القســــــــم الأول:

الأديــــــــــان الســــــــــــــماوية

 

الإســــــــلام

 

* الخلافة الأموية:

 

- بعد استشهاد الخليفة الراشد علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- سنة 40ه، تهيأت الظروف للأمويين لكي يبسطوا سلطانهم على الدولة الإسلامية. ولا سيما إنهم ذوو حسب ونسب، فهم سلالة" أمية بن عبد شمس" أحد سادات قريش وزعمائها قبل الإسلام.

 

- وقد كان سفيان بن حرب والد معاوية أحد أبناء هذا البيت الأموي ومن أكبر سادات قريش، وإليه كانت قيادة قوافل التجارة، وإدارة شؤون الحرب، ولم يسلم إلا عند فتح مكة، وروي عن معاوية أنه أسلم يوم عمرة القضاء وكتم إسلامه حتى فتح مكة، وقد لقي أبو سفيان من الرسول علي السلام معاملة كريمة حيث أعلن عند فتح مكة أن" من دخل دار أبي سفيان فهو آمن". واستخدم الرسول عليه السلام معاوية كاتباً له واستعان الخلفاء الراشدون بأبناء البيت الأموي، فكان يزيد بن أبي سفيان أحد قادة الجيوش الأربعة التي بعث بها أبو بكر – رضي الله عنه- لفتح الشام سنة 11هـ/ 633م.

وقد حارب يزيد وتحت إمرته أخوه معاوية في عهد الخليفة عمر فلما توفي يزيد سنة 18هـ/ 639م، استعمل الخليفة" عمر" معاوية بن أبي سفيان على دمشق وعلى خراجها، ثم جمع له الشام كلها. وقد مهدت الأقدار لمعاوية بن أبي سفيان في أن يخطو خطوات ثابتة لكي يتولى منصب الخلافة، وبايعه الحسن ابن علي – رضي الله عنهما- الذي كان قد خلف أباه وصار معه يقرب من اثنين وأربعين ألفاً من الجند، لكنه لم يطمئن إلى ولاء العاملين معه.

 

- كان ذلك عام 41هـ / 662م، وهو عام الجماعة الأول، لأن معاوية نال فيه البيعة بالخلافة من جميع الأمصار الإسلامية، ويعتبر هذا العام الميلاد الرسمي لقيام الدولة الأموية. ولقد روي عن الحسن البصري أنه قال: استقبل – والله- الحسن بن علي؛ معاوية بن أبى سفيان بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تتولى حتى يقتل أقرانها. فقال معاوية وكان والله خير الرجلين: إن قتل هؤلاء هؤلاء، هؤلاء هؤلاء، من لي بأمور المسلمين، من لي بضعيفهم؟ من لي بنسائهم؟ وبعث معاوية إلى الحسن يطلب المصالحة وحقن دماء المسلمين، وكان الحسن مهيأ لهذا الأمر النبيل، فما أعز دماء المسلمين عنده.

 

- وتنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية على أن تعود الخلافة بعده شورى بين المسلمين. ولما قدم الحسن الكوفة قابله سيل من التعنيف واللوم لتنازله عن الخلافة، لكنه كان باراً راشداً لا يجد في صدره من هذا الأمر حرجاً أو ندماً، قال له رجل اسمه عامر: السلام عليك يا مذل المؤمنين. قال: لا تقل هذا يا عامر، لست بمذل المؤمنين، ولكني كرهت أن اقتلهم على الملك. وتحققت نبوءة النبي عليه السلام في الحسن يوم قال:" إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين". أحمد والبخاري وأبو داود، والترمذي والنسائي، م . موقع التاريخ الإسلامي.

 

خط زمني للدولة الأموية

 

شجرة نسب الخلفاء الأمويين

 

* أبرز الحركات السياسية والدينية في العهد الأموي:

 

1- الخوارج:

- كانوا بداية من أتباع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم خرجوا عليه لقبوله التحكيم. وخلال خلافة معاوية رضي الله عنه وجدت ثلاثة أحزاب رئيسة: أتباع بني أمية، شيعة علي، الخوارج.

 

2- الشيعة:

- الحسين بن علي بن أبي طالب ومأساة كبلاء:( أدت إلى توحيد كلمة الفئة المعارضة لبني أمية ).

 

- التوّابون:( وهم الذين ندموا على خذلانهم للحسين، ثم (( تابوا)) وتحالفوا على الثأر لمقتله ).

