* جهود الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله في محاربة البدع والغلو:
- في القرن الثاني عشر الهجري أراد الله ـ تعالى ـ بجزيرة العرب خيراً, فبعث فيها الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يدعو إلى الله تعالى على بصيرة, وقيض الله لهذه الدعوة من يناصرها بقوة السلطان, ويضم إلى الحجة والبرهان قوة السيف والسنان, وهو الإمام محمد بن سعود ـ رحمه الله ـ فأحيا الله بهذه الدعوة المباركة من معالم الدين ما كان قد اندرس, وأمات بها من مظاهر الشرك والبدع ما كان قد انتشر؛ فكانت الدعوة إلى الله ـ تعالى ـ هي القاعدة الأساس التي بنيت عليها الدولة السعودية, وقد قويت هذه الدعوة, ورسخ بنيانها, واتسع نطاقها, وتعددت وسائلها في عهد الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ الذي أعاد مجد البلاد, وأنشأ دولة قوية بناها على القرآن والسنة, وحكم فيها الشريعة الإسلامية, وكان ـ يرحمه الله ـ كما وصفه خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ في إحدى خطبه: " يؤمن إيماناً مطلقاً بأنه لا يتوفر للعقيدة عزة وانتشار وخلود إلا في ظل كيان آمن مطمئن, يقوم على رعايتها, وتبليغها, والدعوة إليها, والدفاع عنها.
- ويقول متحدثاً إلى الحجاج في مكة المكرمة: "أما العبادة فلا تصرف إلا لله وحده, لا لملك مقرب, ولا لنبي مرسل, ولا تخفي عليكم الآية الكريمة (وَمَا خَلَقْتُ الجِنّ وَاّلإِنسَ إلاّ لِيعْبُدُون) فالتوحيد خاص بالله تعالى, والعبادة لا تصرف إلا الله والرجاء والخوف والأمل كله بالله ولله, وما بعث محمد ولا أرسل الرسل ولا جاهد المجاهدون إلا لتوحيد الله تعالى.
- وبناء القباب على قبور الأنبياء والصالحين, من الصحابة وأهل البيت المكرمين لقرابتهم من سيد المرسلين, منكر يجب ألا يكون, وما وجد منه يجب هدمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور, وأمر بتسوية ما رفع منها. وهذا ما فعله الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ عندما أمر بهدم القباب والأضرحة المخالفة للهدي النبوي.
* امتزاج الدعوة بالدولة:
- طبق الملك عبد العزيز شريعة الله في مملكته, يقول الملك عبد العزيز معلناً هذا التصميم:( إن كتاب الله دليلنا ومرجعنا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم دليلنا وفيها كل ما نحتاجه من خير ورشاد ونحن من جانبنا سنحرص ـ إن شاء الله ـ كل الحرص على إقامته واتباعه وتحكيمه في كل أمر من الأمور ). وقال أيضاً:( إن اعتصامي بالله وسيري على الطريقة المحمدية واقتدائي بعلماء المسلمين يدعوني ـ إن شاء الله تعالى ـ لعدم الجموح بالنفس ).
* وقد عاهدت الله على ثلاث:
1- الدعوة لكلمة التوحيد وتحكيم الشريعة في الدقيق والجليل.
2- الأخذ على يد السفيه وتحكيم السيف فيه.
3- الإحسان للمحسن, والعفو عن المسيء.
- وقد التزم الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ بما تبناه طيلة حياته, وواصلت الدولة نفس الالتزام, تطبيق الشريعة الإسلامية, مغالبة الظروف التي تعيشها محلية ودولية, وظل هذا الالتزام مرتكزاً على قناعة عقدية لدى حكم هذه الدولة.
- جاء في صحيح مسلم من حديث أبي الهياج الأسدي, قال: قال لي عليُّ بنُ أبي طالبٍ:( ألا أبعثُك على ما بعثني عليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؟ أن لا تدعَ تمثالًا إلا طمستَه . ولا قبرًا مُشرفًا إلا سوَّيتَه ). وفي روايةٍ:( ولا صورةً إلا طمَسْتَها ) رواه مسلم.
- دلَّ هذا الحديث على أن ما كان فيه فتنة للناس كارتفاع القبر.. ووجود الصور, فإنه لا يُزَال.. ولا يترك مع القدرة على إزالته, ويرسل له مرشدين, قال الإمام القرطبي رحمه الله:( وأما تعلية بناء الكثير على نحوها ما كانت الجاهلية تفعله تفخيماً وتعظيماً فذلك يُهدمُ ويزال ).
- وقال ابن تيمية رحمه الله:( فهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين والملوك وغيرهم, يتعين إزالتها بهدم, أو بغيره هذا مما لا أعلم فيه خلافاً بين العلماء المعروفين ) اقتضاء الصراط المستقيم.
مقبرة المعلاة في مكة المكرمة قبل هدم القباب والأضرحة فيها
مقبرة المعلاة في مكة المكرمة بعد هدم القباب والأضرحة فيها في العهد السعودي المبارك, وفق ضوابط الشرع الحكيم.
* طُرُقُ الحَجِّ عبْر البِحَارِ في عَهْدِ المُؤسَس:
- كانت جدة منذ القدم نقطة عبور إلى المدن المختلفة الواقعة على البحر الأحمر, والذي عُرِفَ قديماً ببحر القلزم, وقد ازدادت أهمية هذا الميناء ذي الموقع الاستراتيجي بعد إشراق نور الإسلام, وخاصة في عهد الخليفة الثالث عثمان ابن عفان ـ رضي الله عنه ـ. عندما أمر بأن تعود جدة ميناءٍ لمكة المكرمة, بدلاً من الشعيبة؛ فأصبحت جدة المدخل الرئيس لمكة المكرمة يقصدها من نوى الحج, أو العمرة.
- وقد اهتم الرحالة المسلمون الذين وفدوا إليها في طريقهم إلى مكة المكرمة, والمدينة النبوية بالتحدث عن أهلها, وعاداتهم, وتقاليدهم, ووصف مبانيها, ومينائها, ومساجدها, وما إلى ذلك من مآثر هذه المدينة العريقة. وقد زار جدة وكتب عنها عدد من هؤلاء الرحالة العرب والمسلمين وغيرهم, منهم الرحالة العربي الأندلسي الشهير ابن جبير, والرحالة العربي ابن المجاور, وعميد رحالة العالم الرحالة الشهير ابن بطوطة, وغيرهم, وقام كل من هؤلاء الرحالة يوصف هذه المدينة, ووصف أهلها, وما ذكره ابن جبير عن جدة عندما زارها في القرن السادس الهجري, الثاني عشر الميلادي, وهو في طريقه؛ لأداء مناسك الحج, يجعلنا نتعايش مع أهمية هذه المدينة, والتي كانت ملتقى حجاج البحر إلى الديار المقدسة آنذاك, وكيف أن الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ في عهده؛ قام بتوفير كل السبل لراحة حُجَّاج البحِر.
أما بالنسبة للصورة إلى اليسار فهي لمجموعة من حجاج بيت الله الحرام وهم يهمون بالنزول إلى ميناء جدة سنة 1324هـ.
والصورة إلى اليمين للحجاج في انتظار إجراءات التفتيش
والأخيرة لأحد أبواب مداخل جدة في الماضي.