* هو العالم المسلم غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام المعروف بـ عمر الخيام (1040 – 1131 م) فارسي، ولد في نيسابور ما بين 1038 و 1048، وتوفي فيها ما بين 1123 و 1124م. فيلسوف وشاعر فارسي وتخصص في الرياضيات، والفلك، واللغة، والفقه، والتاريخ.
- الخيام هو لقب والده، حيث كان يعمل في صنع الخيام، وهو صاحب رباعيات الخيام المشهورة.
- كان أثناء صباه يدرس مع صديقين حميمين، وتعاهد ثلاثتهم على أن يساعد من يؤاتيه الحظ الآخرين، وهذا ما كان. فلما أصبح صديقه نظام الملك وزيرا للسلطان "ألب أرسلان"، ثم لحفيده "ملكشاه"، خصص له راتبا سنويا مائتين وألف مثقال يتقاضاها من بيت المال كل عام، من خزينة نيسابور فضمن له العيش في رفاهية مما ساعده على التفرغ للبحث والدراسة.
- وقد عاش معظم حياته في نيسابور وسمرقند. وكان يتنقل بين مراكز العلم الكبرى مثل بخارى وبلخ وأصفهان رغبة منه في التزود من العلم وتبادل الأفكار مع العلماء. وهكذا صار لعمر بن الخيام الوقت الكافي للتفكير بأمور وأسرار الحياة، بعد أن توفرت له أسباب المعيشة، وكان شاعر حسن الصباح أحد قادة الإسماعيلية النزارية.
* أهم أعماله:
- رغم شهرة الخيام بكونه شاعرا فقد كان من علماء الرياضيات في عصره، واشتهر بالجبر واشتغل في تحديد التقويم السنوي للسلطان ملكشاه، والذي صار التقويم الفارسي المتبع إلى اليوم.
- وهو أول من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط، وهو أول من استخدم الكلمة العربية "شى" التي رسمت في الكتب العلمية الإسبانية (xay) وما لبثت أن استبدلت بالتدريج بالحرف الأول منها "x" الذي أصبح رمزا عالميا للعدد المجهول، وقد وضع الخيام تقويما سنويا بالغ الدقة، وقد تولى الرصد في مرصد أصفهان.
* إسهاماته العلمية:
- ترجع شهرته إلى عمله في الرياضيات حيث حل معادلات الدرجة الثانية بطرق هندسية وجبرية. كما نظم المعادلات وحاول حلها كلها، ووصل إلى حلول هندسية جزئية لمعظمها. وقد بحث في نظرية ذات الحدين عندما يكون الأس صحيحًا موجبًا، ووضع طرقا لإيجاد الكثافة النوعية. ولم ينبغ الخيام في الرياضيات فحسب، بل برع أيضا في الفلك. وقد طلب منه السلطان "ملكشاه" سنة 467 هـ/ 1074م مساعدته في تعديل التقويم الفارسي القديم. ويقول "سارطون" إن تقويم الخيام كان أدق من التقويم الجريجوري.
* مؤلفاته:
- للخيام عدة مؤلفات في الرياضيات والفلسفة والشعر، وأكثرها بالفارسية. أما كتبه بالعربية فمنها: "شرح ما أشكل من مصادرات كتاب أقليدس"؛ "الاحتيال لمعرفة مقداري الذهب والفضة في جسم مركب منهما"، وفيه طريقة قياس الكثافة النوعية؛ "رسالة في الموسيقى".
* رباعيات الخيام:
- الرباعيات هي عبارة عن مقطعات من أربعة أشطار، الشطر الثالث مطلق بينما الثلاثة الأخرى مقيدة، وهي تعرف باسم الدوبيت بالفارسية، وقد ألفها بالفارسية رغم أنه كان يستطيع أن يصوغها بالعربية. كان في أوقات فراغه يتغنى برباعيات في خلوته، وقد نشرها عنه من سمعها من أصدقائه، وبعد عدة ترجمات وصلت لنا كما نعرفها الآن.