 

- الكيسانية:( وهم فرق كثيرة من أهواء مختلفة، يقولون بإمامة محمد بن الحنفية ويزعمون أنه حيّ لا يموت، مقيم بجبال رضوى بين مكة والمدينة، أسد عن يمينه ونمر عن يساره، يأتيه رزقه غدوّة وعشية حتى يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً...).

 

- عقيدة المهدي المنتظر، ويؤمنون بعودته في آخر الزمان وهو الإمام الثاني عشر عندهم.

 

- الغاليّة( غلاة الشيعة)، والذي فيما بعد ألهوا علياً رضي عنه وعرفوا وعرفوا في العهد العباسي بالعلويين. ويطلق عليهم( النصيريين ).

 

- الرافضة:( وسموا بالرافضة لأنهم رفضوا زيد بن علي وتركوه؛ لأنه يرى إمامة أبي بكر وعمر ).

 

- الزيديّة:( وهم الذين قالوا بإمامة ل من دعا إلى طاعة الله من آل محمد صلى الله عليه وسلم ).

 

3- حزب الزبيريين:

- ( نسبة إلى عبد الله بن الزبير 0 رضي الله عنه- الذي رأى أحقيته بالخلافة في العهد الأموي ).

 

4- المرجنة:

- ( وهم الذين يرجئون الحكم على عصاة المسلمين إلى يوم البعث ).

 

5- المعتزلة:

- ( وهم الذين التفوا حول واصل لن عطاء في اختلافه مع أستاذه أبي الحسن البصري في مسألة (( عصيان المؤمن))، وقد انتحى واصل ناحية بعيدة عن المسجد وأخذ يشرح رأيه، فكان حسن البصري يقول للذين التفوا حوله: إن واصلاً (( اعتزل عنّا))).

- ( ويقول المعتزلة – الذين نسبوا عقائدهم للإمام علي – بأن الإمامة اختيار من الأمة، كما يقولون بخلق القرآن... وقد سمّوا بالقدرية ايضاً لمذهبهم القائل إرادة الانسان ). فؤاد علي جبر. جدولة العصور التاريخية للدول الإسلامية من عصر ما قبل الإسلام حتى سقوط الدولة العباسية.

 

* أهم الأحداث السياسية الكبرى في العهد الأموي:

أهم الأحداث السياسية الكبرى في العهد الأموي

 

- كتب عبد الله بن جعفر إلى الحسين مع ابنه عون ومحمد، أما بعد: فإني أسائلك بالله لما انصرفت حتى تنظر في كتابي هذا فإني مشفق عليك من الوجه الذي توجهت له أن يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك إن هلكت اليوم، طفئ نور الإسلام فإنك علم المهتدين ورجاء المؤمنين فلا تعجل بالسير فإني في أثر كتابي والسلام.

 

- مروان بن الحكم بن أبي العاص بالشام فهّم بالمسير إلى المدينة ومبايعة عبد الله ابن الزبير، فقدم عليه عبد الله بن زيادة فقال له: استحييت لك من هذا الفعل إذ أصبحت شيخ قريش المشار إليه وتبايع عبد الله بن الزبير وأنت أولى بهذا الأمر منه؟ فقال له: لم يفت شيء، فبايعه وبايعه أهل الشام وخالف عليه الضحاك بن قيس الفهري وصار أهل الشام حزبين: حزب اجتمع إلى الضحاك بمرج راهط بغوطة دمشق كما ذكرنا، وحزب مع مروان بن الحكم ووقعت بينهما الواقعة المشهورة بمرج راهط قتل فيها الضحاك ابن قيس واستقام الأمر لمروان.

 

- كاتب أهل الكوفة الحسين بن علي رضي الله عنهما ليحضر إليهم ليبايعوه بالخلافة، وبالفعل أرسل إليهم مسلم بن عقيل ابن أبي طالب الذي توجه إليهم فبايعه أكثر من اثني عشر ألفاً، وشاع الخبر، وعزل النعمان بن بشير عن الكوفة وأسند أمرها إلى والي البصرة عبيد الله بن زياد، وكتب عقيل إلى الحسين يدعوه إلى المجيء إلى الكوفة على الرغم من تحذير الكثير من الصحابة له من غدر أهل الكوفة، وكان خروج مسلم في الكوفة يوم 6ذي الحجة وقد أنفرط الجمع الذي كان حول مسلم، حيث تمكن ابن زياد من قتله، وبعد أن خرج الحسين قام ابن زياد الذي وصل إلى الكوفة ثم سيطر عليها، ثم ما لبث أن وجّه قوة بقيادة عمر ين سعد لمنع اقتراب الحسين من الكوفة. فجرت معركة بين الطرفين في كربلاء، استشهد فيها الحسين رضي الله عنهما ومن معه في محرم سنة 10هـ.

