* لا يذكر كثير من الناس البابا أربان الثاني ومع ذلك فقليل من الناس كان لهم التأثير الذي حققه البابا أربان الثاني على التاريخ البشري فقد كان هو البابا الذي أثار الدعوة بين العالم المسيحي للحروب الصليبية لإنقاذ قبر المسيح بزعمهم.
- ولد الباب أربان الثاني في عام 1042 قرب مدينة تشاتيلون سرمارن في فرنسا وقد انحدر من عائلة عظيمة من نبلاء فرنسا ونال قسطا وافرا من التعليم وقبل انتخابه بابا في روما عام 1088 كان كاردينالا.
- كان اربان قويا ومؤثرا سياسيا وكان من البابوات الدهاة الماكرين ولكن ليس هذا برأي المؤلف هو الذي أهله أن ينال مكانه بين المائة بل إن عمله الذي بدأ به وهو إثارة جماهير الشعب في المجمع الكنسي الذي عقد في مدينة كلير مونت في فرنسا في 27 نوفمبر عام 1095 هو الذي يعتبره المؤلف السبب في هذا الاختيار.
- هنالك وأمام جمهور مؤلف من ألوف من الناس ألقى اربان خطابا ألهب به الجماهير في وقته ولأجيال تلت وفي هذا الخطاب ادعى البابا بان الأتراك السلاجقة الذين كانوا يحتلون الأرض المقدسة كانوا يدنسون الأماكن المقدسة المسيحية ويضايقون ويتحرشون بالحجاج المسيحيين وقد حث البابا أربان جميع العالم المسيحي بأن يشتركوا كلهم في حرب مقدسة أي حملة صليبية تعيد فتح الأرض المقدسة وإرجاعها للمسيحيين و لكن أربان كان ذكياً جداً فلم يناشد الناس بدافع ديني فقط بل أشار أن الأرض المقدسة كانت كثيرة الخيرات وغنية بل أغنى بكثير من الأراضي المزدحمة بالسكان في أوربا وأخيراً أعلن البابا أن الاشتراك في الحرب الصليبية سوف تكون ككفارة عن جميع الذنوب وطمّن المحارب الصليبي أن ذنوبه مغفورة.
- أثار خطاب البابا أربان الذي حرك به الدوافع الدينية الأنانية في سامعيه أثار الحماس العظيم وقبل أن ينتهي خطابه كان الجميع يصيحون ( إنها إرادة الله ) التي أصبحت في الحال صرخة الحرب للصليبيين وفي خلال بضعة أشهر كانت الحملة الصليبية تتجمع وقد تبعها سلسلة طويلة من الحملات الصليبية التي بلغ عددها ثماني حملات رئيسية وبضعة حملات أخرى ثانوية.
- وأما أربان فقد توفي عام 1099 بعد أسبوعين من استيلاء الحملة الصليبية الأولى على بيت المقدس ولكن قبل أن تصله أخبار ذلك الفتح.
- إن من الصعب أن نقّدر حسب رأي المؤلف أهمية الحروب الصليبية فهي مثل الحروب الأخرى كان لها تأثير مباشر على المشتركين فيها وعلى السكان المدنيين الذين أوقعهم حظهم في طريقها.
- ومع ذلك فقد كان للحروب الصليبية تأثير في جلب أوربا الغربية إلى التماس المباشر مع الحضارة البيزنطية والحضارة الإسلامية اللتين كانتا في ذلك الوقت أكثر تقدماً من أوربا الغربية وهذا التماس مهّد الطريق لعصر النهضة الأوربية التي بدورها أدّت إلى الازدهار الكامل للحضارة الأوربية الحديثة.
- ولم تكن الحروب الصليبية لتحدث لولا تحريض البابا ( أربان الثاني ) ولكن بالحقيقة كانت الأحوال مواتية وإلا فإن خطابه لم يكن ليلقى أذناً صاغية والحقيقة أنه لو قام الإمبراطور الألماني بإعلان الحروب الصليبية لما تبعه أي شخصية من شخصيات أوربا الغربية ولكن الشخص الوحيد الذي كان مؤهلاً لأن يتبعه جميع الملوك والأمراء في أوربا هو شخصية البابا الثاني كان جريئاً جداً فقد قام بهذا العمل الناجح وهذا حسب رأي المؤلف.