* التعريف :
- العلمانية وترجمتها الصحيحة : اللادينية أو الدنيوية ، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيداً عن الدين وتعني في جانبها السياسي بالذات اللادينية في الحكم ، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمه العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيدا عن الدين وتعني في جانبها بالذات اللادينية في الحكم ، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمه العلم وقد ظهرت في أوربا منذ القرن السابع عشر وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر وتركيا وإيران ولبنان وسوريا ثم تونس ولحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر . أما بقية الدول العربية فقد انتقلت إليها في القرن العشرين ،وقد اختيرت كلمه علمانية لأنها اقل إثارة من كلمه لادينية .
- ومدلول العلمانية المتفق عليه يعني عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع وإبقاءه حبيساً في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه فان سمح له بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة ونحوهما.
- تتفق العلمانية مع الديانة النصرانية في فصل الدين عن الدولة حيث لقيصر سلطة الدولة ولله سلطة الكنيسة وهذا واضح فيما ينسب للسيد المسيح من قوله :( إعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) .
- أما الإسلام فلا يعرف هذه الثنائية والمسلم كله لله وحياته كلها لله ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) سورة الأنعام : آية 162.
* التأسيس وابرز الشخصيات :
- انتشرت هذه الدعوة في أوربا وعمت أقطار العالم بحكم النفوذ الغربي والتغلغل الشيوعي . وقد أدت ظروف كثيرة قبل الثورة الفرنسية سنة 1789م وبعدها إلى انتشارها الواسع وتبلور منهجها وأفكارها وقد تطورت الأحداث وفق الترتيب التالي :
- تحول رجال الدين إلى طواغيت ومحترفين سياسيين ومستبدين تحت ستار الاكليريوس والرهبانية والعشاء الرباني وبيع صكوك الغفران .
- وقوف الكنيسة ضد العلم وهيمنتها على الفكر وتشكيله ا لمحاكم التفتيش واتهام العلماء بالهرطقة ، مثل:
- أولا : كوبرنيكوس : نشر عام 1543م كتاب حركات الأجرام السماوية وقد حرمت الكنيسة هذا الكتاب .
- ثانيا : جرادانو : صنع التلسكوب فعذب عذاباً شديداً وعمره سبعون سنة وتوفي سنة 1642م.
- ثالثا : سبينوزا : صاحب مدرسة النقد التاريخي وقد كان مصيره الموت مسلولاً .
- رابعا : جون لوك : طالب بإخضاع الوحي للعقل عند التعارض .
- ظهور مبدا العقل والطبيعة : فقد اخذ العلمانيون يدعون إلى تحرر العقل وإضفاء صفات الإله على الطبيعة .
- الثورة الفرنسية : نتيجة لهذا الصراع بين الكنيسة وبين الحركة الجديدة من جهة اخرى ، كانت ولادة الحكومة الفرنسية سنة 1789م وهي أول حكومة لا دينية تحكم باسم الشعب . وهناك من يرى أن الماسون استغلوا أخطاء الكنيسة والحكومة الفرنسية وركبوا موجة الثورة لتحقيق ما يمكن تحقيقه من أهدافهم .
- جان جاك روسو سنة 1778له كتاب العقد الاجتماعي الذي يعد إنجيل أ الثورة ، مونتسكيو له روح القوانين , سبينوزا ( يهودي) يعتبر رائد العلمانية باعتبارها منهجا للحياة والسلوك وله رسالة في اللاهوت والسياسة ، فولتير صاحب القانون الطبيعي كانت له الدين في حدود العقل وحده سنة 1804م ،وليم جودين 1793م له العدالة السياسية ودعوته فيه دعوة علمانية صريحة .
- ميرابو : الذي يعد خطيب وزعيم وفيلسوف الثورة الفرنسية .
