كيف تطورت العلاقة بين اليهود والنصارى
من عداوة إلى صداقة.. ؟!
- كيف انقلبت العداوة إلى صداقة وتعاون ؟ !
- علمنا – سابقاً - أن العلاقة بين اليهود والنصارى كانت إلى وقت قريب علاقة عداء وصراع وانتقام متبادل. فما الذي تغير حتى أصبحنا نرى كثيراً من النصارى اليوم ( وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا ) يتعاونون مع اليهود ويمدونهم بألوان المساعدات المتنوعة ويمكنونهم من الاستيلاء على فلسطين كما هو مشاهد؟!
- كانت الكنيسة قبل حركة الإصلاح الديني تمارس تسلطاً على رقاب النصارى وتكبت حرياتهم وتفرض آراءها عليهم ولو كانت مخالفة للعلم، وتنتقم ممن يخالف تعاليمها ولو كان نابغاً بالحرق أو القتل .
- وزاد من تسلطها أنها استأثرت بفهم الكتاب المقدس وتفسيره دون سائر النصارى، وما على الآخرين إلا قبول آرائها وتفسيراتها دون نقاش .
- وبلغ انحرافها مبلغه عندما أصدرت ( صكوك الغفران ) للمذنبين! يشتريها المذنب من الكنيسة ليضمن بعدها أنه مغفور له من الله! تعالى الله عن قولهم.
- لما كان الحال هكذا اشتدت الحاجة إلى حركة إصلاحية تقف في طريق هذه الانحرافات الكنسية . - وكانت هذه الحركة بقيادة ( مارتن لوثر ) المولود في ألمانيا عام 1482م، وكان قسيساً وأستاذاً لعلم اللاهوت .
- قام لوثر بثورته أو احتجاجه لإقرار هذه المبادئ :
1- جعل الكتاب المقدس المصدر الوحيد للمسيحية، ورد كل ما جاء عن البابوات .
2- من حق كل مسيحي أن يقرأ الكتاب المقدس وأن يفسره.
3- عدم اعترافه بنظام ( البابوية ) .
4- مطالبته بزواج القساوسة .
5- عدم إيمانه بالأسرار الكنسية المزعومة؛ كمسألة الاستحالة .
- هذه أبرز مطالب الحركة الاحتجاجية أو الإصلاحية بقيادة ( لوثر) والتي سميت في ما بعد بـ ( البروتستانت ) .
- ويلاحظ أنها ركزت على تغييرات شكلية لم تكن هي السبب في انحراف الكنيسة، وأبقت على جذور الانحراف والضلال من تحريف الكتاب المقدس، والصلب، والتثليث، وغير ذلك. فكانت ثورة شكلية انتفع منها اليهود - كما سيأتي لاحقا - ولم ينتفع منها النصارى.
- بعد قيام هذه الحركة الإصلاحية لقيت الاضطهاد والتضييق من الكنيسة ( الكاثوليكية ) مصداقاً لقوله تعالى : ( وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) .
- كان لحركة الإصلاح الديني " البروتستانتية " أثر كبير في إحداث تغيير في طبيعة العلاقة بين اليهود والنصارى، يتبين ذلك مما يلي :
أولاً: كان النصارى - جميعهم - قبل عصر الإصلاح الديني بقيادة البابا يعادون اليهود ويقودون حملات التطهير والإبادة ضدهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
ثانياً: حافظت الكنيسة الكاثوليكية - إلى عهد قريب - على موقف ثابت من المسألة اليهودية يقوم على رفض التصالح مع اليهود إلا إذا اعترفوا بالمسيح واعتنقوا النصرانية .
ثالثاً: لم يكن في الفكر الكاثوليكي التقليدي قبل عهد الإصلاح الديني أدنى مكان لاحتمال العودة اليهودية إلى فلسطين، أو لأية فكرة عن وجود الأمة اليهودية، وكان القساوسة يرفضون التفسير الحرفي للتوراة ويفضلون تفسيرات لاهوتية أخرى وبخاصة المجازية التي أصبحت الأسلوب الرسمي للتفسير التوراتي .
ويليه إن شاء الله الجزء الخامس من اليهود والنصارى في رسالة قادمة .