* الشرح:
- قوله: ( كنت خلف النبي ) يحتمل أن راكب معه , ويحتمل أنه يمشي خلفه , وأياً كان فالمهم أنه وصاه بهذه الوصايا العظيمة.
- قال: ( إني أعلمك كلمات ) قال ذلك من أجل أن ينتبه لها.
الكلمة الأولى: قوله: ( احفظ الله يحفظك ) هذه كلمة: ( احفظ الله ) يعني احفظ حدوده وشريعته بفعل أوامره واجتناب نواهيه يحفظك في دينك وأهلك ومالك ونفسك , لأن الله سبحانه وتعالى يجزي المحسنين بإحسانهم.
- وعُلم من هذا أن من لم يحفظ الله فإنه لا يستحق أن يحفظه الله عز وجل , وفي هذا الترغيب على حفظ حدود الله عز وجل.
الكلمة الثانية: قال: ( احفظ الله تجده اتجاهك ) ونقول في قوله: ( احفظ الله ) كما قلنا في الأولى , ومعنى: ( تجده اتجاهك ) أي تجده أمامك يدلك على كل خير ويقربك إليه ويهديك إليه.
الكلمة الثالثة: قوله: ( إذا سألت فاسأل الله ) إذا سألت حاجة فلا تسأل إلا الله عز وجل ولا تسأل المخلوق شيئاً , وإذا قُدر أنك سألت المخلوق ما يقدر عليه , فاعلم أنه سبب من الأسباب وأن المسبب هو الله عز وجل فاعتمد على الله تعالى.
الكلمة الرابعة: قوله: ( وإذا استعنت فاستعن بالله ) فإذا أردت العون وطلبت العون من أحد فلا تطلب إلا من الله , لأنه هو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض وهو يعينك إذا شاء وإذا أخلصت الاستعانة وتوكلت عليه أعانك وإذا استعنت بمخلوقٍ فيما قدر عليه فاعتقد أنه سبب وأن الله هو الذي سخره لك.
الكلمة الخامسة: قوله: ( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ) الأمة كلها من أولها إلى آخرها لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وعلى هذا فإن نفع الخلق الذي يأتي للإنسان فهو من الله في الحقيقة , لأنه هو الذي كتبه له وهذا حث لنا على أن نعتمد على الله تعالى ونعلم , أن الأمة لا يجلبون لنا خيراً إلا بإذن الله عز وجل.
الكلمة السادسة: ( وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ) وعلى هذا فإن نالك ضرر من أحد فاعلم أن الله قد كتبه عليك فارض بقضاء الله وبقدره ولا حرج أن تحاول أن تدفع الضر عنك لأن الله تعالى قال: ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) الشورى/40.
الكلمة السابعة: ( رفعت الأقلام وجفت الصحف ) يعني أن ما كتبه الله تعالى قد انتهى فالأقلام رفعت والصحف جفت ولا تبديل لكلمات الله.
* وفي رواية غير الترمذي: ( احفظ الله تجده أمامك ) وهذا بمعنى: ( احفظ الله تجده اتجاهك ).
- ( تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) يعني قم بحق الله عز وجل في حال الرخاء , وفي حال الصحة , وفي حال الغنى: ( يعرفك في الشدة ) إذا زالت عنك الصحة وزال عنك الغنى واحتجت إلى الله عرفك بما سبق لك , أو بما سبق من فعل الخير الذي تعرفت به إلى الله عز وجل.
- ( واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك , وما أصابك لم يكن ليخطئك ) يعني أن ما قدر الله تعالى أن يصيبك فإنه لا يخطئك , بلا لابد أن يقع , لأن الله قدره.
- وأن ما كتب الله أن يخطئك رفعه عنك فلن يصيبك أبداً فالأمر كله بيد الله وهذا يؤدي إلى أن يعتمد الإنسان على ربه اعتماداً كاملاً ثم قال: ( واعلم أن النصر مع الصبر ) فهذه الجملة فيها الحث على الصبر , لأنه إذا كان النصر مع الصبر فإن الإنسان يصبر من أجل أن ينال الصبر.
- وقوله: ( وأن الفرج مع الكرب , وأن مع العسر يسرا ً ) الفرج انكشاف الشدة والكرب الشديد جمعه كروب كمال قال تعالى: ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) الشرح/5-6.
* في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنها - فوائد:
- ملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم لمن هو دونه حيث قال: ( يا غلام إني أعلمك كلمات ).
- أنه ينبغي لمن ألقى كلاماً ذا أهمية أن يقدم له ما يوجب لفت الانتباه حيث قال: ( يا غلام إني أعلمك كلمات ).
- أن من حفظ الله حفظه لقوله: ( احفظ الله يحفظك ) وسبق معنى احفظ الله يحفظك.
- أن من أضاع الله -أي أضَاع دين الله- فإن الله يضيعه ولا يحفظه قال تعالى: ( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) الحشر/19.
- أن من حفظ الله عز وجل هداه ودله على ما فيه الخير وأن من لازم حفظ الله له أن يمنع عنه الشر إذ قوله: ( احفظ الله تجده تجاهك ) كقوله في اللفظ الآخر: ( تجده أمامك ).
- أن الإنسان إذا احتاج إلى معونة فليستعن بالله ولكن لا مانع أن يستعين بغير الله ممن يمكنه أن يعينه لقوله النبي صلى الله عليه وسلم: ( وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة ).
- أن الأمة لن تستطيع أن ينفعوا أحداً إلا إذا كان الله قد كتبه له ولن يستطيعوا أن يضروا أحداً إلا أن يكون الله تعالى قد كتب ذلك عليه.
- أنه يجب على المرء أن يكون معلقاً رجاؤه بالله عز وجل وأن لا يلتفت إلى المخلوقين فإن المخلوقين لا يملكون له ضراً ولا نفعاً.
- أن كل شيء مكتوب منتهى منه , فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
- في الرواية الأخرى أن الإنسان إذا تعرف إلى الله بطاعته في الصحة والرخاء , عرفه الله تعالى في حال الشدة فلطف به وأعانه وأزال شدته.
- أن الإنسان إذا كان قد كتب الله عليه شيئاً فإنه لا يخطئه , وأن الله إذا لم يكتب عليه شيء فإنه لا يصيبه.
- البشارة العظيمة للصابرين وأن النصر مقارن للصبر.
- البشارة العظيم أيضاً بأن تفريج الكربات وإزالة الشدات مقرون بالكرب فكلما كرب الإنسان الأمر فرج الله عنه.
- البشارة العظيمة أن الإنسان إذا أصابه العسر فلينتظر اليسر وقد ذكر الله تعالى ذلك في القران فقال تعالى: ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) الشرح/5-6 ... فإذا عسرت بك الأمور فالتجئ إلى الله عز وجل منتظراً تيسيره مصدقاً بوعده.
بارك الله فيكم ونفع بكم وحفظكم وجعل الفردوس مثواكم والمؤمنين والمؤمنات اللهم آمين.
لقد احببت هذا التفسير اشكركم
لقد أحببت هذا التفسير و لكن أين المعنى الإجمالي؟؟؟؟
جزاكم الله الف خير
جزاكمـ الله عنا كل خير . . . وجعلهـ في موازين حسناتكمـ . . . الله يوفقكمـ دائماً لما يحبهـ الله ويرضاهـ ،، وبما ينفع الأمهـ الإسلاميهـ ويفيدها .. سدد خطاكم في الدنيا والآخرهـ اللهم آمين