 

- هزَّ استشهاد الحسين أهل المدينة فثاروا بدورهم على يزيد، كما ثار عليه عبد الله بن الزبير في الحجاز وأرسل يزيد حملة وصلت المدينة وأرغمت أهلها على مبايعته، ثم أكملت سيرها إلى مكة وحاصرتها وفي أثناء الحصار توفي يزيد فجأة  ( 64هـ) فتوقف الحصار عنها وعادت الحملة إلى بلاد الشام، ثم اعلن ابن الزبير استقلاله بالحجاز مما أدى إلى تسيير جيشاً في خلافة عبد الملك بقيادة الحجاج الثقفي، وضرب الكعبة محاصرة مكة مرة ثانية وضرب الكعبة بالمنجنيق واستشهاد عبد الله بن الزبير.

 

* قتيبة بن مسلم الباهلي:

 

- هو القائد الإسلامي البارز، والفاتح الشهير؛ قتيبة بن مسلم عمرو بن الحصين، أبو حفص الباهلي، ولد في بيت إمرة وقيادة 49هـ ولما ترعرع تعلم العلم والفقه والقرآن، ثم تعلم الفروسية وفنون الحرب، فظهر فيه نبوغ وهو شاب في مقتبل شبابه، فولاه عبد الملك بن مروان الري، ثم لما ولي الوليد بن عبد الملك ولاه خراسان، وكانت خراسان من أعمال العراق يوم ذاك وهي تحت إمرة الحجاج، فلما وصل خراسان سنة 86هـ علا بهمته ما وراء النهرين، وجمع جيشه ووقف يحثهم على الجهاد قائلاً بعد أن حمد الله وأثنى عليه:

إن الله أحلكم هذا المحل ليعز دينه ويذب بكم عن الحرمات، ويزيد بكم المال استفاضة قمعاً، ووعد نبيه صلى الله عليه وسلم النصر بحديث صادق وكتاب ناطق:( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولوكره المشركون ) ووعد المجاهدين في سبيله أحسن الثواب وأعظم الذخر عنده فقال:( ذلك أنه لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ) وبين لهم أيضاً مصير الشهداء عند ربهم ثم قال: فتنجزوا الآن موعود ربكم ووطنوا أنفسكم على أقصى ألم، وإياي والهوينا.

 

- ثم استعرض جيشه وابتدأ مسيرته إلى فتح الشرق كله، فلم يتقاعس عن الجهاد لا هو ولا جنده، ففتح المدائن خوارزم وسجستان، حتى وصل إلى سمرقند فحاصرها حصاراً شديداً حتى صالحه أهلها على أموال كثيرة جداً، وفطن له الصفد له الجموع فقاتلهم في شومان قتالاً عنيفاً حتى هزمهم، وسار نحو بيكند وهي آخر مدن بخاري، فجمعوا له الجموع من الصغد ومن ما لأهم فأحاطوا به من كل مكان، وكان له عين( جاسوس) من الأعداء يمده بالأخبار فأعطاه الأعداء أموالاً طائلة ليصد عنهم قتيبة فجاء يثبطه عن قتالهم، فقتله، ثم جمع الجيش وخطبهم وحثهم على القتال فقاتلوا أشد القتال وفتحوا الطوق ونصرهم الله سبحانه وتعالى وغنم منها أمولاً لا تحصى ثم اتجه ناحية الصين، فغزا المدن التي في أطرافها وانتصر عليها، وضرب عليهم الجزية، فأذعنت له بلاد ما وراء النهرين كلها حتى وصل إلى أسوار الصين، حارب خلالها ثلاث عشرة سنة لم يضع فيها السلاح، إلى أن مات الوليد بن عبد الملك فاستخلف بعده أخوه سليمان بن عبد الملك وكان بينهما شيء وخلاف، فأراد أن يثور على سليمان فحصل بينهما خلاف شديد فقتله أحد الجنود في بلد اسمها فرغانة سنة 96هـ.

 

- كان رحمه الله تعالى قائداً من كبار القادة الذين سجل التاريخ اسمهم بأحرف من نور، فعلى هذه البلاد التي تسمى اليوم بالجمهوريات الإسلامية التي انفصلت عما كان يسمى بالاتحاد السوفييتي، وتوغل حتى الصين، وكل هذه البلاد اليوم بدين الإسلام، الذي وطأ لها هذا المكان أكبر قادة المسلمين قتيبة بن مسلم الباهلي رحمه الله تعالى.