- سارت الجموع الغوغائية لهدم الباستيل وشعارها الخبز ثم تحول شعارها إلى ( الحرية والمساواة والإخاء ) وهو شعار ماسوني و( لتسقط الرجعية ) وهي كلمة ملتوية تعني الدين وقد تغلغل اليهود بهذا الشعار لكسر الحواجز بينهم وبين أجهزة الدولة وإذابة الفوارق الدينية وتحولت الثورة من ثورة على مظالم رجال الدين إلى ثورة على الدين نفسه .
- نظربة التطور : ظهر كتاب أصل الأنواع سنة 1859م لتشارز دارون الذي يركز على قانون الانتقاء الطبيعي وبقاء الأنسب وقد جعلت الجد الحقيقي للإنسان جرثومة صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين ، والقرد مرحلة من مراحل التطور التي كان الإنسان آخرها . وهذا النظرية التي أدت إلى انهيار العقيدة الدينية ونشر الإلحاد وقد استغل اليهود هذه النظرية بدهاء وخبث .
- ظهور نيتشه : وفلسفته التي تزعم بأن الإله قد مات وأن الإنسان الأعلى (السوبر مان ) ينبغي أن يحل محله .
- دور كايم ( اليهودي ) : جمع بين حيوانية الإنسان وماديته بنظرية العقل الجمعي .
- فرويد ( اليهودي ) : اعتمد الدافع الجنسي مفسرا لكل الظواهر .والإنسان في نظره حيوان جنسي .
- كارل ماركس ( اليهودي ) : صاحب التفسير المادي للتاريخ الذي يؤمن بالتطور الحتمي وهو داعية الشيوعية ومؤسسها والذي اعتبر الدين أفيون الشعوب .
- جان بول سارتر : في الوجودية وكولن ولسون في اللامنتمي : يدعوان إلى الوجودية والإلحاد .
* الاتجاهات العلمانية في العالم الإسلامي نذكر نماذج منها :
- في مصر : دخلت العلمانية مصر مع حملة نابليون بونابرت . وقد اشار اليها الجبرتي الجزء المخصص للحملة الفرنسية على مصر واحداثها – بعبارات تدور حول معنى العلمانية وان لم تذكر الفظة صراحة .أما أول من استخدم هذا المصطلح العلمانية فهو نصراني يدعى اليأس بقطر في معجم عربي فرنسي من تأليفه سنة 1827 م .وادخل الخديوي اسماعيل القانون الفرنسي سنة 1883م،وكان هذا الخديوي مفتونا بالغرب ،وكان أمله أن يجعل من مصر قطعة من أوروبا .
- الهند : حتى سنة 1791م كانت الاحكام وفق الشريعة الاسلامية ثم بدأ التدرج من هذا التاريخ لإلغاء الشريعة الإسلامية بتدبير الإنجليز وانتهت تماما في أواسط القرن التاسع عشر .
- الجزائر : إلغاء الشريعة الإسلامية عقب الاحتلال الفرنسي سنة 1830 م .
- تونس : أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1906 م.
- المغرب : ادخل القانون الفرنسي فيها سنة 1913م.
- تركيا : لبست ثوب العلمانية عقب إلغاء الخلافة واستقرار الأمور تحت سيطرة مصطفى كمال أتاتورك ، وان كانت قد وجدت هناك إرهاصات ومقدمات سابقة .
- العراق والشام : الغيت الشريعة أيام إلغاء الخلافة العثمانية وتم تثبيت أقدام الإنجليز والفرنسيين فيها .
- معظم أفريقيا : فيها حكومات نصرانية امتلكت السلطة بعد رحيل الإستعمار.
- أندونيسيا : ومعظم بلاد جنوب شرق اسيا دول علمانية .
- انتشار الأحزاب العلمانية والنزاعات القومية : حزب البعث ،الحزب القومي السوري النزعة الفرعونية ،النزعة الطورانية ،القومية العربية .