- ويرى البعض أنها لا تنادي إلى التمتع بالحياة والدعوة إلى الرضا أكثر من الدعوة إلى التهكم واليأس وهذه وجهة نظر بعض من الناس وقد يكون السبب في ذلك كثرة الترجمات التي تعرضت لها الرباعيات بالإضافة إلى الإضافات بعد أن ضاع أغلبها.
- ومن جهة أخرى هناك اختلاف على كون الرباعيات تخص عمر الخيام فعلا، فهي قد تدعو بجملتها إلى اللهو واغتنام فرص الحياة الفانية إلا أن المتتبع لحياة الخيام يرى أنه عالم جليل وذو أخلاق سامية لذلك يعتبر بعض المؤرخين أن الرباعيات نسبت خطأ للخيام وقد أثبت ذلك المستشرق الروسي زوكوفيسكي فرد 82 رباعية إلى أصحابها فلم يبق إلا القليل الذي لم يعرف له صاحب.
* اتهامه بالإلحاد:
- فسر البعض فلسفته وتصوفه على أنه إلحاد وزندقة وأحرقت كتبه ولم يصلنا منها سوى الرباعيات لأن القلوب أحبتها وحفظتها من الضياع غير أن الخيام كان عالما عبقريا وملما ومبدعا أكثر بكثير من كونه شاعرا وضياع كتبه في الرياضيات والفلسفة حرم الإنسانية من الاستفادة من الاطلاع على ما وضعه في علوم الجبر والرياضيات.
- تعتبر تهمة الإلحاد والزندقة من المسائل الجدلية في التاريخ الإسلامي في حين أن هذه التهمة أثبتها الكثير من الناس على الخيام إلا أن هناك فريقا كبيرا آخر يقر له بأنه مات على الإسلام.
- يقول عمر الخيام:
أفنيت عمري في اكتناه القضاء وكشف ما يحجبه في الخفاء
فلم أجد أسراره وانقضى عمري وأحسست دبيب الفناء
- ويقول في رباعيته:
لبثت ثوب العمر لم أستشر وحرت فيه بين شتى الفكر
وسوف أنضو الثوب عني ولم أدرك لماذا جئت أين المقر
لم يبرح الداء فؤادي العليل ولم أنل قصدي وحان الرحيل
وفات عمري وأنا جاهل كتاب هذا العمر حسم الفصول
- وفي موضع آخر:
يا عالم الأسرار علم اليقين يا كاشف الضر عن البائسين
يا قابل الأعذار فئنا إلى ظلك فاقبل توبة التائبين
- بعض رباعيات الخيام تتراوح بين الإيمان والإلحاد وبين الدعوة للمجون والدعوة للهو وبين طلب العفو من الله عز وجل وإعلان التوبة، لذا اختلف العلماء في تصنيف عمر الخيام والأرجح أنه لم يخرج عن المألوف إنما هي صرخة في وجه الظلم والأمور الدخيلة على الدين الإسلامي في عصره.
- ومن رباعياته أيضا ما يدعو إلى الإصلاح الاجتماعي وتقويم النفس البشرية حيث يقول:
صاحب من الناس كبار العقول واترك الجهال أهل الفضول
واشرب نقيع السم من عاقل واسكب على الأرض دواء الجهول
- ومن الرباعيات ذات الدلالة إلى اتجاه الدين أيضا تلك التي ينشدها قائلا:
إن لم أكن أخلصت في طاعتك فإني أطمع في رحمتك
وإنما يشفع لي أنني قد عشت لا أشرك في وحدتك
- ولم يفكر أحد ممن عاصره في جمع الرباعيات، فأول ما ظهرت سنة 865 هـ، أي بعد رحيله بثلاثة قرون ونصف، وأول ترجمة للرباعيات كانت للغة الإنجليزية، وظهرت سنة 1859، أما الترجمة العربية من الفارسية فقام بها الشاعر المصري أحمد رامي، وهناك ترجمة أخرى للشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي.