* معجزة في الأنديز: بعد مرور 43 عاما على حادث تحطم الطائرة الذي صدم العالم:
- قبل 43 عاما نجا 16 راكبا من حادث تحطم طائرة وعاشوا 72 يوما من البرد القارص في جبال الأنديز معتمدين على الأمل وأكل لحوم البشر. وبالنسبة للناجين، فقد كانت هذه التجربة بمثابة كابوس على الرغم من أن العالم أطلق عليها في وقت لاحق "معجزة جبال الانديز".
- وترجع أحداث الواقعة إلى 12 أكتوبر 1972 عندما غادرت رحلة رقم 571 تابعة لسلاح الجو الأوروجوياني مونتيفديو متجهة إلى سانتياجو. وكان على متن الطائرة فريق الرجبي "أولد كريستيانز" وكان يرافقه مجموعة من الأصدقاء والمعارف، حيث كان مقررا أن يخوض الفريق مباراة ودية في العاصمة التشيلية.
- وعندما ازداد الطقس سوءا، آثر الطيار الهبوط في مدينة ميندوزا الأرجنتينية عند سفح جبال الأنديز، حيث قضى الركاب وأفراد الطاقم ليلتهم. وفي 13 أكتوبر، لم تكن أحوال الطقس أفضل حالا من اليوم السابق، ولكن طاقم الطائرة المكون من خمسة أفراد وتحت ضغط من المسافرين قرر أن يقلع بالطائرة إلى سانتياجو.
- وكان من المتوقع أن تواجه الطائرة ذات محركين يعملان بالدفع التوربيني والتي هي من طراز "فيرتشايلد هيلر إف إتش 722دي" مطبات هوائية في طريق رحلتها، لكن الركاب الـ40 - بالإضافة إلى أفراد الطاقم الخمسة استقبلوا التحذيرات بالابتسامات والثقة المفرطة ، حيث كان معظمهم في الـ 19 أو 20 من العمر وبالنسبة للكثيرين منهم كانت هذه هي أول رحلة على متن طائرة.
- ومع ذلك، واجهت الرحلة مشكلة فوق الأجواء التشيلية عندما خفضت الطائرة مستوى ارتفاعها بمقدار 200 متر لتصطدم بحافة جبل وتفقد جزءا من ذيلها ثم تحطمت على الثلج. توفي اثنا عشر شخصا على الفور، وثلاثة آخرون متأثرين بجروحهم في الليلة الأولى.
- وكان برج المراقبة في مطار سانتياجو قد تلقى أخر رسالة لاسلكية من الطائرة في الساعة الثالثة والنصف مساء بالتوقيت المحلي. وبدأ الناجون وهم على الأرض يدركون رويدا مدى الورطة التي وقعوا فيها: كانوا على ارتفاع 4 ألاف متر وفي درجات حرارة منخفضة قد تصل إلى 30 درجة مئوية تحت الصفر مع القليل من الطعام فقط وجسم الطائر المحطمة كمأوى ضد الرياح والثلوج. وكان الوقت يمر وهم على هذا الحال .
- وبعد عشرة أيام، سمعوا الخبر المرير بأن عملية البحث عنهم قد تم إلغاؤها وذلك عبر جهاز مذياع صغير كان معهم. ومن ثم فقد كان عليهم أن يتخذوا قرارا ينفطر له القلب والذي من شأنه أن يجعل تلك الحادثة تحتل العناوين الرئيسية المثيرة للصحف في وقت لاحق: بدءوا يأكلون لحم زملائهم الموتى. كان ما يفعلونه شيئا فظيعا، ولكن حياتهم كانت معرضة للخطر.
- ويتذكر أحد الناجين ويدعى كارلوس بايز في مقابلة معه جرت قبل 10 سنوات بمناسبة الذكرى الـ 30 للكارثة: "عندما علمنا أن البحث قد توقف، وأننا لم نعد موجودين في نظر العالم، كان علينا أن نتخذ قرارا، ولم يعد لدينا شيء باقيا لنتناوله،" مضيفا "هذا ما كان عليه الأمر".
- عانت المجموعة لمدة أسابيع من العواصف العنيفة والبرد القارص. كان يمكن للعديد من الناس ألا يتحملوا الشد العصبي الذي تعرضنا له ويموتون. ذهب من هم أقوى بنية وأكثرهم صحة في رحلات استكشافية في محاولة لمعرفة ما هو المكان الذي يوجودون فيه لكن لم يستدلوا على شيء .وتقطعت بهم السبل في مكان معزول تغطيه الثلوج ويقع في سلسلة جبال هي الأطول في العالم.
- وفي وقت متأخر من بعد ظهر يوم 29 أكتوبر وبينما كانت المجموعة تستعد لقضاء ليلة أخرى من البرد القارص وقع انهيار جليدي فدفن ما تبقى من الطائرة في الثلج وقتل سبعة رجال آخرين وامرأة واحدة. وبذلك تقلص عدد الناجين إلى 19 شخصا في ذلك الوقت، و تحولت أحاديثهم نحو موضوع الطعام.
- وقال باييز الذي كان (18 عاما) في ذلك الوقت: "كنا نتضور جوعا" مضيفا "قمنا بعمل قائمة من 130 مطعما في مونتيفديو. من باب تعذيب الذات المجرد". وقام الأصدقاء برسم صليب في الثلج مكون من الأمتعة على أمل أن يتمكن أحد من رؤيته من الجو. بينما قال روبرتو كانيسا في عام 2002 متذكرا ما حدث: "ما أبقانا أقوياء هو التفكير في اليوم التالي. ربما سيتم إنقاذنا غدا, هذا هو ما أبقانا على قيد الحياة لمدة 72 يوما". ربما غدا, كان هذا هو شعارنا.
- لقد كان روبرتو كانيسا وفرناندو بارادو هما اللذان تمكنا من تسلق أحد الجبال للحصول على المساعدة. وفي خلال 10 أيام، قطعا 70 كيلومترا عبر جبال الأنديز حتى وجدوا فلاحا تشيليا الذي بدوره اتصل بفرق الإنقاذ التي التقطت الناجين ووضعتهم على متن مروحية في 22 ديسمبر.
- ولدى عودتهم إلى مونتفديو استقبلوا بالترحيب والتهليل. "وأطلق بعض الناس على هذه الحادثة معجزة جبال الأنديز". وقال بايز "أعتقد أنها كانت بالأحرى معركة طبيعية للإنسان من اجل البقاء على قيد الحياة". نجا ستة عشر شخصا من هذه المحنة. وأضاف بايز: "كان يمكن أن تكون معجزة إذا ظل جميع الـ 45 شخصا على قيد الحياة بعد مرور 70 يوما ولكن هذا لم يحدث".
- بعد مرور أربعين عاما، استمر 11 شخصا من الناجين في تقديم محاضرات عن محنتهم بدافع إلهام الآخرين. ويقول كانيسا (59 عاما) الذي يعمل حاليا طبيب قلب أطفال: " إنه (الأمل) دائما في متناولنا إذا توفرت لدينا الثقة اللازمة، حتى في أحلك الظروف". وكان الكاتب البريطاني بيرس بول ريد هو أول من سرد التفاصيل الشاملة لهذه المحنة في عام 1974 في كتابه "على قيد الحياة: قصة الناجين من جبال الأنديز".