- من اشهر دعاة العلمانية في العالم العربي الإسلامي : احمد لطفي السيد ، إسماعيل مظهر ، قاسم امين ، طه حسين ، عبد العزيز فهمي ، ميشيل عفلق ،أنطوان سعادة سوكارنو ، سوهارتو ، نهرو، مصطفى كمال اتاتورك ،جمال عبد الناصر ، أنور السادات صاحب شعار لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين ، د. فؤاد زكريا ، د. فرج فودة وقد اغتيل بالقاهرة مؤخرا ، وغيرهم .
* الأفكار والمعتقدات :
- بعض العلمانين ينكر وجود الله أصلاً .
- وبعضهم يؤمنون بوجود الله لكنهم يعتقدون بعدم وجود آية علاقة بين الله وبين حياة الانسان .
- الحياة تقوم على أساس العلم المطلق وتحت سلطان العقل والتجريب .
- إقامة حاجز بين عالمي الروح والمادة والقيم الوحية لديهم قيم سلبية .
- فصل الدين عن السياسة وإقامة الحياة على أساس مادي .
- تطبيق مبدأ النفعية على كل شئ في الحياة .
- اعتماد مبدأ الميكافيلية في فلسفة الحكم والسياسية والأخلاق .
- نشر الإباحة والفوضى الأخلاقية وتهديم كيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الاجتماعية .
* أما معتقدات العلمانية في العالم الإسلامي والعربي التي انتشرت بفضل الاستعمار والتبشير فهي :
- الطعن في حقيقة الإسلام والقرآن والنبوة.
- الزعم بان الإسلام استنفذ أغراضه وهو عبارة عن طقوس وشعائر روحية.
- الزعم بان الفقه الإسلامي مأخوذ عن القانون الروماني.
- الوهم بأن الإسلام لا يتلائم مع الحضارة ويدعو إلى التخلف .
- الدعوة إلى تحرير المرأة وفق الأسلوب الغربي . تشويه الحضارة الإسلامية وتضخيم حجم الحركات الهدامة في التاريخ الإسلامي والزعم بأنها حركات إصلاح .
- إحياء الحضارات القديمة .
- اقتباس الأنظمة والمناهج اللادينية عن المغرب ومحاكاته فيها .
- تربية الأجيال تربية لادينية .
* إذا كان هناك عذر لوجود العلمانية في الغرب فليس هناك أي عذر لوجودها في بلاد المسلمين لأن النصراني إذا حكمه قانون مدني وضعي لا ينزعج كثيراً ولا قليلا لأنه لا يعطل قانون فرضه علية دينه وليس في دينه ما يعتبر منهجا للحياة ، أما مع المسلم فالأمر مختلف حيث يوجب عليه إيمانه الاحتكام لشرع الله .
* ومن ناحية أخرى كما يقول الدكتور يوسف القرضاوي – فإنه إذا انفصلت الدولة عن الدين بقي الدين النصراني قائما في ظل سلطته القوية الفتية المتمكنة وبقيت جيوش من الراهبين والراهبات والمبشرين والمبشرات تعمل في مجالاتها المختلفة دون أن يكون للدولة عليهم سلطان بخلاف ما لو فعلت ذلك دولة إسلامية فأن النتيجة أن يبقى الدين بغير سلطان يؤيده ولا قوة تسنده حيث لا بابوية ولا كهنوت ولا اكلريوس وصدق الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه حين قال : ( إن الله يزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن ) .
* الجذور الفكرية والعقائدية :
- العداء المطلق للكنيسة أولا وللدين ثانيا أياً كان ، سواء وقف إلى جانب العلم أم عاداه .
- لليهود دور بارز في ترسيخ العلمانية من أجل إزالة الحاجز الديني الذي يقف أمام اليهود حائلا بينهم وبين أمم الأرض .