 

الفتوحات الإسلامية في العهد على الساحة الشرقية

 

* الثغور الإسلامية مع الروم البيزنطيين:

 

- بعد أن استقرت الدولة الأموية في الداخل، وتم القضاء على المعارضة والثورات، راح عبد الملك يواصل ما بدأه السابقون من الفتوحات، ويعمل على تأمين الحدود التي تعرضت للإغارة والمهاجمة والاستيلاء على بعضها من جانب الروم، منذ أن أصدر معاوية أمره إلى الجيش الذي كان يحاصر القسطنطينية بالعودة إلى البلاد، وتمكن عبد الملك من استرداد الثغور الإسلامية، وإخضاع أرمينية، وسواحل سورية، وكثير من الثغور الإسلامية، وفتح عدد من حصون الروم منها:" مرعش"و " عمورية" و" أنطاكية"، وأظهر للروم أن الدولة الإسلامية باقية، وأنها لم تضعف ولم تهن!.

 

- قال العظيم أبادي: جاء في المصباح المنير: الثغر من البلاد الموضع الذي يخاف منه هجوم العدو فهو كالثلمة في الحائط يخاف هجوم السارق منها، والجمع ثغور مثل فلس وفلوس. عون المعبود، ج11، ص 303.

 

الفتوحات الإسلامية في العهد على الساحة الشرقية

 

* الفتح الإسلامي على الجبهة الغربية في العهد الأموي:

 

 

* مدينة القيروان:

- قال الحموي: ... والقيروان في الإقليم الثالث، طولها إحدى وثلاثون درجة وأربعون دقيقة: وهذه مدينة عظيمة بإفريقية غبرت دهراً وليس بالغرب مدينة أجل منها إلى أن قدمت العرب إفريقية و أخربت البلاد فانتقل أهلها عنها فليس بها اليوم إلا صعلوك لا يطمع فيه، وهي مدينة مصرت في الإسلام في أيام معاوية، رضي الله عنه، وكان من حديث تمصيرها ما ذكره جماعة كثيرة من أهل السير، قالوا عزل معاوية بن أبي سفيان معاوية بن حديج الكندي عن إفريقية واقتصر به على ولاية مصر وولى بن عبد قيس بن عامر بن أمية بن عائش ابن ظرب بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضير ابن كنانة، وكان مولده في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن الكلبي:

هو عبد الرحمن بن عدي ابن نافع بن قيس القرشي سنة 48، وكان مقيماً بنواحي برقة وزويلة منذ ولاية عمرو بن العاص له فجمع إليه من أسلم من البربر وضمهم إلى الجيش الوارد من قبل معاوية، وكان جيش معاوية عشرة آلاف، وسار إلى إفريقية ونازل مدنها فافتتحها عنوة السيف في أهلها وأسلم على يده خلق من البربر وفشا فيهم دين الله حتى اتّصل ببلاد السودان فجمع عقبة حينئذ أصحابه وقال: إن أهل هذه البلاد قوم لا خلاق لهم، إذا عضّهم السيف أسلموا وأذا رجع المسلمون عنهم عادوا إلى عادتهم ودينهم، ولست أرى نزول المسلمين بين أظهرهم رأياً، وقد رأيت أن ابني ههنا مدينة يسكنها المسلمون؛ فاستصوبوا رأيه فجاؤوا إلى موضع القيروان وهي في طرف البّر وهي أجمة عظيمة وغيضة لا يشقها الحيّات من تشابك أشجارها، وقال: إنما اخترت هذا الموضع لبعده من البحر لئلا تطرقها مراكب الروم فتهلكها وهي وسط البلاد، ثم أمر أصحابه بالبناء... ثم اختطّ للإمارة واختطّ الناس حوله وأقاموا بعد ذلك أربعين عماً لا يرون فيها حيّة ولا عقرباً، واختط جامعها فتحير في قبلته فبقي مهموماً فبات ليلة فسمع قائلاً يقول: في غد ادخل الجامع فإنك تسمع تكبيراً فأيّ موضع انقطع الصوت فهناك القبلة التي رضيها الله للمسلمين بهذه الأرض، فلما أصبح سمع الصوت ووضع القبلة واقتدى بها بقية المساجد وعمّر الناس المدينة فاستقامت في سنة 55للهجرة.

 

 

 

لقطات منوعة لجامع القيروان في الجمهورية التونسية، ويرى المؤلف داخل الجامع

 

الفتح الإسلامي للأندلس وفرنسا

 

جامع قرطبة

 

دار الإمارة في قرطبة