أطلس الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
البــــــاب الثـــــالـــــــث:
خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
الفصل الثالث:
الفتوحات الإسلامية في عهده
أولاً: جبهة الفرس في الشرق (العراق)
معركة ذات السلاسل
* معركة ذات السلاسل:
* رسالة خالد بن الوليد إلى قائد الفرس هرمز:
- (أما بعد. فأسلم تسلم واعتقد لنفسك وقومك الذمة وأقرر بالجزية وإلا فلا تلومن إلا نفسك، فقد جئتك بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة).
- قال الطبري:( فرّق خالد مخرجه من اليمامة إلى العراق جنده ثلاث فرق، ولم يحملهم على طرق واحدة، فسرَّح المثنى قبله بيومين ودليله ظفر، وسرّح عدّي بن حاتم وعاصم بن عمرو ودليلاهما مالك بن عباد وسالم بن نصر، أحدهما قبل صاحبه بيوم؛ وخرج خالد ودليله رافع؛ فواعدهم جميعاً الحفير ليجتمعوا به وليصادموا به عدوهم، وكان فرج الهند أعظم فروج فارس شأناً، وأشدَّهم شوكة، وكان صاحبه يحارب العرب في البر والهند في البحر....
- ولما قدم كتاب خالد على هرمز كتب بالخبر إلى شيرى بن كسرى وإلى أردشير بن شيرى وجمع جموعه، ثم تعجل إلى الكواظم في سرعان أصحابه ليتلقَّى خالداً، وسبَّق حلبته فلم يجدها طريق خالد، وبلغه أنهم تواعدوا الحفير، فعاج يبادره إلى الحفير فنزله، فتعبّى به، وجعل على مجنَّبته أخوين يلاقيان أردشيروشيرى إلى أردشير الأكبر يقال لهما قباذ وأنوشجان، وأقترنوا بالسلاسل. فلما أتى الخبر خالداً بأن هرمز في الحفير أمال الناس إلى كاظمة، وبلغ هرمز ذلك. فبادره إلى كاظمة فنزلها وهو حسير...).
- كتب أبو بكر الصديق إلى المثنى بن حارثة يأمره بطاعته جاء فيه: (إني قد وليت خالد بن الوليد فكن معه) وكان بسواد الكوفة حينذاك، فجاء الثنى إليه مسرعاً. كما كتب خالد إلى أمراء الجند الآخرين، مذعور بن عدي العجلي، وسُلمى ابن القين التميمي، وحرملة بن مريطة التميمي أن يلحقوا به. هؤلاء الأمراء الأربعة كان تحت إمرتهم ثمانية ألاف مجاهد. ثم حشد خالد ثمانية ألاف آخر من بينه وبين العراق من ربيعة ومضر، فاكتمل جيشه ثمانية عشر ألفاً كلهم متطوع لم تسبق له ردة، دخل بهم خالد العراق.
القبائل العربية التي شاركت في معركة ذات السلاسل
* كاظمة: الظاء معجمة؛ الكظم: إمساك الفم، والكاظم: المطرق لايُجِرُّ من الأبل؛ قال:
فهن كُظومٌ مايُفضنَ بجِرَّة، لهن لِمبيُضّ اللغام صريف
* جَوّ: على سيف البحر في طريق البحرين من البصرة، بينها وبين البصرة مرحلتان، وفيها ركايا كثيرة وماؤها شروب واستسقاؤها ظاهر؛ وقد أكثر الشعراء من ذكرها، فمنه:
يا حبذا البرق من أكناف كاظمة يسعى على قصرات المرخ والعُشَر
لله درُّ بيوتِ كان يعشقها قلبي ويألفها إن طيّبت بصرى
فقدتها فقد ظمآن إداوته والقيظ يحذف وجه الأرض بالشرر
أُمنيّة النفس أن تزداد ثانية وحالنا والأماني حلوة الثمر
* ذات السلاسل:
- كان من عادات الفرس أن يقوموا بربط جنودهم بعضهم البعض بالسلاسل الحديدية القوية، خشية من هروبهم من أرض المعرطة خصوصاً إذا كان الخصم من النوع الذي يتميز بالقوة والشجاعة؛ لذلك قالت الجنود لبعضها: قيدتم أنفسكم لعدوكم، فلا تفعلوا، فإن هذا طائر سوء. وبعد أن تحقق النصر المؤزر للمسلمين على الفرس أخذ خالد يجمع متاع الجند الذي تركوه، ومن هذا المتاع السلاسل، فكان أن جمع ألف رطل من هذه السلاسل العتيدة.
معارك النهر
* معارك النهر:
- بُعيد معركة ذات السلاسل مباشرةً قوات المسلمين بقيادة المثنى بن حارثة تطارد فلول الفرس المهزومة وتقوم بتطهير المنطقة من بقاياهم.
- حينما وصل خالد إلى المنطقة التي يعسكر فيها المسلمون بقيادة سويد بن قطبة الذهلي قال سويد لخالد:( إن أهل الأبُلّة قد جمعوا لي، ولاأحسبهم امتنعوا مني إلا لمكانك ).
- فقال خالد:( فالرأي أن أخرج... ثم أعود ليلاً، فأدخل في معسكرك بأصحابي فإن صبحوك حاربناهم ) فلما أصبح الصباح، خرج جيش الاُبلّة إلى سويد وهم يعلمون أن خالداً قد أنصرف إلى الحيرة، فلما أقتربوا ورأوا كثرة من في المعسكر، أسقط في أيديهم وانكسرت معنوياتهم. فحمل عليهم المسلمون فهزموهم شر هزيمة، ثم نزل خالد بالقرب من موقع البصرة وبعث المثنى في آثار المجوس في مطاردة عنيفة.