- يقول الفرد هوايت هيو : ( ما من مسالة ناقض العلم فيها الدين إلا وكان الصواب بجانب العلم والخطأ حليف الدين ) وهذا القول إن صح بين العلم واللاهوت في أوروبا فهو قول مردود ولا يصح بحال فيما يخص الإسلام حيث لا تعارض إطلاقاً بين الإسلام وبين حقائق العلم ، ولم يقم بينها أي صراع كما حدث في النصرانية . وقد نقل عن أحد الصحابة قوله عن الإسلام : ( ما أمر بشئ ، فقال العقل : ليته نهى عنه ، ولا نهى عن شئ فقال العقل ليته أمر به ) وهذا القول تصدقه الحقائق العلمية والموضوعية وقد أذعن لذلك صفوة من علماء الغرب وفصحوا عن إعجابهم وتصديقهم لتلك الحقيقة في مئات النصوص الصادرة عنهم .
- تعميم نظرية ( العداء بين العلم من جهة والدين من جهة ) لتشمل الدين الإسلامي على الرغم أن الدين الإسلامي لم يقف موقف الكنيسة ضد الحياة والعلم حتى كان الإسلام سباقاً إلى تطبيق المنهج التجريبي ونشر العلوم .
* إنكار الآخرة وعدم العمل لها واليقين بان الحياة الدنيا هي المجال الوحيد لماذا يرفض الإسلام العلمانية:
- لأنها تغفل طبيعة الإنسان البشرية باعتبارها مكونة من نفس وروح فتهتم بمطالب جسمة ولاتلقي اعتبارا لأشواق روحة .
- لأنها نبتت في البيئة الغربية وفقا لظروفها التاريخية والاجتماعية والسياسية وتعتبر فكرا غريبا في بيئتنا الشرقية.
- لأنها تفصل الدين عن الدولة فتفتح المجال للفردية والطبقية والعنصرية والمذهبية والقومية والحزبية والطائفية .
- لأنها تفسح المجال لانتشار الإلحاد وعدم الانتماء والاغتراب والتفسخ والفساد والانحلال.
- لأنها تجعلنا نفكر بعقلية الغرب ، فلا ندين العلاقات الحرة بين الجنسين وندوس على أخلاقيات المجتمع ونفتح الأبواب على مصراعيها للممارسات الدنيئة ,وتبيح الربا وتعلي من قدر الفن للفن ,ويسعى كل إنسان لإسعاد نفسه ولو على حساب غيرة .
- لأنها تنقل إلينا أمراض المجتمع الغربي من إنكار الحساب في اليوم الأخر ومن ثم تسعى لان يعيش الإنسان حياة متقلبة منطلقة من قيد الوازع الديني ، مهيجة الغرائز الدنيوية كالطمع والمنفع وتنازع البقاء ويصبح صوت الضمير عدما .
- مع ظهور العلمانية يتم تكريس التعليم لدراسة ظواهر الحياة الخاضعة للتجريب والمشاهدة وتهمل أمور الغيب من إيمان بالله والبعث والثواب والعقاب , وينشا بذلك مجتمع ٍغايته متاع الحياة وكل لهو رخيص .
* الانتشار ومواقع النفوذ :
- بدأت العلمانية في أوروبا وصار لها وجود سياسي مع ميلاد الثورة الفرنسية سنة 1789م . وقد عمت أوروبا في القرن التاسع عشر وانتقلت لتشمل معظم دول العالم في السياسة والحكم في القرن العشرين بتأثير الاستعمار والتبشير .
* يتضح مما سبق :
- أن العلمانية دعوة إلى إقامة الحياة على أسس العلم الوضعي والعقل بعيدا عن الدين الذي يتم فصلة عن الدولة وحياة المجتمع وحبسه في ضمير الفرد ولا يصرح بالتعبير عنة إلا في أضيق الحدود .
- وعلى ذلك فأن الذي يؤمن بالعلمانية بديلا عن الدين ولا يقبل تحكيم الشرعية الإسلامية في كل جوانب الحياة ولا يحرم ما حرم الله يعتبر مرتدا ولا ينتمي إلى الإسلام والواجب إقامة الحجة علية حتى واستتابته حتى يدخل في حضيرة الإسلام وإلا جرت علية أحكام المرتدين المارقين في الحياة وبعد الوفاة .