد بالقرب منها محطة قديمة لسكة حديد الحجاز التي بنتها الدولة العثمانية. وتشتهر العُلا بمناظرها الجبلية الخلابة وطبيعة جوها المعتدل؛ لارتفاعها عن سطح البحر بأكثر من 700متر.
سد الحصيد بمحافظة خيبر بعدسة مؤلف ومصمم الأطلس
* لمحات عن تاريخ المدينة النبوية قبل الهجرة:
- يرجع تاريخ تأسيس يثرب ((المدينة النبوية)) إلى حوالي 1600 سنة قبل الهجرة النبوية المباركة, اعتماداً على أن قبيلة عربية تُسَمَّى "عبيل" قد تكلمت بالعربية, وأن اللغة العربية وُجِدتَ في ذلك التاريخ, ويقترب هذا التحديد من الزمن الذي وُجِدتَ فيه كلمة (يثرب) في الكتابات التاريخية عند الإغريق, فقد ورد اسم ((يثرب)) في الكتابات عند مملكة معين, وذكرت بين المدن التي سكنتها جاليات معينية, ومن المعروف أن المملكة المعينية قامت في جزء من اليمن في الفترة ما بين 1300و600 ق.م, وامتد نفوذها في فترة ازدهارها إلى الحجاز, وفلسطين, وعندما ضعف سلطانها كونت مجموعة مستوطنات؛ لحماية طريق التجارة إلى الشمال, وكان هذا الطريق يمر بيثرب, ويتفق هذا التاريخ التقريبي أيضاً مع تاريخ وجود العماليق, وحروبهم مع بني إسرائيل في شمالي الجزيرة العربية, وسيناء.
- تعاقب السكان على يثرب منذ إنشائها؛ فقد سكنها العماليق, ومن بعدهم قبائل "المعينيون", وبعض قبائل اليهود, حتى سكنتها قبيلتا الأوس, والخزرج, وهما قبيلتان قحطانيتان, جاءتا من مملكة سبأ في اليمن على إثر انهيار سد مأرب (سيل العرم), وعندما وصلت القبيلتان إلى يثرب أعجبتا بما فيها من أرض خصبة, وينابيع كثيرة؛ فاستقروا فيها مع وجود بعض القبائل اليهود وهم: ((بنو قينقاع)), وبنو النضير, وبنو قريظة)), وبعد ذلك عُقِد حلف ومعاهدة بين اليهود, والقبيلتين تلتزمان فيها بالسلام, والتعايش, والدفاع عن يثرب ضد الغزاة, فتحالفوا على ذلك, والتزموا به مدة من الزمن ازداد خلالها عدد الأوس, والخزرج, ونمت ثرواتهم؛ ولذلك خاف اليهود من اتساع سلطة ونفوذ القبيلتين, فقاموا بالتفريق, والإيقاع بينهما, ونجحوا في خططهم, واشتعلت الحروب الطاحنة بين الأوس, والخزرج, استمرت تلك الحروب قرابة المائة والعشرين عاماً, ولم تنته إلا عند هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى يثرب.
* يَـــثرِبُ:
- يَـــثِربُ: بفتح أوله, وسكون ثانيه, وكسر الراء, وباء موحدة؛ قال أبو القاسم الزجاجي: يثرب مدينة رسول الله, صلى الله عليه وسلم, سميت بذلك لأن أول من سكنها عند التفريق يثرب ابن قانية بن مهلائيل بن إرم بن عبيل بن عوض ابن إرم بن سام بن نوح, عليه السلام, فلما نزلها رسول الله, صلى الله عليه وسلم, سماها طيبة, وطابة كراهيةً للتثريب, وسميت مدينة الرسول لنزوله بها, قال: ولو تكلف متكلفٌ أن يقول في يثرب إنه يفعل من قولهم لا تثريب عليكم أي لا تعيير ولا عيب كما قال الله تعالى: (لا تثريب عليكم اليوم)؛ قال المفسرون: وأهل اللغة: معناه لا تعيير عليكم بما صنعتم, ويقال: أصل التثريب الإفساد, ويقال: ثَرَب علينا فلان, وفي الحديث: إذا زنت أمَةُ أحدكم فليجدها, ولا يثرب, أي لا يعير بالزنا, ثم اختلفوا فقيل إن يثرب للناحية التي منها مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم, وقال آخرون: بل يثرب ناحية من مدينة النبيّ, صلى الله عليه وسلم, ولما حُملت نائلة بنت الفُرافصة إلى عثمان بن عفان, رضي الله عنه, من الكوفة قالت تخاطب أخاها:
أحقّاً تراه اليوم يا ضبّ أنني مصاحبة نحو المدينة أركُبا؟
لقد كان في فتيان حصن بن ضمضم لك الويل ما يجري الخباءَ المحجّبا
قضى الله حقّاً أن تموتي غريبةً بيثرب لا تلقين أُمّاً ولا أبا
- قال ابن عباس, رضي الله عنه: من قال للمدينة يثرب فليستغفر الله ثلاثاً, إنما هي طيبة.
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم, لما هاجر: اللهمّ إنك أخرجتني من أحب أرضك إلي, فأسكنّي أحب أرضك إليك, فأسكنه المدينة؛ ... وقد نسبوا إليها السهام فقال كُثّير:
وماءٍ كأنّ اليَثربيّةَ أنصلَت بأ عقاره دفع الإزاء نَزُوع
المدينة النبوية من الفضاء الخارجي