* إن مارتن لوثر الذي كان تحديه للكنيسة الكاثوليكية الحجر الأساسي في الإصلاح الديني المسيحي قد ولد في عام 1483 في مدينة (ازليبين) في ألمانيا، وقد تلقى ثقافة جامعية جيدة ودرس القانون بناء على رغبة والده. ولكنه لم يكمل دراسته القانونية وبدلاً من ذلك اختار أن يكون راهباً أوغسطينياً، وفي عام 1512 حصل على درجة الدكتوراه في اللاهوت من جامعة وتنبرغ، وسرعان ما انضم إلى هيئتها التدريسية وقد بدأت انتقاداته للكنيسة تظهر بالتدريج، ففي عام 1510 رحل إلى روما وقد صدم لتفاهة وتمسك رجال الدين هناك بالشؤون الدنيوية ولكن الشرارة التي سببت احتجاجه ضد الكنيسة كانت بيع الكنيسة (صكوك الغفران) وكان صك الغفران عبارة عن غفران تمنحه الكنيسة لجميع عقوبات الخطايا وكان يشمل أحياناً تخفيضاً للزمن الذي كان يقضيه المذنب في المطهر.
- وفي تشرين الأول عام 1517 ألصق لوثر على باب الكنيسة في وتنبرغ الاحتجاجات الـ 95 التي شجب بها الفساد والرشوة في الكنيسة بصورة عامة وبيع صكوك الغفران بصورة خاصة ثم أرسل نسخة من هذه الاحتجاجات الخمس والتسعين إلى مطران (مينز) وبالإضافة إلى ذلك فقد طبعت الاحتجاجات ووزعت على الكثيرين في المنطقة.
- وقد بدأ مجال احتجاج لوثر ضد الكنيسة يتسع بسرعة وسرعان ما بدأ ينكر سلطة البابا ومجالس الكنيسة العامة مصراً على أنه لا ينقاد إلا إلى الكتاب المقدس وللعقل المحض الخالص. ولم يكن من العجيب أن تنظر الكنيسة نظرة استهجان لآرائه واستدعي ليمثل أمام أولي الأمر في الكنيسة، ولكن بعد أن ورد أمر بشجب رأيه علناً إلا أنه لم يذعن لطلب الكنيسة فأعلن أنه كافر وخارج عن القانون في مجمع ورمس عام 1521 وأن كتبه محرمة.
- وكانت النتيجة الطبيعية لهذه الأحكام أن يحرق لوثر على الخازوق ولكن آراءه لقيت تأييداً واسعاً من قبل جماهير الشعب في ألمانيا وبين بعض الأمراء الألمان. ومع أن لوثر كان مضطراً للاختفاء مدة سنة فقد كان التأييد والدعم الذي حصل عليه في ألمانيا قوياً بصورة كافية جعلته قادراً على النجاة من أية عقوبات إجرامية خطيرة من قبل الكنيسة.
- كان لوثر مؤلفاً وافر الإنتاج وثبت أن كثيراً من كتاباته كانت ذات تأثير عظيم، وكان أحد أعماله العظيمة ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الألمانية مما جعل أي رجل قادر على القراءة أن يقرأ الكتاب المقدس بنفسه دون الاعتماد على الكنيسة أو رجال الدين، فضلاً عن أن ترجمة لوثر ولغته السامية كان لها أثرها على اللغة والأدب الألمانيين.
- إن أعظم النتائج للإصلاح الديني طبعاً هو إنشاء الفرق الدينية البروتستانتية المتعددة، ومع أن البروتستانتية هي فرع من فروع المسيحية وليست من الفروع الكبيرة جداً إلا أن أتباعها يفوقون عددياً أتباع البوذية.
- والنتيجة الثانية للإصلاح الديني في أوربا هو تلك الحروب الدينية الهوجاء التي عصفت بأوربا. فمثلاً في ألمانيا حدثت حرب الثلاثين عاماً التي استمرت من عام 1618 حتى عام 1648 وكانت هذه الحروب دامية للغاية وفضلاً عن ذلك فقد لعبت الخلافات الدينية دوراً في السياسة الأوربية في القرون القليلة التالية.
- ولكن الإصلاح الديني قد لعب دوراً بارعاً في الحياة الذهنية لغربي أوربا. فقبل عام 1517 كانت هنالك كنيسة رسمية واحدة معترف بها وهي الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وكان كل من يخرج على الكنيسة يعاقب لكونه كافراً، ومثل هذا الجو لم يكن مناسباً للتفكير المستقل، وبعد الإصلاح الديني وتقبُّل الناس لمبدأ الحرية الدينية أصبح من الأسلم أن يفكر الناس بالمواضيع الأخرى بشكل مستمر أيضاً.
- وكان لوثر يكره اليهود بشكل فظيع، وإن كتاباته الشديدة اللهجة ضد اليهود يمكن أن تكون قد مهدت الطريق لعصر هتلر في ألمانيا في القرن العشرين.
هل هذا هو مارتن لوثر كنج محرر العبيد في أمريكا أم هذا شخص آخر؟